رأي

بعد.. ومسافة

مؤتمر الحزب الشيوعي.. بالمكشوف (!)
مصطفى أبو العزائم

ما كتبناه قبل أيام في هذه المساحة عن استقالة الأستاذ “كمال الجزولي” من مركزية الحزب الشيوعي السوداني، فجّر ينابيع الإعجاب لدى بعض الرفاق ممن نعرف، وأثار حفيظة البعض ممن نعرف ولا نعرف، لكنهم تحفظوا في إبداء آرائهم كتابة حتى لا يتهموا – وفق رأينا – بأنهم مروجون لسياسات الحرس الأحمر القديم.
..ما علينا.. بحكم علاقات قوية ومتينة مع بعض الرفاق داخل الحزب الشيوعي السوداني، وصلني التقرير الختامي للجنة التحضيرية للمؤتمر السادس للحزب، والمقدم لاجتماع اللجنة المركزية دورة أكتوبر 2016م، وقد حوى معلومات مفصلة عن تكوين اللجنة التحضيرية، إضافة إلى المالية التفصيلية للمؤتمر السادس من حيث الإيرادات والمنصرفات، إلى جانب الصعوبات التي واجهت اللجنة وتقييم عملها من حيث الإيجابيات والسلبيات، وأثر غياب ميزانية الحزب على العمل المالي، وتفاصيل أخرى عن عمل بقية اللجان، لكننا رأينا ألا نقف عند ذلك كثيراً، على اعتبار أنه شأن حزبي داخلي، لا تصح لنا مناقشته على الهواء الطلق وقيادة الحزب ولجنته المركزية رأوا أن يناقش في الجلسات المغلقة.. ولكن..
عندما تدخل (ولكن) هذي عن نهاية فقرة ما تناقش شأناً خطيراً وسرياً داخل حزب أو منظمة أو كيان لا يعرف الناس الكثير عنه، تتسع العيون وتنفتح الآذان، وتتدفق حالة حب الاستطلاع في مجاري الدم، وتحفز العقل والقلب معاً لمعرفة التالي.. والتالي هو تطورات ما بعد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني، والتي تمثلت في استقالة مجموعة من قطاع الأطباء بالحزب من عضويته، والتي سبقتها استقالة عضو بارز يعتبر من رموز وأيقونات الفكر والثقافة داخل الحزب الشيوعي السوداني وخارج أطره، وهو الأستاذ “كمال الجزولي” وسبقه أيضاً (فصل) لعدد من القيادات الحديثة مثل الأستاذ “الشفيع خضر” وآخرين..
استقالة الأطباء أحدثت ربكة تداعت لها لجنة منطقة الخرطوم المديرية للحزب الشيوعي وعقدت اجتماعاً استثنائياً في (19) أكتوبر الحالي شارك فيه (21) عضواً ممثلين من المركز، كان من بينهم اثنان من أعضاء اللجنة المركزية هما الأستاذ “ميرغني عطا المنان” والأستاذ “محيي الدين الجلاد”، إضافة إلى آخرين أبرزهم الأساتذة “عمار حسن”، “هيثم عمر النور” “أمل سليمان”، “صلاح سيد أحمد”، “معاوية خالد”، “عادل عمرين”، “محمد يوسف”، “أبو الفتح موسى” و”بشير عبد الصمد”، وقد ناقش الاجتماع وفق المعلومات التي وردت إلينا من داخل حصن الرفاق الأحمر، ناقش استقالة الأطباء، وتمت قراءة خطاب داخلي للمكتب السياسي عممه على لجان المناطق والفروع والمكاتب، كان عنوانه (اليقظة والحذر.. لهزيمة مخططات أعداء الحزب) وقد تكرم أصدقاؤنا من القبيلة السياسية الحمراء بمدنا بصورة من ذلك الخطاب.. لكن ذلك ليس بالمهم، إذ أن الأهم هو وصف المكتب السياسي لمجموعة الأطباء بأنها (مجموعة تصفوية)، مع إدانته للاستقالات الجماعية من قطاع الأطباء، والعمل على تقليل قيمة موقف هؤلاء الأطباء الشباب وتكذيب ما ورد من أسماء في قائمة المستقيلين، على اعتبار أن اثنين منهم نفيا نفياً قاطعاً علاقتهما بالرسالة في وسائل الإعلام، وهما د.”مأمون خضر” و”نهلة جعفر”.
الأهم من كل هذا وذاك هو ما توصلنا إليه في قراءتنا لواقع حال الحزب الشيوعي السوداني في المقال السابق، والتي توقعنا فيها تأسيس حزب يساري جديد يحمل اسم (الحزب الاشتراكي السوداني) – مثلاً – وقد طلب الاجتماع الاستثنائي مراجعة المستقيلين ومناقشتهم بصورة فردية، لأن تقديم الاستقالات بهذه الطريقة هو مؤشر على نية هذه المجموعة لبناء حزب جديد.
صديقي الذي حمل إليّ الأوراق والوثائق والخطابات، قال لي إن قراءتك كانت استباقية.. وهو سيصبح من أعضاء الحزب الجديد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية