تقارير

راهن حقوق الإنسان في دولة جنوب السودان

“قتل.. اغتصاب.. خصي وتجنيد قسري”
رصد- عماد الحلاوي
انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تشهدها دولة جنوب السودان (قتل، اغتصاب وتجنيد قسري)، حيث ذكرت معظم النساء في معسكرات النازحين أنهن فقدن أزواجهن. وأكد مراقبون لوضع حقوق الإنسان في جنوب السودان وقوع انتهاكات مروعة ومنهجية ضد المدنيين منذ اندلاع الأزمة في ديسمبر 2013، لكن التقرير الدولي يفيد بأن الأطراف الحكومية تتحمل المسؤولية الأكبر لذلك خلال عام 2015 في ظل تراجع قوة القوات المعارضة، تتضمن حرق مدنيين وهم أحياء أو قطع أجزاء من أجسادهم، وقتل صحفيين العام الماضي أثناء تغطيتهم النزاع هم: “رندا جورج، داليا ماركو، موسى محمد، بطرس مارتن، آدم جوما وبيتر جوليوس”.
وقال القيادي الجنوبي الدكتور “عبد الله دينق” إن (السنان يتقدم على اللسان)، حيث إن كل أطراف الصراع ارتكبت انتهاكات خطيرة خاصة في جانب الحريات الصحفية وقمع الصحفيين وإسكات النقاش حول كيفية إنهاء الحرب. وأبان “دينق” في حديثه في منتدى (راهن حقوق الإنسان والحريات العامة في دولة جنوب السودان) الذي نظمته المنظمة السودانية للحريات الصحافية، أمس، بقاعة اتحاد المصارف، أبان أنه من العبث أن يقال إن بالجنوب حريات، ووزير كهرباء بالخدمة “ضيو مطوك” يعتقل ويعذب، وأشار إلى أن مسألة الحريات في الجنوب ليست مسألة قانون، فدستور الجنوب السائد الآن هو الدستور الانتقالي لسنة 2005م وبه كفالة للحريات كافة. 
وقال الصحافي والمحلل السياسي الجنوبي “سبت مقوك” في المنتدى إن الراهن الإنساني بدولة جنوب السودان مزرٍ للغاية ويثير الصدمة، وكل المنظمات الإنسانية رصدت انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان، إذ تم رصد أكثر من (1300) حالة اغتصاب، وقتل (300) مواطن اختناقاً تم حبسهم داخل حاوية، وتعرّض مدنيون للقتل والحرق والخصي والشنق والإغراق والخنق أو قضوا جوعاً، كما تم رصد حالة قسرية لأكل لحوم البشر.
وذكر الصحافي “مقوك” أن دولة جنوب السودان منعت سفر أي شاب فوق سن الـ(18) سنة، الأمر الذي عدّته منظمة العفو الدولية انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان في التنقل. وبعد بضعة أشهر على اندلاع الحرب، أعلنت الأمم المتحدة عن سقوط عشرة آلاف قتيل. ورغم تواتر المجازر بصورة متسارعة وانتشارها على امتداد البلاد، أبقت المنظمة الدولية على هذه الحصيلة حتى الشهر الجاري، حين أفادت عن سقوط ما لا يقل عن (50) ألف قتيل.
ونفذت العديد من المجموعات المسلحة مجازر إثنية، وعلى الرغم من توقيع اتفاق سلام في أغسطس 2015، لا تزال المعارك متواصلة في عدة مناطق حيث الفصائل المسلحة لها مصالح محلية. وجرت المعارك بتجهيزات حديثة من مروحيات قتالية وقاذفات صواريخ ومدفعية ثقيلة ودبابات إنزال لمطاردة المتمردين في مناطق المستنقعات المعزولة، وتم تدمير مدن بالكامل.
وأعلن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “زين بن رعد الحسين” أن وضع حقوق الإنسان في جنوب السودان هو (الأفظع) في العالم حيث أجيز لمقاتلين موالين للحكومة “اغتصاب النساء كمكافأة أو راتب لهم”. وقال في تقرير له إن الوضع في جنوب السودان (من أفظع أوضاع حقوق الإنسان في العالم مع الاستخدام الكثيف للاغتصاب كأداة لبث الرعب وكسلاح حرب).
وأضاف المفوض الأعلى إن حجم وطابع الاعتداءات الجنسية– التي ارتكبت معظمها القوات الحكومية (الجيش الشعبي لتحرير السودان والميليشيات الموالية له)- جرى وصفها بتفاصيل مخيفة وصادمة، مثلما هو عليه الموقف الفظ ولكن المدروس لمن ذبحوا المدنيين ودمروا الممتلكات ووسائل العيش.
ويؤكد المفوض الأعلى في تقريره أن الفريق الذي قام برصد هذه الوقائع وثق معلومات بأن الميليشيات المسلحة التي تنفذ الهجمات إلى جانب الجيش الشعبي لتحرير السودان ترتكب انتهاكات بناء على اتفاق (افعلوا ما يمكن أن تفعلوه وخذوا ما يمكن أن تأخذوه). وأضاف إنه (بناء على مصادر موثوقة فإن الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة يسمح لها باغتصاب النساء على شكل مكافأة أو راتب).
وتضمن تقرير المفوض الأعلى شهادات حول قتل مدنيين متهمين بتأييد الطرف الآخر، بينهم أطفال ومعوقون، قتلوا أو أحرقوا أحياء، أو خنقاً في مستوعبات، أو بالرصاص، أو شنقاً على أشجار، أو قطعوا أشلاء.
وقال “مقوك” إنه (نظراً لحجم وعمق وفظاعة هذه الاعتداء على حقوق الإنسان واتساقها وتكرارها والتشابه في طريقة تنفيذها، يجعل هناك أسباباً منطقية للاعتقاد بأن هذه الانتهاكات يمكن أن تشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية). وقال: (لا يبدو أن العدد الأكبر من الضحايا المدنيين هو نتيجة عمليات قتالية وإنما هجمات متعمدة على المدنيين). وأضاف: (في كل مرة تستولي ميليشيا جديدة على منطقة ما يقوم المسؤولون بقتل وتشريد أكبر عدد ممكن من المدنيين على أساس انتمائهم القبلي).
وتنكر حكومة دولة جنوب السودان وقوع الحادث إلا أن منظمة العفو الدولية استشهدت بعشرين شاهد عيان سمعوا الضحايا وهم يصرخون.. وتطالب المنظمة الدولية بملاحقة الجنود المتورطين أمام القضاء، وأوضحت أن (الشهود وصفوا كيف استمعوا إلى المحتجزين وهم يبكون ويصرخون ويضربون جدار حاوية البضائع من الداخل وليس لديهم أية نافذة أو وسيلة تهوية).
وقال أقارب الضحايا إن المحتجزين كانوا من (الرعاة والتجار والطلبة وليسو من المقاتلين). وروى شاهد عيان أنه رأى جنوداً يسحبون أربع جثث من الحاوية و(يعيدون غلقها من جديد على آخر الأحياء داخلها). واعتمد تقرير المنظمة على شهادات (23) شخصاً رأوا الضحايا يدفعون بالقوة داخل الحاوية وأيديهم مقيدة أو رأوا الجثث وهي تسحب من الحاوية وترمى.
وقالت “لمى فقيه” كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية: (لقد كابد العشرات موتاً بطيئاً ومؤلماً على أيدي قوات الحكومة الذين كان يجب أن يحموهم. إن عمليات القتل غير القانونية هذه يجب التحقيق فيها ويجب تقديم جميع المسؤولين عنها للقضاء في محاكمات عادلة بدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام).
وأضافت: (ومن أجل حصول ملاحقة قضائية على نحو فعال، ينبغي على مفوضية الاتحاد الأفريقي أن تتخذ على الفور خطوات لتسريع المحكمة الجنائية المختلطة التي تم إنشاؤها بناء على اتفاق السلام الموقع في أغسطس من عام 2015، وأن تضمن قيام المحكمة ببدء تحقيقات على الفور في وقوع جرائم مصنفة وفق القانون الدولي، بما فيها هذه الفظاعة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية