* الغلاء يؤدي إلى ضعف الإقبال على أسواق الخراف بالعاصمة
*توقعات بانخفاض أسعار الأضاحي في الأيام القادمة
تقرير: محمد جمال قندول
مع بدء العد التنازلي لعيد الأضحى المبارك، الذي تبقى له أقل من أسبوع، بدأ الحديث يتصاعد عن غلاء أسعار خراف الأضاحي وشغل حيزاً كبيراً من حياة المواطنين هذه الأيام، خاصة في ظل المعلومات المتضاربة بين الحين والآخر، عن وضعية المواطن الذي يعاني من ويلات ظروف اقتصادية قاهرة، تمر بها البلاد بشكل عام.
وتفاوتت أسعار الخراف، كما تبين خلال جولة ميدانية قامت بها (المجهر) بعدد من أسواق الخراف بالخرطوم وأم درمان والحلفايا، حيث غالى الكثير من التجار في الأسعار بصورة كبيرة وبأرقام فلكية، فقد بلغ سعر الخراف في بعض الأسواق مبالغ خرافية بحساب المواطن محدود الدخل، حيث وصل إلى (3) آلاف جنيه للخروف، في وقت تمسك فيه بعض التجار بالبيع بالوزن هذا العام.
(1)
بداية جولتنا كانت بسوق المويلح بأم درمان – دار السلام حيث بلغ سعر الخروف فيها (2) ألف جنيه كأعلى سعر وألف جنيه وخمسمائة، كحدٍ أدنى، وسط إقبال ضعيف يشهده السوق هذه الأيام.
وقال “محمد عبد الله” أحد المواطنين الذين استطلعتهم (المجهر) خلال جولتها داخل السوق، إن أسعار الخراف مرتفعة جداً، ولا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية القاهرة التي يمر بها المواطنون هذه الأيام، وانتقد “محمد” التجار بشدة، وقال إنهم يستغلون المواطنين في تمرير زيادات بلا وجه حق، وعلق ساخراً: “معقول خروف يصل 2 و3 ألف جنيه”؟.. واعتبر أن الأسعار المطروحة تجافي الحقيقة، حيث لا توجد مبررات لزيادة أسعار الماشية بشكل عام، واعتبر حديث بعض التجار عن نفقات الترحيل وارتفاع الدولار بأنها حجج واهية، وتؤكد بصدق عدم وجود رقابة لصيقة داخل الأسواق من قبل المسؤولين الذين تركوا الحبل للتجار ليلعبوا بالأسعار كيفما يشاءون، واختتم حديثه بقوله: “يعني بقت على الخراف؟.. كل السلع بقت أسعارا وهمية وما حقيقية، الله يعين الناس”، مطالباً إياهم بعدم التكلف الشديد، لأن الأضحية للمستطيعين، وعدم إجهاد أنفسهم.
وفي ذات السياق، قال المواطن “بلة مبارك” إنه يتوقع انخفاض الأسعار المطروحة حالياً خلال الأيام القليلة القادمة، التي تسبق العيد، وذلك لعزوف الناس عن الشراء بهذه الأرقام الفلكية، وقال: “الناس ما ح تشتري، انت براك شايف الحال كيف، ما في إقبال والتجار لمن ما يلقوا إقبال ح ينزلوا الأسعار، ما عندهم حل تاني وقت العيد يقرب شديد”.
وللحديث باستفاضة حول معيار تحديد الأسعار تحدث إلينا تاجر المواشي “محمد عبيد” وقال لـ(المجهر) إن الأسعار الحالية التي تتراوح ما بين ألف ونصف وحتى “2” ألف جنيه مناسبة جداً، في ظل الظروف الاقتصادية التي فرضت عليهم كتجار زيادات في الترحيل والعلف وغيرها، مشيراً إلى أنهم لا يغالون من أجل استغلال المواطن، واستطرد قائلاً: “الناس براها شايفة البلد بقت كيف، أي شي بقى غالي”.
أما التاجر “رحمة الله حسين” فقال إنهم يتعاملون وفق ارتفاع تكاليف نقلهم للمواشي من النيل الأبيض وولايات كردفان، مشيراً إلى أن الأسعار المطروحة غير غالية بالدرجة التي تجعلهم يخشون من خسارتهم، وطمأن رحمة الله في ذات الوقت المواطنين بتوفر المواشي بصورة كبيرة جداً، واستبعد إمكانية حدوث ندرة كما حدثت في العيد الماضي باختفاء الخراف أول وثاني أيام العيد بصورة مفاجئة دون معرفة مصدر اختفائها، وأضاف أن الخراف الحمرية تعد الأغلى حالياً ضمن أنواع الخراف الموجودة.
بموازاة ذلك كانت تباع الخراف بأسعار منخفضة عن سوق المويلح، خاصة في سوق زريبة العيش بسوق أم درمان، والذي كانت الأسعار تتراوح فيه بين (1200، و1300، و1500)، مع إقبال متوسط.
