حوارات

القيادي الإسلامي الشيخ "عبد الجليل النذير الكاروري" في حوار مع المجهر السياسي (2 من 2)

* ليتنا نفلح في ما أفلح فيه أردوغان اقتصادياً!
*لماذا نبني مطاراً في مروي مدرجه أطول من مطار الخرطوم ونصرف فيه أموالاً و(ما في طيارة واحدة هناك)!
الخلل في الاقتصاد ، يؤثر في  السلوك، فلابد من مراجعته
 حوار – سوسن يس
# في تقديرك هل بالإمكان تطبيق نموذج الدولة المدنية هنا في السودان.. أو كما يسميها أردوغان (العلمانية الحديثة).. هذا النموذج التركي؟
   — لا لا.. تركيا دخلت في مواجهة مع الدين (100) سنة.. نحن ما دخلنا في مثل هذه المواجهة.. لم يظهر عندنا رجل مثل “أتاتورك” ليمنع الأذان ويمنع اللغة العربية.. الحمد لله نحن في عافية.
فالنموذج التركي في التنمية يناسبنا لكن في التشريع وفي الاجتماع لا.. فهم دخلوا في علمانية لمائة سنة.. هم كفروا تماماً.. الدولة كفرت وعادت حتى الحرف العربي.. نحن في عافية..
ليتنا نحن في السودان نفلح في ما أفلح فيه “رجب” اقتصادياً.. هذا هو التحدي.
# ولماذا لم نفلح في تقديرك؟
   – والله للفارق الحضاري.. هناك فرق كبير بين المواطن التركي والمواطن السوداني.. في الجدية في العمل، في استيعاب التقنية، في الانضباط في الخدمة المدنية.. الأتراك ناس جادون ونحن أكثرنا جئنا من الريف وما عندنا احترام للشيء العام ولا لساعات العمل والإنتاج.. الفارق الحضاري كبير بيننا ولابد من نقلة حضارية.. “ابن خلدون” يقول (من غير دربة مافي إنتاج راقي).. والدربة تحتاج تراكمات ونحن (الواحد فجأة يجي من الريف يبني ليهو قصر في الخرطوم ما يعرف يديره كويس).. لذلك الأمر يحتاج لزمن.. أيضاً الرشد في التخطيط.. الأتراك عندهم تجارب وعندهم تماس مع أوروبا.. يعتبرون أشقاءً للألمان.. يعني أنظري لكبري المك نمر.. هذا الكبري تم إنشاؤه في سنة واحدة وأقيم على قضبان حقيقية جاهزة.. قارني بينه وبين كبري العزوزاب (وشوفي نحن بنرقع فيهو لينا كم)..
# الفرق بيننا وبينهم هو الفساد وسوء الإدارة.. هذا الكبري الذي ذكرته – مثلاً –  كان يجب محاسبة المسؤول عن إنشائه ولكن نسبة للفساد ولسوء الإدارة لا يتم مساءلة أحد..؟
   – ليس الفساد.. حتى الشخص المستقيم نفسه ليست لديه الخبرة التخطيطية والفنية ليعمل الشيء الصحيح.
# وهذه نفسها إشكالية تتعلق بسوء الإدارة.. الذي يملك قرار الاختيار لماذا لا يقوم باختيار صاحب الخبرة القوي الأمين بعيداً عن اعتبارات القرابة والانتماء للحزب وهذه الأشياء؟
   – لا.. أبداً.. نحن الآن بنينا كثيراً من المنشآت (ما عندنا فيها غرض).. لماذا نبني مطاراً في مروي مدرجه أطول من مطار الخرطوم وصرفنا أموالاً و(مافي طيارة واحدة هناك؟!).. لماذا نعمل خزانات أحادية في بلد زراعي؟ كيف ننشئ خزاناً ولا نخرج من خلفه ترعة لتروي الأرض، بينما الانجليز قبل قرن بنوا خزان سنار وعمروا الجزيرة بـ(5) ملايين من السكان.. ونحن نهجر الناس لنبني السد!.. الاستعمار هجر ناس للسد الذي بناه ليعمل تنمية.
# هذه الأسئلة التي تطرحها الآن يجب أن توجه لمن؟
   – (لشيخ الكاروري ذاته.. لأنه مسؤول).
# نعم حقيقة توجه إليك أنت نفسك لأنك مسؤول..
   – (إذا الكلام دا أنا أول مرة أقوله لك.. يكون مجرم هذا الكاروري).. لكن إذا قاله قبل الآن يكون قد برأ نفسه..
# نعم أنت قلت هذا الكلام كثيراً فهذه ليست المرة الأولى التي تقوله فيها.. لكن بصراحة لا أظن أن مجرد قولك له يبرئ الذمة.
   – إن شاء الله.. الله يسامحنا بس.
# شيخ “الكاروري” لماذا لا تقولون هذا الكلام لمن بيده القرار.. عليكم أن تقوموا بتوجيهه لأولي الأمر؟
   – صحيح.. هناك أيضا نصائح سرية لكن أنتم تسمعون هذه فقط . هناك مجالس وأمانات.. أنا عضو المكتب القيادي وعضو شورى المؤتمر الوطني.. في أي فرصة نحن نقول وأحياناً يسمعون النصيحة.. تكلمنا في القمح وتكلمنا في البترول.. ولو كانوا اتبعوا ترتيباتنا في القمح منذ 1991م لكنا الآن صدرنا القمح. نحن شعارنا كان توطين القمح في شمال السودان.. واخترنا الشمالية كبيئة اجتماعية وبيئة جغرافية باردة واخترنا غلة فيها منافسة.. هذا كان في عام 1991م، ووصلنا إلى 800 ألف طن من الإنتاج وبعد ذلك تدهورنا بعدما نقلنا القمح إلى الجزيرة ونافسنا القطن بالقمح ففقدنا القمح والقطن. نحن نبهنا في وقت مبكر ولكن حدثت انتكاسات، لأن هناك سياسيين مستعجلين (عندهم أرض مسطحة في الجزيرة عايزين بسرعة يطلعوا قمح، ولا يعرفون أنه عندما جاء المستعمر لم يكن يريد قمحاً.. كان يريد قطناً فاختار بيئة حارة لزراعة القطن، والقمح لا يصلح في البيئة الحارة.. وأيضاً القمح يحتاج للري الانسيابي بالخزانات ونحن بنينا الخزانات وما فتحنا الترع.. هذا عجز القادرين على التمام بالنسبة للإنقاذ.
# قبل أيام تحدث نائب الرئيس عن تمكين الدين وقال إن الإنقاذ مصرة على تمكين الدين.. ألا ترى أن الحديث عن تمكين الدين تكرر كثيراً.. 27 سنة والإنقاذ تتحدث وتكرر الحديث عن أنها ستمكن الدين.. ولا نرى هناك ديناً بل نرى تدهوراً في كل شيء في الصحة وفي التعليم وفي أخلاق المجتمع وفي الاقتصاد وفي وفي… (بصراحة ألا ترى أن الإنقاذ أفرغت كلمة الدين من معناها؟)..؟
   – من حيث الشعائر هناك رقي كبير في عدد المساجد في مساحتها، التراويح في رمضان، الزكاة، تعظيم شعيرة الزكاة هذه موجودة في السودان وغير موجودة في أي مكان في العالم ولا في السعودية.. ولكن الخلل في الاقتصاد، والخلل في الاقتصاد كما ذكرت يؤثر في  السلوك.. فلابد من معالجة الخلل لأنه وبعد انفصال الجنوب أصبح لدينا 20% فقط من البترول وهذا أحدث فجوة في الاقتصاد.. فمنذ 2012م تدهور الاقتصاد أثر على المعيشة وأثر على الأخلاق.. فمؤكد يكون أثره سلبياً على الدين.
  
# ألا ترى أن الحركة الإسلامية على الأقل قد أصابها بعض الخدوش نتيجة حديث  شيخ “حسن” لقناة الجزيرة  حول محاولة اغتيال حسني مبارك؟..
   – على أي حال.. ما كنا في اجتماعاتنا نخطط لمثل هذه الأعمال.. ( فإذا فعلاً في ناس عملوهو فهو أتعمل من وراء ظهر الجهات التي تخطط).. هذه الشهادة، وأنا في السعودية سمعت أن المؤتمر الوطني قال عنها (نحن لا نقبل شهادة ميت).. لكن المطلوب دفع هذه الشهادة من الناس الأحياء.. على الإنسان الحي، طالما هو أصبح طرفاً ومسؤولاً أن يدفع ويبين للناس ويقول الذي حدث في الحقيقة هو كذا وكذا.. أيضاً وثائق الدول لا تكشف بعد 10 سنوات، تكشف بعد 30 أو 50 سنة.. فهذا وقت مبكر.
# لكن أنت تؤكد أن الحركة الإسلامية بشكل رسمي لا تعرف ولا تتبع مثل هذه الأساليب الاغتيالات والقتل و و؟
   – ( لا لا.. نحن ما علمونا ذلك).
   – اسألي الزبير.
# بصراحة ألا تشعر بالغضب أو بالحزن لبروز مثل هذا الكلام إلى السطح؟ أو لوضع الحركة الإسلامية في هذا الموقف؟
   – ما كان هناك داعٍ لمثل هذا الغسيل.. وأظن أن رد “اسحق فضل الله” فيه شفاء.
# تعني حديثه حول أن هناك مؤامرة وراء الموضوع..؟
   – صحيح.. الاستخبارات المصرية تصنع أشياء كثيرة.
.. الاستخبارات أتت بعناصر وجعلت “حسني مبارك” تذهب معه عربة مصفحة وترتيبات كبيرة لسلامته.. عادة ما كانت تحدث في أي قمة سابقة.
# آخر سؤال: يجب على الحركة الإسلامية أن تفعل ماذا في تقديرك.. ألا ترى أنه عليها أن تقوم بعمل شيء؟.. مع أن هذا الموضوع كبير ولا يهم الحركة وحدها..؟
   – عليها تبيين الحقائق.. عندما جاء الإفك نزلت سورة كاملة اسمها (النور).. فعليها أن تبين الحقائق.. وإذا الحركة بينت سيستفيد الحزب والدولة لأن الحركة أم الجميع.. (الزول الكبير في ذمته البيان.. أليس كذلك؟).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية