نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير "أحمد بن حلي" في حوار استثنائي لــ(المجهر)
إطلاق الحكومة للحوار الوطني نعدّه منطلقاً أهم ولهذا ندعو الأطراف كافة أن تستجيب وتتفاعل
مع الأسف كنا نسعى للوحدة العربية الوطنية الآن تقلص طموحنا على الوحدة الوطنية
نعاني من تداعيات التحولات التي شهدها الإقليم العربي وللأسف لم تؤد هذه المتغيرات الدور المطلوب منها
{ لا تسألوني بل اسألوا الزعماء والرؤساء العرب هذا السؤال..!
حوار ـــ محمد جمال قندول
تقول سيرة نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير “أحمد بن حلي” في بطاقته التعريفية إنه دبلوماسي جزائري، ولد في بلدية الخميس بولاية تلمسان في 26 أغسطس 1940، تخرج في كلية الصحافة والإعلام جامعة القاهرة في العام 1970م، وشارك بمسابقة لوزارة الخارجية للتعيين بالسلك الدبلوماسي وكان ترتيبه الأول، وللمفارقة كانت أولى محطاته بالعمل الدبلوماسي أن عُيّن سفيراً للجزائر في السودان بالعام 1992م، حيث لعب دوراً مهماً في تنقية أجواء العلاقات الجزائرية السودانية التي كان يشوبها التوتر في ذلك الوقت، ثم عُيّن في جامعة الدول العربية بدرجة مستشار للأمين العام للجامعة، حيث عمل مع الدكتور “أحمد عصمت عبد المجيد” آنذاك في العام 1994م، ثم في العام 1997 ترقى إلى منصب أمين عام مساعد للأمين العام حينها “عصمت عبد المجيد” ثم عُيّن في سنة 2009 نائباً لـ”عمرو موسى” الأمين العام لجامعة الدول العربية. ويحتل السفير “بن حلي” موقع الرجل الثاني في جامعة الدول العربية، خاصة وأنه يمسك بالملفات السياسية والقضايا الساخنة التي تتعامل معها الجامعة.. حصل علي وسام جيش التحرير الوطني الجزائري والعديد من الدروع والأوسمة تقديراً لنشاطه في مجال العمل العربي، ومن ضمنها درع الدبلوماسي المثالي من منظمة “الآفروآسيوي”.
وحط “حمد بن حلي” الرحال بالخرطوم من جديد أمس الأول (الخميس)، ليس سفيراً لبلاده بل سفيراً للأمة العربية كلها بمنصبه الجامع للهوية من خلال جامعة الدول العربية ليشارك في فعاليات ورشة دور الإعلام العربي لمكافحة الإرهاب، التي اختتمت أنشطتها أمس (الجمعة) بقاعة الصداقة.. (المجهر) التقته وطرحت عليه العديد من الأسئلة ولم يبخل علينا رغم ضيق زمن الحوار فإلى المضابط..
{ بداية مرحباً بك سعادة نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية؟
ـــ مرحباً بك.
{ انطباعك عند زيارة الخرطوم بعد غياب طويل؟
ــ سعيد جداً.. كيف لا أكون سعيداً وهي واحدة من المحطات الدبلوماسية التي عملت بها.
{ كنت سفيراً لدى السودان قبل أكثر من (14) عاماً.. كيف وجدت الخرطوم والسودان اليوم؟
ـــ والله للأمانة يخطو خطوات ثابتة سواء في مجال التنمية أو في مجال التعامل مع القضايا الوطنية والعربية، وإطلاق الحوار الوطني أعدّه منطلقاً أهم وإطاراً جيداً جداً، ولهذا ندعو الأطراف الأخرى كافة أن تستجيب وتتفاعل مع هذا الموضوع لأن السودان محتاج لأبنائه وإلى تجميع قدراته حتى يكرسها كلها في مجال التنمية والاستقرار.
