خبراء يجيبون.. ما وراء إعفاء "جوبا" من المساعدات الأمنية الأمريكية؟
أمريكا ليس لديها معايير واضحة للحظر ولا تفرط في مصالحها الشخصية
تخوفات من تسخير “جوبا” للدعم الأمريكي لصالح الحركات الدارفورية المتمردة
استطلاع – إلطاف حسن الجيلي (smc)
انتقدت تقارير أمريكية إقدام إدارة الرئيس “أوباما” على إعفاء جنوب السودان من الحظر على المساعدات الأمنية الأمريكية رغم أنها تقوم بتجنيد الأطفال، في تجاوز واضح مع القانون الأمريكي الذي ينص على أن يتم حظر معاملات الحكومة الأمريكية الأمنية والعسكرية مع أية دولة يتضح أنها تنجد الأطفال في قواتها المسلحة أو الجماعات المسلحة. وترى التقارير أن قانون منع تجنيد الأطفال الأمريكي للعام 2008م يتضمن ثغرة تمكن من إعفاء الدول التي تجند الأطفال، وهو ما فعله “أوباما” بالضبط مع جنوب السودان.
المركز السوداني للخدمات الصحفية أجرى استطلاعاً مع عدد من المختصين في العلاقات الدولية، لبيان وجهة نظرهم حول الخطوة الأمريكية وما تمثله بالنسبة للأوضاع في جنوب السودان، وتحليل السياسات الأمريكية تجاه دول المنطقة.
واتفقت آراء الخبراء على أن الولايات المتحدة تتعامل بانتقائية في تنفيذ القوانين التي تتعلق بالدول الأخرى، خاصة إذا كانت تتعارض مع مصالحها الشخصية التي تحرص عليها بصورة قوية، فيما يرى آخرون أن مثل هذه الإعفاءات ربما تقودها إلى اتهامات بإشعال الحرب وتعريض المواطنين للكوارث الإنسانية.
ولم يستغرب د. “إبراهيم أحمد آدم” خبير العلاقات الخارجية والإستراتيجية قيام إدارة “أوباما” باستثناء جنوب السودان من المساعدات الأمنية، خاصة أن أمريكا ليس لديها معايير واضحة للعقوبات التي تخضع لتقديرات سياسية أكثر من أنها تتعلق بحقوق الإنسان، بجانب أنها لا تقدر مجهودات الدول المتعلقة بالاهتمام بحقوق الإنسان أمام مصالحها الخاصة. وأضاف أن مواطن دولة الجنوب لا يتقبل دعم التمرد ضد السودان، لأنه يعتبره امتداداً لدولته ولذا من المتوقع أن تكون هناك مناهضة لأي دعم عسكري يؤثر على علاقة البلدين، كما أنه يزيد من اشتعال الحرب الأهلية بالجنوب.
وأكد العميد (م) “أحمد أبو شنب” المحلل الإستراتيجي والعسكري، أن علاقة الولايات المتحدة مع جنوب السودان تخضع لحسابات دقيقة بعد أن تأكدت من فشل حكومة “سلفاكير” من تحقيق الاستقرار في بلادها، وبالتالي تمرر مصالحها في المنطقة عبرها. واعتبر أن أي دعم لجوبا يعني دعم حركات دارفور المتمردة وتقويتها، وهذا يقود إلى توتر الأوضاع الأمنية الذي تعتبر “جوبا” نفسها المتضرر الأول منه، داعياً منظمات المجتمع المدني بضرورة إرسال رسائل واضحة للإدارة الأمريكية برفض هذه الإعفاءات العسكرية التي تشجع في المقام الأول جوبا على الاستمرار في تجنيد الأطفال.
واعتبر الدكتور “عثمان أبو المجد” الخبير الإستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الخطوة، بأنها تخدم وتدعم موقف “سلفا كير” ضد المعارضة وشعبه، كما أن استمرار المساعدات الأمنية ستمكنه بشكل مباشر من الاستمرار في دعم حركات التمرد السودانية، وهذا بدوره يؤدي إلي تدهور الأوضاع الأمنية وتزايد الانتهاكات الإنسانية بالجنوب، خاصة بعد تجدد الحرب الأهلية مؤخراً. واستبعد إنفاذ ذلك القرار حفاظاً على مصالح الولايات المتحدة.
وحول التخوفات من أن يشجع الدعم الأمريكي “جوبا” من الاستمرار في دعم الحركات المتمردة السودانية، قال “أبو المجد”، إن نظرة الولايات المتحدة للسودان الآن تغيرت إيجابياً ولا يمكن أن تخضع لرأي أو أي محاولات سياسية أو اقتصادية يتضرر منها السودان خاصة، وأنها فقدت الأمل في دولة الجنوب على الرغم من أنها خططت لانفصاله عن السودان.
أما “قطبي المهدي” الخبير الإستراتيجي فقد أوضح أن إعفاء “جوبا” من الحظر على المساعدات الأمريكية يؤكد توطيد العلاقات بين “واشنطون” و”جوبا” الذي يحقق المصالح الأمريكية الشخصية من خلال وجودها بالمنطقة، وأشار إلى أن الإعفاء لا يتواءم مع الحالة التي يعيشها جنوب السودان. فيما اتهم أمريكا بالسعي لفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط من خلال دعمها لجوبا، وتقديم بعض المساعدات الأمنية والعسكرية ومن خلال الضغط على أصدقائها لتفعيل العقوبات المفروضة على بعض الدول. وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية لها وجود كبير بجنوب السودان أسهم في تحقيق هذا الإعفاء غير المبرر.
واستبعد السفير “الرشيد أبو شامة” إعفاء الولايات المتحدة لجوبا من الحظر على المساعدات الأمنية الأمريكية، خاصة أن “واشنطن” تعيش فترة انتخابات وليس لديها الوقت الكافي لإنفاذ مثل هذه القرارات. وقال إن الغرض من هذه التقارير خلق رأي عام يخدم مصالحها الشخصية، فضلاً عن أنها تريد أن تغتنم فرصة الانتخابات بكسب المنظمات الدولية المناوئة للسودان وتمارس عليها ضغوطاً، خاصة أنها تشكل قاعدة عريضة في الانتخابات الأمريكية التي قارب موعدها المقرر لها في نوفمبر المقبل. وأضاف أن مثل هذه المسائل تأخذ وقتاً طويلاً ولن تجد الفرصة الكافية لإنفاذها. وقال إن أي دعم عسكري أو أمني لدولة جنوب السودان بلا شك يؤكد تراجعها عن موقفها الخاص، بفرض العقوبات على الأشخاص المتسببين في إثارة الصراع الجنوبي.