رأي

بعد.. ومسافة

السودان.. دموع التماسيح والأسلحة الكيمائية
مصطفى أبو العزائم

عندما سألني مقدم برنامج (مانشيتات سودانية) في الفضائية الناهضة الجديدة (سودانية 24) عن تقرير منظمة العفو الدولية حول استخدام السودان للأسلحة الكيمائية المحرمة دولياً في دارفور، وتحديداً في منطقة جبل مرة، رددت عليه بالتكذيب الصادر عن قائد قوات اليوناميد الذي دحض فيه كل الاتهامات الموجهة للقوات المسلحة السودانية باستخدام الأسلحة الكيمائية، والذي صدر في التاسع من أكتوبر الحالي، وهو من أسرع الردود والتكذيبات لتقارير منظمة العفو الدولية، لكن هذا جعلني أحاول البحث في العلاقة ما بين هذه المنظمة وما بين السودان، لاكتشف أن العفو الدولية ظلت منذ العام 1983م، في حالة حرب صامتة تسعى من ورائها إلى “توريط” الخرطوم في كل ما يشين ويدين أمام المجتمع الدولي، وقد كان أول تقرير سالب يدين الخرطوم عقب إعلان الرئيس “نميري” – رحمه الله – لتطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983م، عندما أصدرت هذه المنظمة تقريرها المعروف باسم (دموع التماسيح).
ظلت كل تقارير منظمة العفو الدولية تسعى لإدانة السودان منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، وهي واحدة من المنظمات التي أججت الرأي العام العالمي ضد نظام الحكم في الخرطوم ليناصر قضية دارفور مع بداياتها، وقد انساق لها – للأسف الشديد – أصحاب الأجندة السياسية، بل وسعى بعضهم إلى تغذيتها بالمعلومات الخاطئة، والصور (المفبركة) حتى أننا سعينا مجموعة من الصحفيين والكُتاب إلى تفنيد تلك الاتهامات الخاصة بالصراع العرقي في دارفور، فعكفنا على إعداد كتاب صدر باسم (دارفور الحقيقة الضائعة)، وتمت ترجمته إلى الإنجليزية والفرنسية، وأعيدت طباعته عدة مرات، ولم تبق لصاحبكم نسخة واحدة حتى ليزيد بها أرفف مكتبته.
ما علينا.. في العام 2004م، زرت أوروبا وكانت (لندن) أول محطات الزيارة، ورغم أن رحلتنا تلك كانت تلبية لدعوة كريمة من المجلس السوداني القومي في بريطانيا وشمال إيرلندا، الذي يرأسه الشيخ الدكتور “إبراهيم الطيب الريح”، أمد الله في أيامه، إلا أننا شهدنا خلالها مناشط عدة وشاركنا في الكثير من الندوات المرتبطة بالشأن السوداني، لكن المفاجأة التي انتظرتنا هناك في لندن وعمت كل العواصم الأوروبية، وانتقلت بعدها إلى العواصم الآسيوية والأفريقية، كانت هي الملصقات الداعية إلى مناصرة قضية دارفور مع استخدام صور مؤثرة، ملأت كل الشوارع ومحطات القطارات والأندرقراوند، ومداخل الحدائق العامة، وكان وراء تلك الحملة هذه المنظمة المعروفة باسم منظمة العفو الدولية.
قبل ذلك قادت ذات المنظمة حملة منظمة وقوية في العام 1978م، ضد السودان بمزاعم تجارة الرق، وحركت أصحاب الضمائر السياسية ليستغلوا القضية، في محاربتهم لنظام الحكم بالسودان، ولكن تم دحض المؤامرة بمجهودات دبلوماسية وإعلامية خارقة وخارجة عن المستوى المعتاد، حتى تراجعت الاتهامات.
منذ العام 2003م، منظمة العفو الدولية تحرص على أن يبقى السودان تحت البند الرابع للعقوبات في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، وعملت على ذلك في العام 2013م، لتفاجئ العالم بعد ذلك بعامين بقضية القصف الجوي للمدنيين ثم قضية تابت، إلى أن بلغت الآن من إدعاءات حول استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيمائية في دارفور.
ينكشف لنا حجم الخيانة والدور القذر الذي يقوم به بعض أدعياء النضال في الداخل بالترويج لمثل هذه المزاعم، بل ومد مثل هذه المنظمة بالمعلومات الكاذبة والتسويق للاتهامات داخلياً وخارجياً مع تحركات مشبوهة لأدعياء النضال وتظاهرات إعلامية لبعض أبناء دارفور وجماعة “عبد الواحد محمد أحمد النور” في إسرائيل.. هذا في الوقت الذي تم فيه تطهير كل جبل مرة من قوات “عبد الواحد” فتفرقت (شذر مذر)، بينما العالم لم يعد ينظر إلى هذه الناحية، بعد التطورات الإيجابية التي انتظمت ساحات العمل السياسي في السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية