جلاب" في "أديس"
آثار ظهور اللواء “إسماعيل خميس جلاب” المفاجئ في مسرح مفاوضات السلام بين الحكومة والحركة الشعبية شمال ردود أفعال واسعة هنا وغضب شديد في أوساط وفد الحركة وحلفائها من الأحزاب السياسية والحركات الأخرى، وجاء ظهور “جلاب” بعد يوم واحد من بدء المفاوضات وتسبب في ربكه شديدة لفريق الحركة المفاوض وتباعدت المسافات بينه ووفد الحكومة خاصة وقد نزل جلاب ساحة التفاوض بالتقيل بعقد لقاء بمبعوث الأمم المتحدة في السودان الجنوب أفريقي “نيكولاس هيثم” وطلب “جلاب” مشاركته في المفاوضات وهو يهدد بالاستمرار في التمرد إذا لم يشرك هو ومجموعته التي أطلق عليها اسم الحركة الشعبية- الأغلبية الصامتة ووجد وعدا بالنظر لمشكلته ثم انخرط “جلاب” في لقاءات بحلفاء الحركة من القوى السياسية مثل الإمام “الصادق المهدي” ومساعد الرئيس “إبراهيم محمود” ورئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم” وأخيرا التقى الوفد بالمبعوث “أمبيكي” الذي وعدهم بالنظر لمشكلتهم وحلها.
وقضية “جلاب” تدخله في خلافات عميقة مع قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال وخاصة “ياسر عرمان” الذي يعتبرونه (جلابي) لاعلاقة له بقضايا النوبة ولا ينبغي لغير النوبة الحديث عنها وكذلك يعتبرون “عبد العزيز الحلو” من المساليت وبالتالي غير جدير بالحديث عن قضايا النوبة ومثله أيضا “مالك عقار” وبهذا السبب خرجوا من صف الحركة وانشقوا عنها ويعملون على إقناع المجتمع الدولي بأطروحتهم التي من جانب تثير جدلا في أوساط أبناء النوبة حتى في المؤتمر الوطني هناك قيادات ترى في “جلاب” الأمل الذي يستطيع هزيمة الحركة والقضاء عليها إذا استطاع حشد النوبة كإثنية في مواجهة الحركة الشعبية مع أن “جلاب” لا يملك على الأرض قوة تستطيع مواجهة جيش الحركة إلا أن إثارة خطاب عاطفي يجعل من الانتماء العرقي رافعة سياسية تميز بين السكان وتقسمهم لنوبة وغير نوبة قد تجد صدى وهوى في نفوس البعض مع أنها فكرة ساذجة ومن شأنها تمزيق البلاد أكثر مما عليه الآن.
وعنصرة السياسة في بلادنا لم تبدأ مع تنظيم “الطيب مصطفى” والفريق (غير الرشيد) ولكنها قديمة منذ تنظيم (اللهيب الأحمر) و(نحن كادقلي) و(الصخرة السوداء) وتنظيم (الأغلبية الصامتة) اليوم يمثل امتداداً لذلك الإرث مع وجود خلاف في الممارسة وتلك التنظيمات كانت سرية ولكن اليوم بعد أن أصبح منبر “الطيب مصطفى” علنياً ويملك أبواقاً إعلاميه فإن ظهور “خميس جلاب” ومجموعة (الأغلبية الصامتة) جزء مما يحدث في بلادنا.. ومن يقرأ أدبيات التنظيم الجديد عن حقوق الشعوب الأصيلة التي حظيت باعتراف من الأمم المتحدة يدرك عمق هذه المجموعة التي تثير الآن جلبة وضوضاء في أديس أبابا ولكنها بالطبع إذا ما طرحت نفسها في أرض الواقع بخطابها الذي يتجاهل مكونات جبال النوبة من غير النوبة فإن هذا الخطاب قد يثير فتنة عرقية في المستقبل.
نعم في الوقت الحاضر قد يلحق بالحركة الشعبية أذى جسيم ويجردها من أسلحة عديدة خاصة إذا أفلح “جلاب” في جمع بعثرة صفوف تنظيمات النوبة حتى أصبحت الحركة الشعبية أكثر من واجهت ولكنها مبعثرة وغير متجانسة وكذلك الحزب القومي السوداني، ومهما يكن فإن وجود “جلاب” في الساحة يثير حيوية في الساحة بأطروحته التي تجعل مواطني جبال النوبة إثنيات مبعثرة سياسيا وتلك هي عرقنة السياسة التي قادت الجنوب لحرب النوير والدينكا