رأي

عابر سبيل

استعمار سرطاني

أعرف أن السودان من أوائل الدول الأفريقية التي أدخلت العلاج بالذرة، وارتبط ذلك النوع من العلاج بالدكتور “الشيخ عبد الرحمن”… وللأسف الشديد لم يطرأ أي تطور على مستشفى العلاج بالذرة أو أي تجديد لمعداته في الوقت الذي انتشرت الأورام، خبيثها وحميدها، في البلاد وجأر الناس بالشكوى تارة في الجزيرة وأخرى في الشمالية من تزايد وتلاحق حالات الإصابة بالأورام الخبيثة، والحكومة في أذنيها وقر للحد الذي لم تهتم مطلقاً بالتحوط أو بتوفير العلاج في وجه ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان الذي سرح ومرح في خلق الله، فلم تسلم منه الرئة أو “القولون” أو البروستاتا والمثانة.. وأصبح أمراً عادياً أن يجوس السودانيون في بلاد الله الواسعة بحثاً عن علاج بعد أن أدركوا أن في بلدهم “ما في طريقة” فتوجهوا لجنوب أفريقيا ولمصر وللأردن والسعودية والإمارات وأمريكا.
ولأني أحد “المتأثرين” حسبما أفهمني الطبيب البريطاني الذي حدد لي ثلاثين جلسة علاج”إشعاعي” ضمن علاجات أخرى، فاستأذنته أن يعطيني خيارات “إشعاعية” فذكر لي أربعة بخلاف بريطانيا هي الأردن ومصر وجنوب أفريقيا وأمريكا..وقلت لنفسي ربما يكون “الخواجة” لا يعلم بوجود ذات الإمكانية بالسودان حتى صدمتني الحقيقة المريرة من مسئول طبي نصحني ألا أحاول مجرد محاولة، وكان صادقاً مع نفسه ومعي.
ولم أفاجأ بخبر صاعق في إحدى الصحف أمس عنوانه:(نقص حاد في أجهزة علاج السرطان في مستشفى الذرة)، وخلاصة الخبر أن هناك نقصاً في أجهزة تشخيص وعلاج السرطان وتعطل جهاز فحص أورام الثدي حتى فاق عدد المنتظرين الثمانمائة مريض، هذا إضافة إلى انعدام كوادر متخصصة في سرطان الدم علماً بأن الدولة ملتزمة بتوفير الدواء لمرضى السرطان مجاناً، فيما الجرعة الواحدة المجانية تكلف في المشافي الخاصة عشرين ألف جنيه.. وباختصار شديد أن الذي لا يملك مالاً عليه أن يرضخ لاستعمار السرطان حتى الموت.
ترى هل قرأ وزير الصحة الاتحادي صديقنا “بحر إدريس أبو قردة” هذا الكلام؟ هل لديه علم بهذا التدهور المريع في مستشفى الذرة؟ وكم من الأموال يدفعها المرضى للعلاج خارج الحدود؟؟… والسؤال الملح: أما آن الأوان لتوفير الأجهزة والعلاج لمصابي المرض الّلعين في ديارهم؟  من يملك الإجابة يا ترى؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية