عابر سبيل
الجنائية في مشرحة جامعة أديس أبابا
ابراهيم دقش
في مطلع الثمانينيات دخلت جامعة أديس أبابا التي كانت في السابق وقبل 1974م تسمى جامعة هيلاسلاسي، وقدمت محاضرة (محضورة) عن العلاقات السودانية الأثيوبية، وأتذكر كيف أن أحد الدبلوماسيين الأفارقة سألني عن السر في تفضيل الأثيوبيين للسودانيين على كل من عداهم من الأفارقة.. وأجبت بصراحة شديدة بأني لو أردت تقديم تفسير علمي سأكون كاذباً، ولذلك فإن إجابتي عليه كانت: “دا شيء من الله”، وضج الحاضرون بالضحك فرويت لهم قصة واقعية لأثبت صحة قناعتي، بأن صاحب منزل (Land Lord) اسمه “بركات” وهو أثيوبي يقيم في أمريكا عرض منزله بحي المطار القديم للإيجار، وهو فيلا فاخرة فطلبت من إدارة المراسم في المنظمة – حيث أعمل – متابعة الأمر لكنهم عادوا إليّ محبطين بأن هناك ستة عشر دبلوماسياً أمريكياً وأوربياً وعربياً وأفريقياً أبدوا رغبتهم في إيجار ذلك العقار، ونصحوني أن أقصد صاحبه كسوداني فلربما كسبت المسكن، وفعلاً ما أن سلمت على الرجل وعرف أني سوداني حتى مزق القائمة التي أمامه، وسألني كم تدفع لي المنظمة بدل إيجار؟ ولم يطلب أكثر منه..
ولهذا لم أستغرب أن تقيم جامعة أديس أبابا اليوم الجمعة احتفالية خاصة بالعزة والكرامة تكريماً للأخ الرئيس المشير “عمر البشير”، الذي قض مضجع ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية وكشف أوراقها وأسرارها وفسادها والرشاوى التي تسلمتها و”التلفيقات” التي قامت بها لإدانته تنفيذاً لأجندة سياسية خارجية…
وجامعة أديس أبابا انطلقت من مساق (قانوني) أرادت أن تبرهن لأفريقيا أولاً، وللعالم ثانياً أن المسألة ليست سودانية أو مواجهة بين الجنائية والسودان بقدر ما هي قضية قارة بأكملها.. و”أديس أبابا” عاصمتها السياسية حيث الإتحاد الأفريقي، والاحتفالية بقاعة رمز التحرر الأفريقي، نلسون مانديلا..
فالرسالة واضحة لا تحتاج إلى شروح، وتتخذ بعدها السياسي من تشريف الرئيس السوداني للمناسبة بشخصه “وبلحمه ودمه وعصايته”.
مفهوم يا…؟