بعد.. ومسافة
السودان والإعلام الأفريقي..
مصطفى أبو العزائم
كان يوم الأمس داخل وزارة الإعلام، يوماً أفريقياً خالصاً، من خلال المنتدى الشهري للإعلام السوداني، وهو المنتدى الثالث، منذ أن ابتدعت الإدارة العامة لشؤون مكتب الناطق الرسمي – إدارة الحملات والمنابر الإعلامية – بوزارة الإعلام، هذه البدعة الحسنة، وقد كان عنوان منتدى الأمس هو (الإعلام السوداني وأثره في تشكيل الرأي العام الأفريقي)، تحدث فيه الأساتذة “خلف الله عبد المنعم” و”محمد حامد جمعة” والبروفيسور “أبو القاسم قور”، وعقّب وأضاف في مداخلات ثرة الدكتور “النجيب آدم قمر الدين” والدكتورة “نعمات بلال” وشارك آخرون من أهل الإعلام في إضفاء الحيوية على المنتدى، منهم الأساتذة “الطيّب قسم السيد” و”عبد الله الطاهر” و”الجيلاني الواثق” و”أحمد سيّد عيسى” مدير وكالة الجمهورية للأنباء بموريتانيا، و”عوض أحمدان” و”ياسر المساعد” و”أبو عبيدة البقاري”، كل من جانب تخصصه وخبرته وعمله.
السيد وزير الإعلام الدكتور “أحمد بلال عثمان” كان شفافاً وصريحاً وهو يحدد ملامح القصور والتقصير الذي أثر كثيراً على شكل ومحتوى التواصل السوداني مع أفريقيا، واعترف بأن الإعلام الحكومي لن يتمكن من تعديل الصورة التي جرى تشويهها عن بلادنا من قبل الخصوم، منبهاً إلى أن التشويه اليوم أصبح للصورة السودانية لا للنظام أو الحكومة، ومن هنا تنبع الخطورة.
قبل المنتدى بأيام طلب إليّ القائمون بأمره، وعلى رأسهم الأستاذ “محجوب أبو القاسم”، أن أرأس الجلسة وأقدم المنتدى، وعلمت أن أستاذنا الجليل الدكتور “محيي الدين تيتاوي” سيكون أحد المشاركين، ولكنه بعد أن سجّل حضوراً مبكراً لم يكمل معنا ما بدأناه لأسباب حدوث ربكة في الصوت، أدت إلى الانتقال من قاعة أرضية إلى قاعة في طابق أعلى، وهو ما منع أستاذنا الدكتور “تيتاوي” من الاستمرار في المشاركة خاصة وأنه كان يعاني من آثار وعكة خفيفة، لكنه كان حاضراً بعد الغياب من خلال بحث عظيم وقيم، عرضت بعض جوانبه من على المنصة، لخص الأزمة، وقدم توصيفاً دقيقاً لها ولطرق حلها، وحمل اسم (اللغة والصورة الذهنية ودورهما في أزمة التواصل والاتصال بين شعوب القارة الأفريقية).
تجربة الدكتور “تيتاوي” لم تكن قائمة على القواعد الأكاديمية فقط، بل ارتكزت على التجربة من خلال التعامل المباشر مع الإعلام الأفريقي، من خلال رئاسته لاتحاد صحفيي شرق أفريقيا، ومن خلال عضويته للمكتب التنفيذي للفيدرالية الأفريقية للصحفيين، لذلك كادت توصيات الدكتور “محيي الدين تيتاوي” أن تكون في أكثرها جامعة مانعة لكل التوصيات التي أوصى بها المتحدثون، إذ دعا إلى تعزيز أواصر الاتصال العلمية بين الشعوب الأفريقية عن طريق تبادل الزيارات والمنح والتدريب والسياحة والإعلام، إضافة إلى التوصل إلى نظام اتصال جديد يعيد النظر في دور وكالة الأنباء الأفريقية (بانا) ويقيم وينشئ قنوات فضائية أفريقية ومحطات إذاعية تستقل عن هيمنة الإعلام الغربي، وتهتم بالثوابت الأفريقية.
أتوقع أن تتوسع بعض الصحف في عرض هذا المنتدى لعظم القضية التي تناولها، خاصة وأن المشاركات جاءت من أهل علم وخبرة وتجربة ومعارف، وأحسب أنه فتح الباب أمام واحدٍ من الهموم السودانية العامة، ونقصد به هم الوجود السوداني في العقل الأفريقي، وغياب الفعل الثقافي والإبداعي والفني عن مسارح النشاط الأفريقي بعد أن كان يشكل حضوراً لا ينافسه حضور.
قابل للنشر:
أحيي كل الذين كاتبونا وخاطبونا حول ما أثرناه خلال اليومين الماضيين، ونعدهم بنشر تعقيباتهم وتعليقاتهم في أقرب فرصة ممكنة، ونخص بذلك الأستاذ “حافظ مهدي” الذي كتب (ليس دفاعاً عن وزير المالية)، وكذلك التعليق الخاص من “رزق ماردي” كما جاء في الرسالة الإلكترونية حول (النفايات)، إضافة إلى رسالة من السيد “فيصل علي إبراهيم” تعليقاً على ما كتبناه تحت عنوان (أخطر أنواع البلاء.. نواجهه الآن) حتى لو اضطررنا إلى الاختصار مع إيصال الفكرة.