رئيس الجمهورية يعلن من الفاشر :أجل السلطة انتهي ، لكن المشروعات لم تنته، والتنمية لن تتوقف
البشير وتميم وديبي وتوادورا يشاركون الآلاف الإحتفال بنهاية السلطة الإقليمية لدارفور
الفاشر – نزار سيد أحمد
يمثل يوم (الأربعاء) الموافق السابع من سبتمبر من العام 2016م يوماً تاريخياً للسودان ولدارفور على وجه الخصوص، إذ يمثل نهاية أجل السلطة الإقليمية لدارفور التي جاءت وفقاً لاتفاقية الدوحة لسلام دارفور التي وقعت بعد مخاض عسير وجولات تفاوضية شاقة، كان مسرحها مدينة الدوحة القطرية تحت رعاية قيادتها التي أوكلت إليها المبادرة العربية أمر تحقيق السلام في دارفور، كأول تجربة من نوعها تتشارك فيها قطر مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في بلد أفريقي عربي كحالة السودان. وبمثلما بدأت الدوحة بنجاح يأتي الاحتفال بنهاية السلطة الإقليمية الذراع التنفيذي للاتفاقية والتي يترأسها الدكتور “التجاني السيسي” تتويجاً لمجهودات كبيرة بذلتها القيادة القطرية بسخاء، قابلها التزام من طرفي الاتفاقية الحكومة السودانية وحركتا التحرير والعدالة والعدل والمساواة، بالوصول بالاتفاقية إلى نهايتها التي جرى الاحتفال بها أمس.
من “الفاشر”
على نحو غير مسبوق احتشد الآلاف من سكان ولاية شمال دارفور بكافة محلياتها وحتى من ولايات دارفور الأخرى، وذلك لحضور الاحتفال بنهاية السلطة الإقليمية بدارفور الذي شرفه بالحضور رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” وأمير دولة قطر الشيخ “تميم بن حمد” والرئيس التشادي “إدريس “دِبي” ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى “فوستان اركيانج توادورا” الذين حطوا رحالهم في مطار مدينة الفاشر الذي ضاقت جنباته بالطائرات الرئاسية وطائرات الوفود المصاحبة لهم، فيما اكتست طرقات المدينة بالإعلام واللوحات الترحيبية التي تزينت بصور رؤساء الدول. كل هذا جرى تحت إجراءات أمنية غير مسبوقة وزعت على خمس حلقات تضيق كلما اقتربت من مقر الرؤساء الأربع .
ساحة الجيش
وفي ساحة الجيش المكان الذي أقيم فيه الاحتفال كان لافتاً مشهد الحشد الجماهيري من الطلاب والنساء والرجال وأفراد القوات النظامية الذين تراصوا على شكل حدوة حصان منذ الثامنة صباحاً، وهم يهتفون كل يعبر على طريقته الخاصة ترحيباً بمقدم ضيوف البلاد. وقد بدأ الاحتفال بعد وصول الرؤساء بتحية المواطنين حيث وقف الرؤساء على المنصة الرئيسية لإلقاء التحية على الحضور الذين تدافعوا حتى لامسوا المنصة لا يفصل بينهم والرؤساء أي عائق.
قفل أبواب الحرب
أولى الكلمات قدمها والي ولاية شمال دارفور “عبد الواحد يوسف” الذي أكد أن دارفور أوصدت أبواب الحرب والصراعات والاحتقان، وبدأت مرحلة جديدة للتنمية والاستقرار لإعادة دارفور إلى سيرتها الأولى. وحيا “عبد الواحد” مواقف دولة قطر التي قال إنها عبرت بالاتفاقية إلى الأمان، كما ثمن “عبد الواحد” أدوار دولة تشاد الذي وصف العلاقة معها بالمتجذرة والتاريخية. ولم ينسَ كذلك أن يثمن مواقف السلطة الإقليمية في تنفيذ اتفاقية الدوحة. ووصف “عبد الواحد” “البشير” بالقائد الفذ الذي قال إنه تحدى وتمرد على ما وصفه بالصلف والكوابيس العالمية في إعاقة السلام في السودان.
“السيسي” وحديث الوداع
الدكتور “التجاني السيسي” رئيس السلطة الإقليمية قال إن مبادرة الدوحة واجهت الكثير من التحديات في بداية تنفيذها، مؤكداً أن القيادة القطرية تحدت كافة الصعاب حتى تحقق السلام. وأكد أن الرئيس “البشير” كان خير معين لهم في إتمام مهمتهم بحكمته وصبره ومتابعته اللصيقة لسير تنفيذ الاتفاقية، مبيناً أنهم تواثقوا على المضي قدماً رغم وعورة الطريق، داعياً أهل دارفور إلى الاحتفاء بما تحقق من سلام بفضل اتفاق الدوحة. ونوه إلى أن الدوحة هي المنبر الوحيد لحل قضايا دارفور . وأشار إلى أنه بفضل الوثيقة عاد أكثر من مليون وستمائة من النازحين و210 آلاف من اللاجئين إلى مناطقهم وقراهم. وأشار إلى تحسن الوضع الأمني بجانب خلو دارفور تماماً من وجود الحركات المسلحة. وأكد أن نسبة تنفيذ الاتفاقية بلغت (89%) مما جعل المواطن ينتقل من مرحلة الحديث عن القتل إلى الحديث عن التنمية والاستقرارن مكملاً “السيسي” حديثه بطلب العفو من الجميع حال تعرضهم إلى ظلم منه.
“دبي” حضور كبير
رئيس جمهورية تشاد “إدريس دبي إتنو” تحدث مخاطباً الجماهير المحتشدة التي رحبت به ترحيباً كبيراً، حيث أكد في مطلع حديثه أن الاحتفال بنهاية أجل السلطة الإقليمية دليل على رغبة الفرقاء السودانيين في تجاوز مرحلة الخلاف. وأشاد “دبي” بما وصفه بالحكمة والروح الوطنية للسودانيين الذين قال إنهم أدركوا أهمية وضع حد للصراع في دارفور، الذي قال إنه كاد أن يتحول إلى كارثة إنسانية. وأشار إلى أنه لاحظ من خلال وجوده ومشاركته رضاءً تاماً من نتائج تنفيذ الاتفاقية التي سهر وراغبها الرئيس “البشير”، بعزيمة والتزام من أجل المصلحة العلية لدارفور. ولفت إلى التطور والعمل الدءوب الذي بدأه أمير دولة قطر. ودعا “دبي” إلى أهمية الانتقال إلى خطوة أخرى من السلام بتعزيز المكتسبات للوصول إلى سلام نهائي، منوهاً إلى أن مفوضية السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي دعت لاجتماع في يونيو الماضي جميع الحركات إلى الالتحاق بسلام دارفور، وبعث “دبي” بنداء عاجل لجميع قادة الحركات المسلحة إلى الانضمام لوثيقة الدوحة، كما دعا المجتمع الدولي أن يساهم من أجل التنفيذ الكامل للاتفاقية. وطالب “دبي” القوات المشتركة السودانية التشادية لحماية الحدود ومنع أي عمل يزعزع الأمن والاستقرار، قاطعاً أن بلاده ستواصل في دعم الشعب السوداني، مبيناً أنه شارك في الاحتفال من أجل حصاد الجهود التي غرسوها لسلام دارفور التي يمثل أمنها وأمن السودان أمناً لبلاده. ودعا “دبي” الآلية الجديدة التي تتولى أمر تنفيذ ما تبقى من الاتفاقية للقيام بالإصلاحات اللازمة، مشيراً إلى أن اتفاقية الدوحة ستظل نموذجاً يجتذب به كافة الخلافات في القارة الأفريقية .
حديث التنمية
مسك الختام كان رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” الذي عند اعتلائه منصة الاحتفال حيته الجماهير الكبيرة بهتافات عالية وهو يبادلها التحية مازحاً بيده، ليدلف مباشرة في الحديث الذي بدأه بتذكير الجماهير بالزيارة الأخيرة التي طاف فيها دارفور إبان الاستفتاء، مشيراً إلى التزامه بخيار أهل دارفور، لافتاً إلى أن الاحتفال بنهاية أجل السلطة الإقليمية يؤكد التزام الدولة بما تواثقت عليه في مجالات السلام والتنمية. وقال إنهم نفذوا وعملوا دون توقف. وقال إن طريق الإنقاذ الغربي خير شاهد على إنجازات الحكومة في تحقيق مشاريع التنمية لأهل دارفور. ونوه إلى جملة من المشروعات تحققت وأخرى في الطريق بيد أنه رجع وقال إنه لا يملك عصا موسى لتغيير الواقع بين ليلة وضحاها، مبدياً التزاماً بتقديم مشروعات في مختلف المجالات حتى تعود دارفور إلى سيرتها الأولى بل وأفضل مما هي عليه مئات المرات. وقال مخاطباً الجماهير (أجل السلطة انتهى لكن المشروعات لم تنتهِ). وأردف موجهاً حديثه للجماهير (ما قاعدين نكذب عليكم والبنقولوا بنسويه والما بنقدر عليهو ما بنكذب والعافية درجات وغداً سيكون أفضل من اليوم). وأكد أن التنمية لن تتوقف حيث ما زالت هناك مدارس وكهرباء لكل المدن. وكشف عن مشروع كبير أطلق عليه مشروع مستقبل دارفور الأخضر، الذي قال إنه يهدف إلى تحقيق المشاريع الزراعية والاهتمام بأمر الزراعة.
الأمير الوالد
حيا رئيس الجمهورية دور الأمير الشيخ “حمد آل ثاني” الذي قال إنه لم يقصر (دقَّ صدره وقال لازم يجلب السلام لدارفور وقد كان)، منوهاً في ذات الوقت إلى دور الشيخ “تميم” أمير قطر الذي قال إنه لم يقصر، حيث عمل على تنفيذ الكثير من المشروعات ولازال عطاؤهم مستمراً، مشيراً في هذا الصدد إلى مساهمة قطر في بنك دارفور بأكثر من مليار دولار وتنفيذها لعدد (5) قرى نموذجية و(10) قرى أخرى في الطريق. وتابع “البشير” قائلاً: (إخوانا في قطر صبروا وصابروا واتحملونا جميعاً). وأضاف (ثلاث سنوات وفنادق الدوحة مليانة بأهل دارفور واحدين عرسوا وولدوا وكمان سموا أبناءهم على الشيخ “حمد والشيخة “موزة”)، مبدياً شكراً خاصاً لـ”أحمد بن عبد الله آل محمود” الذي أطلق عليه “البشير” اسم “عبد الصبور” كناية على صبره وتحمله للمفاوضات وتجاوز ما أسماها محاولات التخريب ووضع المتاريس و(الدقارات)، التي قال إن رافضي السلام كانوا يضعونها لعرقلة الوصول إلى السلام. وأضاف مؤكداً أن آل محمود أزال الأشواك حتى كللت المساعي بالنجاح .
“دبي” والشخشخة
حيا “البشير” مواقف دولة تشاد والرئيس “دبي” الذي قال إنه بدأ مع السودان منذ البداية، لكن في بعض الفترات حدثت (شخشخة) بينه وبين السودان بفعل الشيطان الذي أصاب دارفور، مؤكداً أن البلدين تجاوزتا تلك الصعاب والخلافات والآن تمضي العلاقات (سمن على لبن) ومضت إلى أكثر من ذلك بإنشاء القوات المشتركة التي حققت السلام والتنمية في الحدود بين الدولتين. وأشار إلى أنه بفضل العلاقات الطيبة أزيلت كافة الحدود التي وضعها المستعمر. وأضاف قائلاً (جميعاً مع بعضنا نبني تشاد والسودان معاً).
إطلاق سراح المقبوضين
خطاب “البشير” حمل البشارة لأهل دارفور، حينما أعلن إطلاق سراح كافة المقبوضين من الحركات المسلحة في معركة (قوز دنقو) وتحويلهم إلى وزارة الرعاية الاجتماعية لرعايتهم، وأعادت القصر منهم إلى مدارس فضلاً عن دراسة إطلاق جميع المقبوضين من الحركات،.وأعلن “البشير” العفو العام لكافة حملة السلاح حال عودتهم إلى رشدهم قائلاً (تعالوا وأن الجنوب يريد أن يطردكم). وأضاف (الفائز يأتي سمعتوا عنه ومن يريد حمل البندقية سنواجهه في الحدود ونديهو درس) .
دكتوراه فخرية لأمير قطر
تكريماً لدوره الكبير في تحقيق السلام بدارفور منحت جامعة النيلين درجة الدكتوراه الفخرية لأمير دولة قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” الذي استضافت بلاده ورعت ومولت اتفاقية السلام حتى نهاية أجل السلطة الإقليمية، وتلا البروفيسور “محمد الأمين أحمد” مدير الجامعة قرار مجلس الأساتذة رقم 95 بتاريخ شهر يونيو من العام الحالي، القاضي بمنح أمير دولة قطر الشيخ “تميم بن حمد درجة الدكتوراه في القانون، وذلك تقديراً لدعمه الفعال في مسيرة السلام في السودان وترسيخ سيادة حكم القانون ومكافحة الفساد.
معرض وهدايا
أقيم على شرف الشيخ “تميم” معرض على شكل مجسمات يحكي عن مشروعات التنمية التي قدمتها بلاده بدارفور، وبالمقابل تم تصميم معرضين آخرين يحكيان إنجازات الحكومة السودانية وحكومة تشاد، وقد طاف الرؤساء على المعرض كما طافوا على الهدايا التي قدمت لهم من قبل الحكومة وحكومة الولاي، وغيرهم من فعاليات المجتمع الذين تدافعوا لتكريم ضيوف البلاد.
مباحثات ثنائية
قبل أن يغادر أمير دولة قطر الشيخ “تميم” مطار الفاشر دخل في مباحثات ثنائية مع الرئيس “البشير” في الصالة الرئاسية في مطار الفاشر، حيث ناقش الجانبان العلاقات الثنائية بين البلدين بدعمها وتطويرها لمستويات أفضل، كما ناقش “البشير” وأمير قطر القضايا ذات الاهتمام المشترك التي تهم المنطقة وكيفية التنسيق بين الدولتين بشأنها. بعدها غادر أمير قطر مطار الفاشر عائداً إلى بلاده .
مباحثات ثلاثية
بعد مغادرة الأمير القطري دخل “البشير” في مباحثات ثلاثية مع الرئيس التشادي ورئيس أفريقيا الوسطى، حيث قال “البشير” إن أفريقيا الوسطى تحتاج إلى مساندة من السودان وتشاد، مؤكداً أنهم سيعملون بكل جهد إلى تحقيق السلام في أفريقيا الوسطى التي تربطها مصالح مشتركة مع كل من السودان وتشاد.