الـ(غوغو).. سوق الملابس المستعملة
“المرحوم كان قدرك”
المجهر -خالد الفاضل
في الجهة الشرقية من السوق الشعبي أم درمان وبالتحديد بالقرب من موقف سفريات كوستي وربك يوجد سوق الـ(غوغو)، حيث تحتل مجموعة من (العناقريب) المتراصة جنباً إلى جنب مساحة كبيرة تعرض عليها كميات كبيرة من الملابس المستعملة (بناطلين وقمصان).. والـ(غوغو) لمن لا يعرفون هو الملابس المستعملة التي تستورد من خارج السودان في شكل طرود كبيرة سعة الواحد ما بين مائتين إلى ثلاثمائة قطعة ويباع الطرد لتجار القطاعي بحوالي (٢-٣) آلاف جنيه حسب الجودة.
وحسب إفادة تاجر (غوغو) بالسوق الشعبي فإن الملابس المستعملة تستجلب من السعودية، حيث يتم هناك تجميعها بالقطعة وترسل إلى السودان في شكل طرود وتدخل عبر مينائي سواكن وبورتسودان وجزء آخر يدخل البلاد عن طريق البر من كمبالا وشاد، وهنالك من أخبرني بأن بعضها يأتي في شكل إعانات من دول غربية للكنائس.
{ شهرة
أشهر أسواق الـ(غوغو) بولاية الخرطوم، سوق ستة بالحاج يوسف وهو أشهرها على الإطلاق، وسوق ستة بمنطقة مايو وأخيراً السوق الشعبي أم درمان الذي يعدّ مركزاً كبيراً لهذا النوع من البضائع. ينقسم سوق الـ(غوغو) إلى قسمين، قسم للملابس الأعلى جودة والأقل استعمالاً، وهذه يتراوح سعر القميص منها ما بين السبعين والستين جنيهاً.. أما القسم الثاني فهو للملابس الأقل جودة التي يعتمد بائعوها على الترويج لها بالنداء وتتراوح أسعارها ما بين الـ(٣٠، ٢٠ و١٠ جنيهات). وبالنسبة لأسعار البناطلين فهي تعتمد على تقدير البائع كما يقول أحد تجار الـ(غوغو)، ويضيف: (لدينا بناطلين بماركات عالمية تركية وأمريكية وأغلب هذه الملابس تأتي من أوروبا، وهناك شركات كبرى تعمل في هذا المجال لذلك نضع الأسعار للبناطلين حسب الجودة، لكنها في الغالب لا تتجاوز الـ٦٠ جنيهاً).
{ قوة شرائية
تجد أسواق الملابس المستعملة إقبالاً كبيراً من المواطنين، ويظهر هذا الإقبال من خلال الحركة النشطة داخل السوق وتحلق أعداد كبيرة من الزبائن حول أكوام الملابس ينبشونها بحثاً عن ما يناسب أذواقهم ومقاساتهم.. وبالتأمل في الزبائن تلاحظ أن أعمارهم متفاوتة ما بين العقد الثاني والثالث والرابع.. واحد من الزبائن ويعمل مهندساً ميكانيكياً في إحدى الشركات الكبرى قال وهو منهمك في تقليب كوم الملابس: (الغوغو يتميز بخامات متينة وقطنية مائة بالمائة وتعيش لسنوات وأسعارها أقل بكثير من أسعار الجديد، ويمكنك أن تشتري قميصاً مستعملاً بسعر “٤٠” جنيهاً بل يمكن أن تشتري بـ”٢٠” جنيه ولكن بجودة أقل طبعاً.. بالنسبة للمخاطر الصحية في رأيي الغسيل الجيد والمكواة تقللها كثيراً). ويضيف: (الملابس الجديدة كلها رديئة الخامة وأسعارها مرتفعة جداً وقد يصل سعر القميص إلى “٢٠٠” جنيه مع أنها لا تعيش طويلاً).. وقال إن المشكلة الوحيدة في بنطالين الـ(غوغو) أنها تأتي بتفصيلات قديمة ومقاسات كبيرة مما يضطرنا لإعادة تفصيلها، ويوجد ترزية بالقرب من السوق تخصصوا في إعادة تفصيلها.. صديقه الذي كان منشغلاً أيضاً باختيار ما يناسبه قال لي: (أسواق الغوغو موجودة في كل مكان في العالم، لديّ صديق سافر إلى ألمانيا ووجد بها أسواقاً كبيرة للملابس المستعملة بأسعار زهيدة، وفي الهند أيضاً يوجد مجمع كبير يطلق عليه “بالبكا بازار” يعمل في بيع الملابس المستعملة).
{ “المرحوم قدرك”
سألت أحد تجار الـ(غوغو) عن سر التسمية فقال: (لا أعرف بالتحديد ولكنه مصطلح يشبه لغة الرندوك التي يتحدث بها الشماسة).. وأضاف ضاحكاً: (البعض يسمي سوق الملابس المستعملة “المرحوم كان قدرك” ولكن طبعاً هذا ليس صحيحاً فليس بالضرورة أن يكون صاحبها ميتاً، ففي الدول الغربية يهتمون بالموضة لذلك يغيرون ملابسهم كل عام).. سألته: (ولكن هل صحيح الأثرياء أيضاً يشترون الغوغو؟) فأجاب بسرعة: (نعم، وهم يهتمون جداً بالماركات العالمية ومتانة الخامة).
{ عيب
زبون آخر قال إنه اشترى الـ(غوغو) مضطراً لسعره المنخفض لكن مخاطرها في باله فحسب المختصين في مجال الصحة الملابس المستعملة خطرة وتتسبب في نقل أمراض فتاكة، (لكن ماذا نفعل العين بصيرة والإيد قصيرة.. الملابس الجديدة أسعارها نار المرتب بكامله لا يكفي لشراء بنطلون وقميص).