وتحدث تجار من سوق زريبة العيش لـ(المجهر) وأكدوا أن الأسعار المطروحة هي المنطقية واستبعدوا إمكانية حدوث أي زيادات خلال الثلاثة أيام القادمة التي تسبق العيد، وأكدوا أن الإقبال متوسط ولكنهم يتوقعون زيادة كبيرة جداً فيه خلال الأيام القادمة، خاصة الساعات التي تسبق العيد.
ولا تختلف الأوضاع كثيراً في سوق الخراف بود نوباوي حيث تراوحت الأسعار بين (1200) و(1500) جنيه مع إقبال ضعيف، واستبعاد إمكانية زيادة الأسعار.
(2)
أسواق الخراف بالخرطوم بصفة عامة، اختلفت عن نظيراتها بأم درمان من حيث الأسعار، وقد بدا واضحاً المغالاة الشديدة في الأسعار والتي بلغت في بعض أسواقها (3) آلاف جنيه للخروف. وخلال جولتنا كانت لنا وقفة بالسوق المركزي، والذي تتفاوت فيه الأسعار من (1400) وصولاً إلى (3) آلالف جنيه، للخرفان الكبيرة جداً بالوزن.
وتحدث عدد من المواطنين من داخل السوق المركزي لـ(المجهر) وأبدوا سخطهم جراء الغلاء الشديد الذي ضرب أسواق الخراف بالخرطوم وصبوا جام غضبهم على المسؤولين لعدم مراقبتهم للتجار، وعلقوا على الأسعار المطروحة ووصفوها بأنها خيالية وغير منطقية.
وقال المواطن “زيد داؤود” لـ(المجهر) إن التجار استغلوا ارتفاع الأسعار في كل السلع ليزيدوا أسعار الخراف، وبالتالي زيادة معاناة المواطنين، وأبدى استغرابه الشديد جراء الصمت من كبار مسؤولي الدولة تجاه هذه الأسعار التي اعتبروها مجافية للواقع.
في وقت تحدث فيه أيضاً لـ(المجهر) التاجر “عثمان الزين” وقال إن الأسعار تعتمد على أنواع الخراف، وتتفاوت بين الحمرية والكباشية والبلدية، مشيراً إلى أن الأسعار تبدأ من (1500)، كحدٍ أدنى، وفي الغالب تعتمد على وزن الخروف.
وتوقع عدد من التجار الذين تحدثوا لـ(المجهر) من داخل السوق المركزي، انخفاض أسعار الخراف الأيام المقبلة، خاصة في ظل عزوف عدد كبير من المواطنين عن الشراء، بالإضافة إلى توفير عدد كبير من الماشية لتوزيعها على الموظفين والعمال داخل ولاية الخرطوم من قبل نقاباتهم بالأقساط، الأمر الذي قد يشكل خطراً كبيراً على التجار وقد يعرضهم لخسائر كبيرة.
(3)
وكانت شعبة مصدري اللحوم قد وجهت انتقادات فيما يتعلق بارتفاع أسعار الخراف بصورة جنونية، ووصفتها بالأسعار الوهمية في خبر نقلته الزميلة “نجدة بشارة”، ملقية باللوم على تجار المواشي للمغالاة في الأسعار.
وقال رئيس الشعبة د.”خالد المقبول” إن الأسعار الحالية بالأسواق لا مبرر لارتفاعها في ظل الوارد الكبير للخراف من الولايات، وإنه تجاوز الـ(30) شاحنة يومياً.
وأكد أن مراكز البيع ستبدأ عملها ابتداءً من اليوم على امتداد المدن الثلاث بالعاصمة، وقال إن سعر الكيلو سيكون بواقع (40) جنيهاً، وإن الخروف وزن (30) كيلو سيكون بحوالي (1.200) جنيه، ووزن (40) كيلو بحوالي (1.600) جنيه،
وتوقع أن يحصل كل مواطن على أضحيته بسعر مناسب. وأكد “المقبول” أن المراكز مجهزة بالأطباء البيطريين، وأن الموازين بالمراكز مطابقة للمعايير، وأشار إلى احتياطات مبكرة لمحاربة السماسرة بالأسواق، تحسباً لأية ندرة مفتعلة قد تحدث كما حدث العام الماضي.
إلى ذلك توقع عدد من خبراء الاقتصاد انخفاض الأسعار خلال أيام لتصل حاجز الـ(1200) جنيه، واعتبروا أي سلعة بالسودان باتت مرتبطة ارتباطاً كبيراً بسوق الدولار كحجة يتباهى بها التجار، واعتبروا أن انخفاض الدولار خلال اليومين الماضيين قد يساهم أيضاً في انخفاض أسعار الخراف، بالإضافة إلى الدور الكبير للنقابات العمالية التي وفرت خرافاً لموظفيها بالأقساط، الأمر الذي سيتسبب في خسارة كبيرة جداً للتجار، وتوقعوا انخفاضها يومي (الخميس) و(الجمعة) المقبلين.
وانتقد الخبراء ما يتداول بمواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك والواتساب من أخبار مفبركة بشأن أسعار الخراف، مشيرين إلى أنها تسبب إشكالية حقيقية في التقييم والتقدير للأسعار، وطالبوا المواطنين بضرورة أخذ المعلومات من مصادرها الحقيقية، وليس مواقع التواصل.