الأمين العام لهيئة علماء السودان البروفيسور "محمد عثمان صالح" لـ (المجهر):(2-2)
يعتبر بروفيسور “محمد عثمان” مثالاً جيداً للطبقة المحافظة من علماء السودان الذين يتحدثون عن الماسونية ومعاداة الصهيونية وتحرير القدس الشريف، ويبدو من بعيد شخصاً حاداً، ولكنه من قريب رجل ودود بلحية أزهرية وبلون السودانيين.. رجلاً مليئ بالريف إذا تفرست عباراته.. ولقد مر الزمن وهذا واضح من ضحكته، وأمامه مكتبة كبيرة وإن كان لا يقرأ كما كان.. فالزمن للأبناء والأحفاد ولمثل هذه اللقاءات.. وعجبنا له وهو يستقبل الأسئلة المحرجة والصعبة بقلب مفتوح، وكان طوال اللقاء يضحك مثل الناس في البيوت.. لم يخف، ولكنه تردد أحياناً في جلب إجابات شافية لكل سؤال، كان سعيداً بـ (المجهر) تناقشه في الخاص والعام بجرأة طلاب الحقيقة.. فالي الحوار:
{ تقول الحاكمية لله.. كيف تشرح الأمر بواقعية؟
– ينبغي أن تفهم المقولة من مقولة الخوارج التاريخية (لا حكم إلا لله) وإنما في إطار أن مردنا كله لله عز وجل(إن الحكم إلا لله).
{ بمعنى؟
– بمعنى أن الذي يحلل ويحرم هو الله.
{ وما هي المعايير السياسية لهذا المفهوم العقدي؟
– في السياسة ثمة منهج إسلامي وتلبي الشورى كل الأشواق الديمقراطية.
{ كيف؟
– (فقط) توسيع دائرة الشورى ومن جعله أمراً سلطوياً جبرياً، فهو قد حرم ما حلله الله، بل ما جعله منهجاً لمجتمع المسلمين ( وأمرهم شورى بينهم).
{ وأين الآخر من الأمة السودانية المسيحي على سبيل المثال؟
– المواطن المسيحي حقوقه محفوظة بمنهج التفاهم.
{ إذن أنت مع الدولة الدينية؟
– أنا مع دولة المدينة.
{ ولكن العلمانية تقدم رؤية إسلامية تصالحية في العصر الحديث؟
– لن أكون مع العلمانية وهي ذريعة لمن في قلبه دخن (من الدخان).
{ نحن بلد متعدد الأعراق والثقافات.. ماذا تقول؟
– الشريعة الإسلامية رحمة للكل حتى الحيوان (دخلت امرأة النار بسبب هرة).
{ الناس لا يتفقون بمثل هذه المواقف؟
– ليس مسألة رأي، بل الإسلام رحمة مهداة للإنسانية.
{ والآخريييييين من الأديان والرؤى؟
– أنا مؤمن بآليات الديمقراطية، والشريعة الإسلامية ليست طلاء، بل أدوات من التغيير.
{ بمناسبة التغيير لدينا أنواع من الزواج العرفي – المسيار وهلمجرا؟
– الزواج الذي أوصفه الله بأنه مودة ورحمة يحدد كل هذه الأنواع من الحقيقة.
{ هل تقصد أنها ناقصة من ناحية؟
– نعم زواج ناقص إذا لم تتوفر فيه المودة والسكينة.
{ إنهم يستندون على قراءة من قراءات الدين والتفسيرات قد تسمح بأكثر من مفهوم واحد؟
– هذا ليس ديناً، بل تلاعباً.
{ هل أنت معجب بصحابي معين (أنا مثلاً معجب بابي عبيدة عمارة بن الجراح)؟
– بالعشرة المبشرين بالجنة.
{ قتل منهم سيدنا “علي كرم الله” وجهه و”ابن الخطاب” و”ابن عفان”.. ماذا تقول؟
– وجعلنا بعضهم لبعض فتنة أتصبرون.
{ نصيحة شجاعة عبر (المجهر) من أمين عام هيئة علماء السودان لرئيس الجمهورية؟
– امضِ فيما أمرك الله به، وأعلن قيام لجنة دستور إسلامي.
{ أغلب الناس لا يرون في الدستور الإسلامي حلاً لتعقيدات البلد؟
– هؤلاء ليس الذين يعملون علينا فيتو.
{ السياسة تتطور بالوفاق والتراضي كما تعلم البروف صالح؟
– صحيح حل المشكلة يكمن في ما دعا له الإمام الصادق بقيام المؤتمر الدستوري يسبق لجنة الدستور التي ستنجز الدستور.
{ ولكن المؤتمر الدستوري طريق لدولة المواطنة؟
– لن يحدث هذا أبداً.
{ هل ثمة علاقة بين تهجد المسؤول وأداء واجبه في تنمية خدمات الشعب؟
– التهجد مهم للاقتداء.
{ في حوار للكودة بـ(المجهر) قال إن الحريات أهم من إقامة الحدود؟
– (كتر خيرو)، بل نحن نقول إن إقامة الحدود مهمة للحفاظ على حقوق الإنسان.
{ ما رأيك في حرية العقيدة والدين نفسه ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)؟
– الآية الكريمة معناها لا تسبوا الدين ومن يدخل الإسلام فهذا التزام، وإذا خرج لا نقول له كتر خيرك.
{ (تعملوا ليهو شنو)؟
– (يضحك ها ها ها)، ويقول: (لو خرج عندنا معاهو كلام تاني).
