الحاسة السادسة
رشان أوشي
دوامة العنف !
لم يعد الموت أمراً مريعاً كما هو حال الطبيعة البشرية التي تعشق الحياة.. خاصة في إقليم دارفور الذي يتعافى من حرب العشرة أعوام.. فمازالت إرهاصاتها تؤرق مضاجع الآمنين به، وتجلى ذلك في حادثة مقتل خمسة طلاب على أيدي مسلحين أمس الأول في إحدى قرى دارفور النائية، فالأزمة الحالية لم تعد الحركات المسلحة، بل انتشار السلاح في أيدي المدنيين ومليشيات النهب المسلح والعشائر، وهو بالضبط ما أكدته وكالات الأمم المتحدة في آخر إحصائية لها، حيث أوردت أرقاماً مخيفة لانتشار السلاح في الإقليم، حيث أكدت الوكالة الأممية في تقريرها بأن حوالي (3) ملايين إلى (5) ملايين قطعة سلاح خارج مظلة القوات النظامية في دارفور، وهو الأمر الذي دفع المسؤولين على عقد مؤتمر لنزع السلاح، وخرجت توصياته واضحة كالشمس، أي لابد من نزع السلاح من أيدي المدنيين مهما كان الثمن، ولكن ومنذ مايو المنصرم لم تتحرك آلية تنفيذ توصيات المؤتمر قيد أنملة، وكل يوم تزهق الأرواح بلا طرفة جفن.
ما لم تمض الدولة في جدية مسألة نزع السلاح من أيدي المدنيين فيعمل في دوامة لا تتوقف عن الدوران، ومع دورانها تستنزف المال، فبمجرد أن تخرج الرصاصة مع ضغطة الزناد لن يكون في إمكان الدولة أن تستردها مرة أخرى، وعليها أن تعلم أن انتشار السلاح لن يقتصر على اقتتال المواطنين مع بعضهم البعض، بل أن إعادة حشو السلاح لن يكون بلا مقابل، سيجد المسلحين من يستخدمهم مرة أخرى ضد الدولة، وكما قال “مايكل كولينز”، قائد الجيش الجمهوري الإيرلندي: “الرصاصات لن تنمو على الأشجار!”.
Rishanoshi@gmail.com