الحاسة السادسة
الشعوب تتقدم بالقيم!!
رشان أوشي
عندما زرت جمهورية الصين الشعبية عام 2013م، كنت أعتقد أن الأسبوع الذي سأقضيه في عاصمتها بكين، سيذهب نصفه هدراً مع الازدحام وحوادث السير، والاكتظاظ السكاني، ولكن بعد انقضاء أول ساعتين لنا في بطن العاصمة الصينية تبددت شكوكي، فما يقارب المليار وثلاثمائة نسمة هم سكان الصين، يقضون يومهم في الطرقات بلا زحام، أو مشاجرات في الطرق العامة (ده شارعي، وانت داخل غلط، وانت قرصتني، وزح لي)، لأنهم ببساطة يتبعون قواعد المرور، بلا أدنى رقابة حكومية، كل يمضي في طريقه، ينتظر الإشارة الحمراء حتى تصبح خضراء، لا يتخطى يميناً، وهكذا.
أما نحن تجد الجميع يكتظون في الأستوب، قبل أن يتغير لون الإشارة للأخضر، تجد أصوات (البوري) تصم الآذان، السباب والألفاظ النابئة تتقاذف من النوافذ، الجميع في عجلة من أمرهم، أقرب فرصة لخرق قانون المرور وكسر قواعده يتم استغلالها على أكمل وجه.
لكل تلك الأسباب وغيرها كثر، نحن شعب في ذيل الشعوب، نعتقد جزافاً أن شعوب العالم الأول تطورت بالمال والموارد، ولكن للأسف لا نعلم أنها تقدمت بالقيم، والسلوك الحضاري، لم أرَ مواطناً في كل البلدان التي زرتها يقذف بقوارير المياه الفارغة عبر النافذة إلى الشارع، ولا يرمي عقاب السيجارة في الطريق، هكذا تتقدم الشعوب، ما لم نغير سلوكنا الاجتماعي فسنظل في ذيل الأمم.