هل هو الرجل المناسب للحوار مع (قطاع الشمال)؟! : "كمال عبيد" في أديس.. آخر العلاج (الكَيْ)
كتب الدكتور “كمال عبيد” مقالات عالمية حول الايدز والمرأة والمدن النظيفة، ومواضيع شتى تضيء الوجه الآخر بعد الإثارة التي أحدثتها عباراته ولقاءاته. وفي الفقرة القادمة يكتب عن المرأة الأفغانية المعذبة، وبالتالي تمثل الفقرة تفاؤلاً مقبولاً لما تسفر عنه التفاوضات مع قطاع الشمال. ويدل هذا الوجه الإنساني أن الحكومة مرتبة ولا ترتهن لأي غبار لمنع الرؤية السلمية في تحديد موقف ومسار البلد الذي لا يخضع لمزاج أفراد أو مواقف. ونقرأ السطور بقلم “كمال” لنتفاهم مع بقية القصة.. (هل “كمال عبيد” الرجل المناسب للحوار مع قطاع الشمال؟!).
)تتـسم حياة المرأة الأفغانية بالفقر والجهل والعنف بمختلف أنواعه، كالضرب والزواج القسري والاعتداء الجنسي والتضحية بالنفس، ويضاف إلى ذلك خطر الوفاة أثناء الحمل أو أثناء الولادة، وتعتبر وفيات الرُضـّع من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث برزت أفغانستان كونها الدولة الأخطر على النساء، والأسوأ من حيث الصحة والعنف غير الجنسي وعدم القدرة على الحصول على الموارد الاقتصادية. فمعدلات الوفيات بين الأمهات عالية جداً، ومحدودية الإمكانيات لاستشارة طبيب مع انعدام الحقوق الاقتصادية، ناهيك عن الحقوق السياسية، والاجتماعية، فيما أثار شريط فيديو يظهر إعدام امرأة بالرصاص جدلاً كبيراً في أفغانستان، فقد خرجت تظاهرة ضمت مائة شخص معظمهم من النساء إلى شوارع العاصمة الأفغانية؛ احتجاجاً على إعدام امرأة أفغانية رمياً بالرصاص)..
الفقرة السابقة تضع كثيراً من الأمل وتزيح الشكوك من شخصية “كمال عبيد” المعروف بالتطرُّف في الحوار مع الجنوبيين بعد حكاية الحقنة، إلى رجل موضوعي عليه هلال الدكتوراه والسياسي الإسلامي المتمرِّس، يصبر على الخصومة، ويدرج المشكلات خطوة خطوة في طريق الحل الناجع.
الشاهد البديع أن خبر قبول الحكومة للتفاوض مع قطاع الشمال أخرج حيتان سامة ترفض التفاوض مع قطاع الشمال بحسبان أن “عرمان” خدع “عبد العزيز الحلو” لإشعال جنوب كردفان. أما “عقار” فحكايته معلومة في النيل الأزرق، حينما ظهرا كأعضاء في الجولات الأولى بأديس، استنكر عدد من الساسة الحكوميين والمواطنين هذا الظهور. ومن جهة أخرى كانت المفاوضات تراوح مكانها في انتظار أي اقتراح. فوزير الدفاع يظهر في أديس، وفي الخرطوم أيضاً خلال ساعات، وهناك جزرة مجلس الأمن بعد مواعيد 2 أغسطس، وبعد رضوخ الخرطوم بتجاوز ضرورة البدء من ملف الأمن تلاه تقدم ملموس في ملف النفط، وتوالت التباشير بقبول الحكومة التفاوض مع قطاع الشمال، وظهور فئات من المجتمع السوداني برفض تنازل الحكومة تبعه تيار عريض من الأئمة والدعاة برفض التفاوض، بل وحررت فتوى تحرم التفاوض مع قطاع الشمال. وفي يوم واحد خرجت ثلاث صحف يومية بمادة ليس لها ما قبلها إلا التخطيط والترتيب، وكان موضوع مخاطر اغتيال الرئيس “البشير” منشور كحملة في أيام التفاوض، ربما للتأثير على الحكومة بعد التنازل أو إنهائه مبكراً. وقد جاء خبر رئاسة الدكتور “كمال عبيد” للتفاوض مع قطاع الشمال (دلالة) وسط دلالات، فهل هي إشارة لتهدئة غضب الرافضين، وأن “كمال”(حقنة) هو الرجل المناسب لـ”عرمان” الذي يمشي في دهاليز التفاوض بطاووس من الخيلاء، كما جاء في تعبيره أن عودة التفاوض كان بعصاة غليظة ورد المؤتمر الوطني على ما أسماه بالاستهتار.
“كمال” تحاصره معارك على سطح الصحافة اليومية. فالحقنة الشهيرة كلفته الكثير بكونه من الصقور، وهو أستاذ جامعي، ومتحدث لبق، صاحب قدرة على السجال، وأضاع واحداً من انتصاراته مع صاحب التيار حينما وصفه بـ(الحيوان) خارج الأستوديو، ليقفز “عثمان ميرغني” بالإساءة، ويحولها لنصر مؤزر، والسؤال: هل “كمال” الذي يضيع نصر هو ذاته “كمال” الذي يرأس التفاوض مع قطاع الشمال!
الفقرة المفتاحية في هذا التقرير، تقول إن “كمال” الذي يكتب عن عمان والعواصم النظيفة والايدز والمرأة الأفغانية، هو رجل هجم عيه الإعلام لمآرب غير موضوعية، إذا تفهمنا أن لكل متحدث زلات لسان حتى الحكماء في الحديث، وأهم النتائج أن الحكومة تستفيد من تحرك السياسة، وتكسب مساحات من كل حركة. وقد جاءت في تقرير خبري يوضح خطوات قبول المؤتمر الوطني مع قطاع الشمال، وكلف الدكتور “كمال عبيد” لفحص الممكن والمستحيل في هذا الموضوع؛ ليمثل حلاً سياسياً كاملاً. وأكد الوطني أن التفاوض مبني على قضيتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، منفصلاً عن القضايا الأخرى مع دولة الجيران (جنوب السودان). وبالفعل كان “كمال”، الأستاذ الجامعي، ينفض الغبار عن كل جوانب المشكل مع قطاع الشمال، ويرفد التقرير بالأمل الكبير في التوصل لاتفاق مع هذا القطاع، فهل تصدق النوايا مع الأفعال؟!. وخرج اجتماع حزب المؤتمر الوطني يوم الخميس في الساعة الثانية صباحاً قبيل ساعات قليلة من بداية صيام أول أيام رمضان 2012م مؤيداً وجهة نظر “كمال” بجدوى التفاوض مع قطاع الشمال.
يعتبر رفض التفاوض مع قطاع الشمال موقفاً عاطفياً ونفسياً، ولا تستطيع دولة أي دولة أن تغفل جانب المصالح، وتجنب المخاطر؛ لتلبي رغبات فئة ما، ولو كانت نظرتها – جزئياً – صحيحة، ومع ذلك نشطت دوائر لإفشال التفاوض؛ لأنه لا طائل منه مع جسم غير مسؤول.
الكاتب الصحفي “إسحاق أحمد فضل الله”، يقول حول دلالات رئاسة الدكتور “كمال عبيد” لوفد التفاوض مع قطاع الشمال (تعيين “كمال” لرئاسة الوفد للتفاوض مع قطاع الشمال يعني أن آخر العلاج الكي)، وفي الرد على (هل هو الرجل المناسب؟)، قال “إسحاق” (لو كان الكي هو العلاج المناسب، فإنه يبقى الرجل المناسب؟!).
وقال “إسحاق” إن الحكومة خاطبت قطاع الشمال بكل لغات الدنيا، وفشلت، ولم يتبقَّ إلا علاج (حقنة كمال). وهناك قصة مؤكدة، تقول: إن المفاوضات بدأت في جنيف مع (فلان وفلان وفلان) بواسطة المخابرات الفرنسية والكندية والأمريكية، بل قالوا لهم بصراحة البديل للشعب السوداني ليس أنتم (كلا الطرفين في الجنوب والشمال).
البروفيسور “الساعوري” يضيف فقرة داعمة لخطوة الحكومة في تعيين “كمال عبيد” لرئاسة وفد التفاوض مع قطاع الشمال بكونه ليس ردة فعل لوجود “عقار” و”عرمان”، وليس استجابة لطمأنة الرافضين للتفاوض، بحسب ما حصل في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق من تحت رأس هؤلاء “عرمان” و”عقار”.
“الساعوري” يقول إن “كمال” أستاذاً جامعياً ووزير إعلام سابق، ولا يحسب من الصقور، ولكن تظل الأسئلة معلقة، لماذا تغير الوفد الأول؟ هل لعامل الكفاءة مثلاً؟ وهل جاء “كمال” خصيصاً لوجود “عرمان” و”عقار”. وواصل “الساعوري”: إن “كمال” من الذين نشطوا أيام المفاصلة في 99 أن يرأب الصدع، ورجل يقوم بهذا الدور في ذلك الزمن المبكر لا يحسب من المتطرفين والصقور.
بالعودة للفقرة الأولى، وهي سطور من بنات أفكار الدكتور “كمال عبيد” نلاحظ المرافعة الإنسانية الواضحة، والحس الحقوقي من أجل المرأة الأفغانية؛ مما يؤكد ثقافة رئيس الوفد بمسوغات رجل تفاوضي لا يتأثر بوجود شخص أو آخر، بل دراسة الموقف على هدى تداعياته على الوطن والتاريخ والإنسان، ولكن ربما يضع سؤالاً في مكان الحلقوم، لكل من يتحدث عن رقة وإنسانية “كمال”، أين كانت الإنسانية، حينما قال (إذا وقع الانفصال لن نعطي الجنوبي ولو حقنة)، وإذا “كمال” يتدفق إنسانية وسلام، فأيهما أهم المرأة الأفغانية أم المرأة الجنوبية؟!، والاثنتان في الظروف السيئة شرق.
ولأنه الحدث البارز في أيام رمضان يتداول موضوع التفاوض بعد تناول المرطبات والصلاة، ومازال الناس على افتراق بعضهم من يرى انه السبيل الوحيد للسلام، وقطاع واسع يربط بين “عرمان” و”عقار” ومستقبل التفاوض، وأنه بالتالي حرث في بحر، فهل تثبت الأيام ما اختلف عليه الناس هنا وهناك؟!.