{ كيف تنظر جامعة الدول العربية لموضوع الورشة المتمثل بـ(الإرهاب)؟
ـــ هذا أحد المحاور الأساسية الذي تهم الجامعة العربية، وهي نظمتها مع وزارة الإعلام السودانية وهي تندرج في إطار الخطة الكبرى العربية لمواجهة هذه الظاهرة بالوسائل الممكنة كافة، ومن ضمنها الإعلام الذي أصبح أحد أهم الأسلحة الفتاكة والمؤثرة في كل القضايا التي يتناولها.
{ الجامعة العربية.. كيف تنظر إلى التحولات التي حدثت بالشرق الأوسط من خلال الثورات العربية وتحول مواقع القوة بها؟
ــ نحن نعاني من تداعيات هذه التحولات لأنها للأسف لم تؤد الغرض، بل بالعكس في بعض الأمور انزلقت إلى أزمات وتوترات ما زالت بعض الدول العربية تعاني منها، لكن يجب أن لا نفقد الأمل وأن نبقى متفائلين بأن نتخطى هذه الأزمات، وأن تعاد الأوطان إلى استقرارها ومعالجة النواقص والتأثيرات السلبية في مجال المتغيرات والتطوير والإصلاح.
{ ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم بالجامعة العربية؟
ـــ التحديات دائماً موجودة، أولاً هذه الأزمات المنتشرة بالدول العربية التي تعاني منها سوريا والعراق ولبنان وليبيا.. هذه أحد التحديات الأساسية بالنسبة لنا، بالإضافة إلى تحدي الإرهاب كما قلنا مراراً وتكراراً، خاصة وأنه يعمل على الاضطراب وقيادة الدول الغنية بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي أطلت بصورة واضحة على الدول العربية حتى الدول البترولية منها وحاجتها لاقتصاد إصلاحي وتحديات كثيرة، ويبقى التحدي الأكبر والمعضلة الأساسية، إسرائيل، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وتصحيح المظلمة التاريخية، التي مع الأسف اقترفت في حق الشعب الفلسطيني.
{ الكثير من الانتقادات توجه لكم بالجامعة وأنكم مع القول كثيراً لا مع الفعل بحيث تتحدثون وتعقدون مؤتمرات ولكن على أرض الواقع لم يتغير أي شيء.. ما تعليقك.. وهل الجامعة العربية ضعيفة أمام تحقيق تطلعات الشعوب العربية كما يثار؟
ــ الجامعة العربية كمنظمة إقليمية كأية منظمة دولية تعمل في إطار إرادة جماعية للدول الأعضاء وتعمل في إطار الدبلوماسية وتنسيق المواقف العربية والربط بين المشاريع والخطط العربية، هذا هو دورها، وأنا مع أولئك الذين يريدون أن يكون للجامعة سقف أكبر وأجندة أكثر.
{ هل تجد الجامعة التعاون الكافي من زعماء وملوك ورؤساء الدول العربية؟
ــ والله هذا السؤال يسأل عنه الزعماء والرؤساء مش أنا..!
{ ما هي أبرز مهددات الإرهاب بالوطن العربي؟
ــ الإرهاب يدخل في زعزعة كيان الدول، وكما تتابع هنالك شهداء، وعدد من الدول تشهد اضطراباً بسبب الإرهاب، بالإضافة إلى أن شبابنا بدل أن يوجه طاقته وحماسه بناء الأوطان وبناء المجتمعات وأسرته أصبح يستقطب من قبل هؤلاء الإرهابيين للدفع بهم إلى التهلكة والهاوية والمجاهل، والعواقب وخيمة.
{ هنالك اتفاقيات في مكافحة الإرهاب ما مدى التعاون لتنفيذ هذه الاتفاقيات على أرض الواقع للقضاء على ظاهرة الإرهاب؟
ـــ هذا هو بيت القصيد، نحن لدينا مجموعة كبيرة من الاتفاقيات وهي توفي جميع أنواع الإرهاب، بدءاً بالإرهاب الفكري وحتى الإرهاب التكنولوجي، الآن كيف نخلق الآليات والكاريزما لتنفيذ هذه الاتفاقيات باعتبارها وضعت لنا الإطار السليم لتبادل المعلومات بين مختلف المكونات العربية، وتعبئة المنابر كافة التي تؤثر علي الإرهابيين بدءاً بالمسجد والمدرسة والمنزل، لهذا المعركة شاملة وطويلة، لكن لا بد من كسبها وقهر الإرهاب.. والمشكلة الخطيرة الآن أن مواطني العرب بديار الغربة الذين كانوا يعيشون بالخارج أصبحوا مهددين.. مجرد النطق بالعربية والديانة “مسلم” أصبح يتهم بالإرهاب إلى أن يثبت العكس.. الخطورة تكمن في انتشار وتفشي الإرهاب ما يضفي تداعيات خطيرة وجديدة.
{ ما هو الدور المناط بجامعة الدول العربية لمواجهة قضايا الإرهاب.. وهل قامت بتدابيرها على الوجه الأكمل وما هي الخطوات المستقبلية؟
ـــ نحن في الجامعة العربية نحاول مع الدول الأعضاء والمنظمات والشركاء كافة أن نتعاون ونعالج ونتعامل مع هذا الموضوع بالجدية المطلوبة، وسنتعامل معه بكل الأساليب، مادية، دينية وفكرية سنجابه معركة الإرهاب، لأنها ليس مجرد تدخل وزارة الداخلية وغيرها وإنما معركة تبدأ بالفكر.. كيف ننقي ونطهر العقل والفكر من هذه الظاهرة السلبية، ثم المضي إلى الميدان لمواجهته.
{ ما هو دور الجامعة العربية للحفاظ على وحدة الدول العربية؟
ـــ هذا أحد الثوابت الأساسية بالنسبة للجامعة العربية، وستواصل دورها وتقدم كل ما في استطاعتها للحفاظ على الوحدة الوطنية لكل دولة عربية.. نحن بالنسبة لنا انفراد وتقسيم أية دولة يعدّ كارثة، لذلك أحد الثوابت التي نعمل عليها ونسعى بقدر كبير إليها هو الحفاظ على الدولة الوطنية، مع الأسف، كنا نسعى للوحدة العربية الوطنية الآن تقلص طموحنا إلى الوحدة الوطنية، قبل أن نرجع للحلم الكبير وتوحيد الأمة العربية، لذا نركز على هذا المحور ونوليه اهتماماً خاصاً جداً.
{ في رأيك ما هي أولى خطوات هزيمة قضية الإرهاب؟
ـــ لابد من تصحيح الخطاب الديني حتى يتلاءم مع روح العصر، ويساعد في إرساء الوسطية والاعتدال، وإنشاء مراكز لتأهيل الأئمة والدعاة وإبعاد الجهلة والمتطرفين، بالإضافة إلى أحد أهم المرتكزات مثل الإعلام والفنون الإبداعية وشبكات التواصل الاجتماعي وضرورة عملها بصورة أكبر للتصدي لظاهرة الإرهاب.. نحن في الجامعة اتخذنا العديد من التدابير من خلال قرارات واتفاقيات، القرارات تهدف في المقام الأول إلى تعريف الإرهاب والوصول إلى أساليب وأدوات تساهم بشكل إيجابي في مكافحته.. ومن أهم أهداف الملتقى العربي إيجاد آلية وتدابير لمجابهة الإرهاب والغلو والتطرف.
{ إعلان الخرطوم من خلال ورشة (دور الإعلام العربي في مواجهة الإرهاب) كيف ستتعاملون معه؟
ـــ أؤكد لكم، بإذن الله، توصيات ملتقى الخرطوم سيتم عرضها على مجلس الجامعة العربية لتدخل حيز التنفيذ عبر وزراء الإعلام العرب.