{ شاهدت من أعلن خروجه عن الإسلام في ركن بجامعة الخرطوم قائلا: (أنا خارجاً لو كان دا الإسلام) وكان الطالب من دارفور؟
– سمعت بها، وأسف لأهل دارفور أوصلوا الفتنة لتغيير الدين لفتح المجال للمنظمات.
{ الطالب ذكر كلاماً صعباً عما يجري لأهله؟
{ دا زول منافق بس ويمكن أن يبكي، ألم يأتوا بنساء مثلن جريمة الاغتصاب، وهذا لا يمنع أن هناك أخطاء ارتكبت.
{ مازال بعض أئمة المساجد يقرأون الخطب من الكتب الصفراء.. هل أنت راضٍ عن منابر يوم الجمعة؟
– بعض المنابر ينطبق عليها ما قلت، والعلاج تدريب الأئمة والدعاة.
{ لكي يكونوا أئمة موالين مثلاً؟
– لا لا، بل لتبصير الناس بالتي هي أحسن وأقوم.
{ هناك تأكيدات تقول إن العلمانية قد انتصرت؟
– أنا لا أقول إن العلمانية انتصرت، بل العلمانيون أنشط من أهل التوجه الإسلامي.
{ هذا جيل الخدمات والراحة؟
– هم يملئون الدنيا ضجيجاً، وأهل الحق ساكتون.
{ ستقول جعجعة بلا طحين؟
– هي جعجعة بلا طحين، وقد انهزم منهج العلمانية في مصر وتونس والمغرب.
{ هل عندك صفحة في “الفيس بوك”؟
– نعم عندي صفحة في “الفيس بوك”.
{ فضل العلمانية عليك واضح.. ماذا تقول؟
– أكيد هناك ما يفيد أن الأمة الإسلامية والعلمانية صناعة وليست فكراً.
{ هل البديل الإسلامي هو الحل.
– لا أقول البديل الإسلامي الحل في الحل.
{ ماذا تريد أن تقول لعلماء السودان؟
– أدعو العلماء الراغبين كافة في عضوية الهيئة أن يأتوا الينا لملء استمارة العضوية والانخراط في سلك الهيئة.
{ هذا إعلان يا عمنا الشيخ؟
– (يضحك)، خلاص دي مكافأة الحوار.
{ مرة أخرى لمن ترفع أصبعك (في وجه من)؟
– في وجه الحكومة (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
{ أنت حركة إسلامية قدييييم؟
– أنا ولدت في الحركة الإسلامية.
{ أوصف لنا مقاشي (قريتك)؟
– رسمها الشاعر إسماعيل حسن (قبالي)، ( بلادي أنا بلاد ناس بكرموا الضيف حتى الطير يجيها جعان ومن أطرافها شبع بقرة حلوبة تتضرع وساقية تضوي الليل مع الفجراوي).
{ وين الحركة الإسلامية في هذا الشعر الجميل والأصيل؟
– في زمن النميري كانت البلدة مليانة (بالانادي)، ونحن شباب الحركة الإسلامية منعنا ذلك أن يستمر.
{ كنتم الصفوة؟
– وغيِّرنا واقع البلد منذ أوائل السبعينيات مثل عادات الناس، وهذا نتاج الحركة الإسلامية.
{ ماذا قدمت لـ”مقاشي” الطيبة؟
– جددت مسجد الوالد، وأنشأت خلوة قرآنية.
{ إسماعيل حسن (طلعكم) من الصورة الجميلة للبلد لم تكونوا جزءاً منها، وكان واضحاً حينما قال و(شيخا ورع)؟
– كان إسماعيل حسن شاعراً سياسياً.
{ لدي رغبة غير محايدة لأقول (عجبنا ليكم)؟
– قل ما تريد لأنك لن تقول أكثر مما قلته.
{ (زعلت) يا شيخ.. طيب قل أنت ما تريد؟!
– أوصي (يا رئيس ينبغي أن ينتهي عهد الدغمسة وفوراً).
{ انتوا تابعين للحكومة؟
– نحن تابعين لله عز وجل.
{ قصدي هنا في الدنيا دي وفي هيكل دولة جمهورية السودان؟
– نحن هيئة مستقلة لا تتبع لرئاسة الجمهورية.
{ قلت تعملون مجاناً؟!!!!
– نعمل مجاناً فمن يحاسبنا؟
{ هل تقبل برئيس مواطن مسيحي؟
– لا أقبل، وأين الديمقراطية إذا كانت نسبة المسلمين 98%.
{ وهل تقبل بحكم الديمقراطية دائماً؟
– لا أقبل بها دائماً لأنها مليئة بالألغاااااام
{ هل يأتي اليوم الذي تسير فيه جماعة من المثليين في الشوارع لإعلان حقوقهم الإنسانية.
– اللهم لا تجعلني حياً في ذك اليوم ( ولن يأتي ذلك اليوم).
{ ينبغي أن يندهش طالب مثلك جاء من (مقاشي) ودخل بريطانيا في زمن الستينيات؟
– لم أصب بصدمة حضارية لأنني صاحب خيال واسع.
{ كنت طالباً من أفريقيا.. هل تعرضت لإساءة عنصرية؟
– أذكر كالبارحة كنت واقفاً في محطة البص فرمقتني عجوز، وقالت بتأففare you still here (هل ما زلتم أنتم هنا)؟
{ لماذا لم ترد؟
– شهدت في (هايد بارك) أحد الأفارقة رد على استفزاز مشابه وأظنه من نيجيريا، وقال لذات الموقف جئتم بلادي (139) عاماً، ولدي معكم عامان، فكم الباقي من السنين.