النائب الأول لسكان جنوب كردفان: سوف نقف معكم لأن في فترة الحرب فاتكم الكثير
كادقلي.. أناس يحبون السلام والفرح
الوالي: لا نريد التحدث عن (الدانة) ولا المهانة ولا عن الصيف الحاسم
كادقلي – يوسف بشير
تداعى مواطنو جنوب كردفان، من محلياتها الــ(17)، لحضور إحتفائية افتتاح مهرجان السلام بالولاية، للتجارة والاستثمار والسياحة والتراث، المقام بحاضرتها كادوقلي، الذي انطلق بالأمس، ويستمر حتى (السبت) المقبل. ومُنذ وصولنا المدينة، (السبت)، شهدنا شباباً يعملون بكل جُد في تتزين طرقات المدينة، فأضفوا عليها لوناً جديداً برسومات تعبر عن التنوع العرقي والثقافي والتراثي في البلاد قاطبة، كأن فتيتها يرسلون رسالة واضحة بأنها تنفصل عن الوطن، خلاف ما تروج له الحركة الشعبية – قطاع الشمال ،بدعوتها لإعطاء المنطقتين حكماً ذاتياً، وقد قال الوالي في هذا الصدد، أول من أمس: (هذا حديث للاستهلاك السياسي، وهو خيار ليس مطروحاً حتى في طاولة المفاوضات)، مغلقاً بذلك الباب نهائياً، ويتسق كلامه هذا، تماماً مع رؤية الحكومة. وقبيل كرنفال الافتتاح، اكتظت طرقات المدينة بالمواطنين الراجلين وراكبي سيارات، وكلهم متجهون لإستاد كادقلي، فكل مواطني محلية يرفعون لافتات تدعو للسلام وإشاعة الفرح، وقد حضروا ومعهم فرقهم الاستعراضية، التي تتغنى بتراث جبال النوبة، الموغل في القدم، وفي أذهانهم بطولات رابحة الكنانية، والمك عجبنا، وابنته مندي ، التي سار بذكرها الركبان.
* مداخل الاستقرار..
يُعد التنوع الثقافي أهم مدخل للسلام، ومن ثم التنمية، وبعد ذلك مجاراة التحديث الذي اجتاح العالم في شتى مناحي الحياة. والولاية تعد متأخرة، نوعاً ما، عن بقية الولايات في النهضة الشاملة بسبب الحرب، وهذا ما أكده النائب الأول لرئيس الجمهورية، الفريق أول ركن ” بكري حسن صالح”، خلال خطابه الجماهيري بالإستاد، ووعد مواطني الولاية بوقوف رئاسة الجمهورية معهم.
وقبل حديثه، أدى طلاب المراحل الأساسية عرضاً جاذباً، وقد ارتدوا ملابس زاهية، مشكلين بذلك، لوحة تكامل مع الفرق التراثية. ولم ينس مواطنو مملكة تقلي القديمة، تزيين الافتتاح، فتقدمت الطرق الصوفية الصفوف، راسمة مشهداً وقوراً. ولعل توقف الفرق التراثية عن الرقص لحظة حضور مشايخ الطرق الصوفية، يوضح بجلاء حب الناس لهم، وتبجيلهم. وبالعودة للطلاب الصغار، كان الفرح يتقافز من أعينهم، وهم يؤدون عرضهم على إيقاع الأغنيات العربية ،واللهجات المحلية، وبين الفينة والأخرى يرددون: (من زمن مندي وعجبنا، هذا تاريخنا يشهد). وهذه الفرحة الكبيرة في أعينهم مصدرها، غير كسر روتين الدراسة، إعلان حكومة الولاية، أن هذا العام هو عام التعليم.
* مزيد من التنمية..
وفور وصوله كادقلي، صباح أمس، افتتح النائب الأول مشاريع تنموية في المدينة، من بينها مستشفى كادقلي، القرية التراثية، الميناء البري، المعارض المصاحبة للمهرجان، كهرباء الدلنج، وتستمر رحلته في الولاية اليوم، بينما يتضمن برنامجه ليوم غد تدشين سريان التيار الكهربائي القومي في الولاية، وتمثل ضربة البداية في الدلنج والقوز، ومن ثم باقي المدن، وقد داعب بكري سكان الولاية بالقول: (الكهرباء جاتكم، ويا ريت تدو ناس الخرطوم شوية)، في إشارة منه إلى عدم استقرار التيار الكهربائي في العاصمة، والمعروف أن التيار الكهربائي في الولايات، المستمد من الكهرباء القومية، مستقر جداً.
وأعاد النائب الاول إلى الأذهان مآسي الحرب، إذ قال: (زمان تجي كادقلي وراك دوشكا وقدامك دوشكا، ونفزع من المغارب)، ولم يتناس تعداد محاسن السلام بنبرة مرحة، أضاف فيها: (هسي بعاين لقيت قوس قزح، وزمان كان دانات بس. القوات النظامية استطاعت جلب السلام بعد أن قالت الدانات مهانة). ووجه نداء للحركات المتمردة للإسراع في توقيع خارطة الطريق، بعد أن أبدت رغبتها في ذلك، وقال بهذا الخصوص: (نجي نقعد كسودانيين في الأرض، نشوف مشاكل بلدنا، ونحلها). وفي كلمته أشار إلى السحب التي تغطي سماء عروس الجبال، والخضرة التي تكسو المدينة، وزاد في القول: (هناك، لمن تجيهم مطرة بكرهوها، وهنا بفرحوا بالمطر ، لأنهم عارفين قيمته الحقيقية)، ويقصد بهناك ولاية الخرطوم.
* باي باي يا حرب..
اللواء أمن “عيسى آدم أبكر” والي الولاية، قال في فقرة من حديثه للمتمردين: (يا من تتمسكون بالحرب، الحرب ليست الحل، لقد خضناها معاً ،ويعرف كل منا ويلاتها)، وقد عدد ويلاتها في ترمل النساء وتأثر بالأطفال ،وفقدان مستقبلهم، إضافة لتعطيل التنمية. وأضاف: (دعوا السلاح، فإنه بغيض، وما حملناه إلا جبراً)، وشدد على أن الفترة المقبلة هي مرحلة المعول والقلم، في إشارة للزراعة والعلم. وأعلن خط إدارته للولاية، بقوله: (لا نريد التحدث عن الدانة ولا المهانة، ولا عن الصيف القادم)، واعتبر أن ذلك العهد ولى بلا رجعة، ولم يبعد عن ذلك في بقية حديثه، ودعا مواطني الولاية النازحين في الولايات الأخرى، للعودة إلى الديار، وقال إن الولاية في حاجة إليهم، وقطع بأنهم أكثر من الموجودين الآن، وطمأنهم بأن ليس هناك ما يخيف، وقد أوضح أن الولاية تعافت وفتحت صفحة جديدة، بيد أنه عاد، وقال إنه سلام نسبي، وأوضح أن السلام الكامل ليس في الأرض، وإنما عند الله فقط.