رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الدكتور "محمد مصطفى الضو" لـ المجهر(2-2)
كثير من اللاجئين يقصدون السودان طلباً للأمن وطيبة شعبه
زعزعة استقرار السودان يعني الفوضى من البحر المتوسط وحتى المحيط الهندي
اقتصاد السودان لا يعتمد على الدولار ويمتلك مقومات تقيه من شبح الانهيار
إذا كان خبراء الاقتصاد يرهنون ارتفاع سعر الدولار مؤشراً لانهيار الاقتصاد فعليهم مراجعة هذه النظرية
حوار- وليد النور
وجه رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان اتهاماً إلى دول الشمال بأنها عمدت إلى إفقار دول الجنوب بنهب ثرواتها، مما جعل مواطني الدول النامية يهربون إليها طلباً للرفاهية. وتابع أن الهجرة في العالم قديمة ولكنها زادت في الفترة الأخيرة بسبب الحروب. ودعا إلى ضرورة تعميم فكرة القوات المشتركة السودانية التشادية إلى كافة دول الجوار، وسخر من الخبراء الاقتصاديين الذين يعتبرون أن ارتفاع الدولار هو المؤشر الرئيس في تقوية الاقتصاد وانهياره، واعتبر أن الاقتصاد السوداني محصن من الانهيار عبر الإنتاج والإنتاجية. وقال إن السودان حالياً يشكو من كثرة الإنتاج، مشيراً إلى أن الزيادة الكبيرة في أعداد الموظفين تمنع الزيادة ولو قرشاً واحداً.
{ إلى أي مدى ساهمت جهود الحكومة في الحد من الهجرة غير المشروعة بنشر القوات المشتركة في الحدود مع تشاد؟
-سياسة القوات المشتركة السودانية التشادية أثبتت فاعلية وجدوى في تأمين الحدود وضبط الحركة على الحدود لاسيما هنالك كثير من التوصيات التي صدرت من لجان المجلس الوطني وقياداته، أن تستمر الدولة في هذه السياسة مع كل الدول التي بيننا وبينها حدود مشتركة وهو عمل يؤدي لتعزيز التعاون المشترك وضبط حركة الحدود، بما يحقق الأمن والاستقرار في كل هذه البلدان بينها والسودان وكذلك يحقق أهدافاً أخرى، وحركة الهجرة فيها شق كبير جداً إنساني وهذا الشق الإنساني تتعامل معه الحكومة بجوانب إنسانية، وهي قضية مهمة ومتوافق عليها.
{ ولكن بعض الدول لا تتعامل مع الشق الإنساني؟.
-توجد بعض الدول التي تحاول أن تتنصل من مسؤوليتها الإنسانية تجاه اللجوء والنزوح وحركة السكان والسودان يضطلع بمسؤولية كبيرة في هذا الجانب، أولاً لأنه بلد يقصده الكثير من اللاجئين يأتون لأنهم يجدون فرصاً للعمل في مجالات مختلفة، بجانب الأمن والاستقرار والتعامل الطبيب من أهل السودان بطبيعتهم الطيبة، لذلك كثيرون يفضلون البقاء في السودان.
{ولكن بعض هؤلاء اللاجئين يعتبرون السودان محطة عبور فقط؟
-صحيح بعضهم يتطلع للذهاب إلى الخارج وهذه قضية مربوطة بإشكالية دول الشمال والجنوب، لأن دول الشمال الصناعية والغنية ذات الرفاهية العالية، أصبحت مركز جذب مقابل سكان دول الجنوب التي تعاني الفقر والنزاعات وعدم الاستقلال الأمثل للثروات. وكثير من البحوث تعزي التحرك من دول الجنوب إلى الشمال إلى السياسات التي مارستها بعض دول الشمال تجاه دول الجنوب التي أدت إلى إفقارها، وتزايد نسبة البطالة وارتفاع نسبة الفقر وبعضها حتى تجاه الموارد التي في هذه الدول يعتبرونها سياسة غير حكيمة وغير عادلة. وهنالك بحوث ودراسات تعتقد أن هنالك دوراً لدول الشمال تجاه دول الجنوب، ويجب أن تعمل على تنميتها واستقرارها وإخماد كل فرص النزاع والتنازع واجتثاث جذورها حتى تستقر هذه الشعوب في مواطنها الأصلية.
{ولكن قضية الهجرة قديمة؟
-قضية الهجرة قديمة قدم الإنسان، ولكن اشتدت في الآونة الأخيرة وأصبحت عملية مهلكة حتى للإنسان نفسه الذي يعرض نفسه للخطر بحثاً عن وضع أفضل، فهذا أمر يدعو أن تتضافر كل الجهود وضبط عملية الهجرة وتنظيمها، والتعامل مع إفرازاتها الإنسانية يحتاج إلى استحقاقات كبيرة جداً.
{هل للغرب دور في أسباب الهجرة غير الشرعية؟
-نعم له مسؤولية والمجتمع الدولي يتحمل ذلك كاملاً والسودان في هذا الأمر يضطلع بدور كبير جداً والآن عدد اللاجئين والنازحين يكاد يصل إلى ملايين مهولة والسودان يتحمل كل هذه الأعباء، وهذا له أثر ودور كبير في تنظيم مسألة الهجرة باعتباره نقطة عبور وهذا يقدم خدمة كبيرة جداً لدول الساحل الشمالي للبحر المتوسط وغيره من الدول، لأن الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط أصبح مهدداً أمنياً للدول الأوربية، وبالتالي له أثر على السياسة الأمريكية واقتصادها. والسودان مؤهل للعب هذا الدور بحكم موقعه الجغرافي ووسطيته وطيبة أهله وبحكم حركة السكان التي تصله بغرض العبور. كل هذه العوامل تجعل من السودان يمكن أن يكون له دور مهم ولكن هذا الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود وتعاون مع السودان، وأن تسعى كل هذه الدول من أجل أمنها هي لاستقرار السودان وليس لتأجيج الصراع أو افتعال الإشكاليات، بدعاوى لا أساس لها من الصحة غير ابتغاء الفتنة وإضعاف الدولة.
{وهل تستفيد هذه الدول من ضعف السودان؟
-إضعاف السودان لن يستفيد منه أحد لا دولة ولا جماعة لأنه يعني فوضى من البحر الأبيض المتوسط وإلى المحيط الهندي، وكذا إلى البحر الأحمر وإلى قلب أفريقيا وهذا له أثر كبير جداً على الأمن القومي لكل هذه الدول وعلى الاستقرار والملاحة الدولية، ويمكن أن نسرد كثيراً من هذه المخاطر لذلك هنالك جهات كثيرة عقلانية ترى أنه لابد من مساعدة السودان.
{ولكن هل السودان يستطيع لعب دور في استقرار المنطقة؟
-نعم السودان مستعد للعب دور إيجابي ولكن دون أن يتخلى عن قيمه ولا عن إنسانيته مهما حدث، ولكن لن تكتمل هذه الجهود إلا بالتعاون المشترك والكف عن محاولة النيل من استقرار هذا البلد لأن هذا لن ينتفع أحداً.
{هنالك سودانيون في ليبيا وبعض الدول الأخرى يعرضون أنفسهم للغرق والخطر من أجل الوصول إلى أوربا؟
-الإنسان يتحرك بحثاً عن حياة أفضل، فأنت لا تملك سوى أن تقدم له النصح والتوجيه، واعتقد سفارات السودان بالخارج مستعدة لمساعدة الناس للعودة إلى بلدهم ولكنها لا تستطيع منعهم من ركوب البحر غير أن ترشدهم، فهذا خيارهم نسأل الله سبحانه وتعالى أن كل السودانيين في كل العالم ليس لهم مكان في الأرض أكرم من هذا البلد، وليس لهم أهل أكرم من أهلهم وذويهم فليراجعوا أنفسهم ويعودوا لهذا البلد الطيب .
{هنالك أعداد كبيرة من اللاجئين بالبلاد كيف التعامل معهم مستقبلاً؟
-السودان فيه أعداد كبيرة من اللاجئين والحكومة تتحمل مسؤوليتها اتجاههم ولن تحرمهم من أي مساعدة تأتي إليهم من أي جهة كانت، وكل المنظمات الدولية العاملة تساعد الإنسان في أي مكان في هذه البسيطة وهذا حق من حقوقه، والحمد لله السودان هذا العام والعام الماضي يعاني من كثرة الإنتاج ووفرته، نسأل الله أن يديم الوفرة والحمد لله.
{ولكن رغم الوفرة هنالك ارتفاع في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه.
-السودان بلد اقتصاده لا يعتمد على الدولار لأنه يمتلك مقومات داخلية تقيه من أي اختناق، وعندما أقول اختناقاً أقصد فقدان الأكسجين الذي يؤدي لانهيار الإنسان وقتله. وأؤكد أنه لن تحدث قضية اختناق في السودان لأن هنالك محركات ذاتية وأموراً ليست في يد أحد، فلذلك السودان ترى فيه هذه المفارقات، يمكن أن تجد الخضروات بلا زمن في موسم من المواسم مهما بلغ الدولار، ويمكن أن تصبح بعض السلع غالية لندرتها.
{ولكن هذه حقيقة هناك ارتفاع كبير في أسعار السلع؟
-مع يقيني أن هنالك تضخيماً للأشياء بالذات من الصحافة والإعلام، كثير من الناس بسبب الإعلام الذي أضلهم في الجانب الاقتصادي يعتبرون أن سعر الدولار هو المؤشر الأوحد لسلامة الاقتصاد، وهذا أمر غير صحيح، مؤشر سعر صرف العملة هو جزء من عدد من المؤشرات الأخرى ولا أستطيع إعطاءه نسبة (15%) حتى ولكن عافية الاقتصاد الحقيقية في الإنتاجية والإنتاج، في تحريك الموارد وتحويلها لقدرات حقيقية وتوظيفها لتحقيق أهداف الاقتصاد المتمثلة في محاربة البطالة والفقر وتحقيق الرفاهية، لذلك السودان غني بهذه الجوانب وللأسف الشديد الإعلام إذا زاد الدولار (500) جنيه كأن البلد مقبلة على انهيار، وهذه الصورة انطبعت في أذهان كثير من المثقفين وأنا أقول بملء فمي، ليس الدولار هو المعيار فحسب وها هي روسيا سعر الدولار فيها يساوي (64) روبل، وتركيا كم يساوي الدولار لديها وقد أحرزت تقدماً، فإذا تمسكنا بقضية الدولار سندخل الناس في معادلة هي ليست المعادلة الموجودة على أرض الواقع في السودان.
{ ولكن الإعلام ينقل كلام الخبراء الاقتصاديين في ارتفاع وانخفاض أسعار العملات ولم يختلق الارتفاع من خياله؟
-إذا كان هنالك خبراء يقولون هذا أنا أقول لهم بملء فمي نحن كجيل جديد مطلع على ما يدور في العالم يجب أن يراجعوا هذه النظرية، فهذا لا يقدم البلد لأن قبضة الدولار أيضاً وأنت تتحدث عن إنتاجية كونك تقبض الدولار لديك بسعر غير حقيقي هذا يعطل حركة الصادر، وتعطيل حركة الصادر تعمل في التيار العسكي للاستفادة من الإنتاجية وتؤدي إلى كساد والكساد يؤدي لتقليل الإنتاج ونحن نحتاج لحركة، وحركة الاقتصاد فوائدها كثيرة جداً لأن معناها تحريك العمالة وعدم البطالة فمثلا (العتالي يجد شوالاً يرفعه وسائق عربة الأجرة يجد حاجة ينقلها وعامل الغربال يجد حاجة يغربلها وتاجر الخيش، ستجد حركة عامة في الاقتصاد وكذا عامل الورنيش إذا ارتفعت الأسعار يرفع السعر لوحده وعامل البناء وكذلك التاجر. الخ …) فضلاً عن صادرات الذهب تعود بعملة صعبة الشيء الآخر انعكاسه على المجتمع.
{وأين أصحاب الدخل المحدود في هذه المعادلة؟
-نحن لدينا خلل في معادلتنا الداخلية لأن التوظيف تقوم به الدولة لذلك أصبح عدد الموظفين في الدولة ضخماً جداً فأصبح هؤلاء وأصحاب الدخل المحدود وللأسف الشديد هذا القطاع أصبح قطاعاً ضخماً لابد أن ننمي القطاع الخاص، بإنشاء شركات واستثمارات تستوعب الناس حتى لا يعتمد جل المواطنين على المرتبات، وإذا حاولت الدولة زيادة المرتبات قرشاً واحداً سيكون المبلغ كبيراً جداً. لذلك الصوت الذي يرتفع مع ارتفاع الدولار هو صوت أصحاب الدخل المحدود لكن بقية القطاعات معدلة تلقائياً ولابد أن نبحث عن معالجات، وأنا لا أعتقد أن المشكلة في أن الدولار أصبح بكم، ولكن يجب أن تكون هنالك إنتاجية وإنتاج واقتصاد متحرك صادر وميزان مدفوعات متوازن، يمكن أن يحقق فائضاً، وهذه تعطي نقاطاً إيجابية في تطور الاقتصاد، ولكن إذا خلقت كساداً فالكساد سيخلق بطالة أنا هكذا أدمر الاقتصاد، لذلك أنا أدعو جميع السادة الذين يتحدثون في الاقتصاد أن يراجعوا هذه النظرية، ويمكن أن نقدم فيها أوراقاً علمية لكثير من الدول.