أين ترسو مسيرة الحوار الوطني في العاشر من أكتوبر المقبل؟
بين تشكيل حكومة وفاق وطني ودعوة الرئيس لتوسيع المشاركة
الخرطوم – وليد النور
تتسارع الأيام نحو الوصول إلى نهايات الحوار الوطني في العاشر من أكتوبر المقبل، موعد انعقاد اجتماع المؤتمر العام لاعتماد التوصيات التي خرجت بها اللجان ، ووضعها موضع التنفيذ ، وفي مقدمتها تشكيل حكومة وفاق وطني، والتى تدشن دخول البلاد مرحلة جديدة ، تتخلص فيها من مشاكلها المزمنة. في هذا الاطار كان رئيس الجمهورية قد دعا ،في لقاء مغلق مساء (الأحد) الماضي قيادات حزب المؤتمر الوطني إلى التهيئة للمرحلة المقبلة التي ستشهد توسع دائرة المشاركة في السلطة وقبول أحزاب الحوار الوطني ،كل حزب حسب وزنه السياسي. لكن مراقبين أن مشاركة الأحزاب والحركات في السلطة في الفترة المقبلة في ظل وجود حركات لاتزال حاملة للسلاح، وأحزاب معارضة ذات وزن جماهيري،لازالت بعيدة عن ساحة الحوار ، سيقلل من فاعلية الحكومة المقبلة التي قام الحوار الوطني من أجلها ، لاسيما أن الحكومة سبق لها الدخول في شراكات ، بعضها لم يكن موفقاً . على سبيل المثال لا الحصر، الشراكة مع الشريف “زين العابدين الهندي” ،التي يمثلها حالياً الاتحادي الديمقراطي بقيادة “جلال الدقير” و”أحمد بلال” ،فيما عرف بحكومة البرنامج الوطني، وحزب الأمة الإصلاح والتجديد بقيادة “مبارك الفاضل” الذي خرج من الحكومة مغاضباً. وقبلها مشاركات قامت على اساس عدد من الاتفاقيات ،مثل اتفاقية الخرطوم وفشودة للسلام، التى جاءت بجناح منقسم من الحركة الشعبية لتحرير السودان ، ثم تلتها اتفاقية نيفاشا للسلام، والتى اسست لشراكة بين الحكومة والحركة الشعبية ، وانتهت بتقرير الجنوب لمصيره بالانفصال، وكذلك اتفاقية ،أبوجا ،مع “مني أركو مناوي” ،الذي خرج من منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية ، مغاضبا ، وهو المنصب الذي يشغله حالياً مولانا “الحسن الميرغني”. فيما يرى آخرون أن الأحزاب الممانعة والحركات التي رفضت المشاركة في الحوار الوطني، عزلت نفسها عن المشاركة.
وكشف رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” عن توسيع دائرة المشاركة في المرحلة المقبلة عقب الفراغ من الحوار الوطني، وتعهد بإشراك أطراف جديدة في الحكومة المقبلة التي يتوقع إعلانها في نوفمبر المقبل. وأكد “البشير” لدى مخاطبته الولاة ونواب رؤساء المؤتمر الوطني بالولايات ورؤساء المجالس التشريعية بالولايات وقيادات حزبه في لقاء مغلق بقاعة الشهيد الزبير، أكد أن المشاركة ستكون وفق أوزان القوى السياسية. وطالب “البشير” المؤتمر الوطني بالاستعداد للانتخابات متى ما تم التوافق على قيامها. وأصدر “البشير” توجيهاته بالنزول للقواعد والارتباط بها. وقال إن المرحلة تتطلب ضرورة الانسجام مع الجهاز التشريعي ومعالجة المشاكل من منطلق حزبي. وقال يجب أن تعالج القضايا بحكمة وهدوء.
من جهته يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين البروفيسور “حسن إسماعيل الساعوري” في حديثه لـ(المجهر)، إن فكرة الحوار الوطني كانت قائمة على مشاركة الأحزاب ذات الوزن الثقيل ،مثل الأمة القومي والحزب الشيوعي السوداني والبعث العربي، ثم الحركة الشعبية -قطاع الشمال والحركات المسلحة الدارفورية ،التي ظل معظمها رافضاً للحوار. ويضيف “الساعوري” أن الحوار الآن شارف على النهاية ، ودعوة الرئيس “البشير” لأعضاء حزبه للاستعداد ، هو مؤشر الى أن المرحلة المقبلة ستشهد توسيع دائرة المشاركة لتكوين حكومة وفاق وطني، ربما أعلنت في شهر نوفمبر المقبل.
وفي ظل غياب حزب الأمة القومي ،الذي يستند على جماهيره والحركات المسلحة التي تستمد قوتها من السلاح الذي تحمله، يصعب تسمية الحكومة المقبلة ،بحكومة وفاق وطني التي من المتوقع أن يتراوح عمرها بين العام والعامين ،للإشراف على الانتخابات العامة. وفيما يتعلق بالأوزان السياسية التي أشار إليها الرئيس يقول “الساعوري”، إن الأوزان السياسية للأحزاب في العالم تحسب من عدد النقاط التي تحرزها في الانتخابات، ولكن في السودان يصعب قياس أوزان الأحزاب لأن معظمها لم يشارك في الانتخابات الأخيرة، وجزء منها لم يدخل صناديق الاقتراع. ويؤكد “الساعوري” أن غياب الحركات المسلحة وحزب الأمة القومي عن الجمعية العمومية للحوار، سينتهي بالحوار الوطني وكأنه لم ينفذ الغرض الذي قام من أجله.
فيما يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية الدكتور “أسامة أبو رأي” في حديثه لـ(المجهر)، إن حديث رئيس الجمهورية لقادة المؤتمر الوطني، بأن المرحلة المقبلة ستشهد توسيعاً للمشاركة في السلطة، هو حديث في الاتجاه الصحيح لأن الحكومة الحالية منتخبة وفقاً للدستور الحالي وبالتالي لا يمكن الحديث عن حكومة وفاق وطني، مشيراً إلى أن حكومة الوفاق الوطني، تعني أن يتم اتخاذ القرارات بالموافقة ،وليس الأغلبية. وأكد أن المشاركين في الحوار الوطني والممانعين بإمكانهم المشاركة في الحكومة الحالية لحين انتهاء أجلها، ومن ثم تكوين حكومة وفاق وطني. وتوقع دكتور “أسامة” أن تكون المشاركة في الجهاز التنفيذي والتشريعي بحسب المقاعد الشاغرة حالياً، أو مخاطبة المفوضية القومية للانتخابات لإضافة عدد من المقاعد ،التي ستتم وفقاً لأوزان الأحزاب المشاركة في الحكومة.
وكان رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” قد تعهد في أكثر من مناسبة بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها أوامر الشعب، ونفى “البشير” أن تكون مبادرته باطلاق عملية الحوار الوطني ناتجة عن ضعف أو إملاءات ، بل هي إيمان راسخ بأن الحوار هو السبيل لمعالجة أزمات البلاد، وفق قوله. ووصف “البشير” مخرجات الحوار المجتمعي، الذي شاركت فيه منظمات دينية ونسوية وطلابية وثقافية ورياضية، ورفعت توصياتها ومخرجات الحوار للرئاسة ، بأنها رسالة واضحة من الشعب السوداني. وأكد “البشير” أن اللجنة العليا التي تدير الحوار حالياً لن يتم حلها بعد انتهاء هذا الحوار، بل ستواصل عملها لمراقبة تنفيذ مخرجاته. وكان “البشير” قد دشن جلسات مؤتمر الحوار الوطني في أكتوبر الماضي بمشاركة قوى سياسية ومقاطعة أخرى، مؤكداً أنه لن يغلق باب الحوار أمام المعارضين ،إذ ستظل أيدي الحكومة ممدودة للجميع. وطالب الرئيس وقتها الجميع بإعلاء أجندة الوطن فوق الأجندات الفئوية لجعل الحوار مثمراً، داعياً من سماهم المشككين في الحوار للحاق به.