رأي

"جلال الدقير".. هل يستجيب لنداءات الدموع؟

بقلم – عادل عبده
نداءات الدموع الكثيفة التي سالت على جنبات قاعة الصداقة في ليلة الاحتفال بالذكرى العشرين لمبادرة الحوار الشعبي ومرور العام العاشر لرحيل “الشريف زين العابدين الشريف الهندي”.. هل تمثل الركيزة الأساسية التي تجبر الدكتور “جلال الدقير” على التراجع عن استقالته التي أطلقها في ذلك اليوم الملحمي، من خلال قرار يصدره على المستوى الشخصي يقطع به حبل إصراره على التمسك بالتنحي؟!.. فقد كنت شاهد عيان على تلك اللحظات الحافلة بالمعاني والدلالات عندما استدار ضرع الدموع المالحة على خدود الحضور الحاشد وهم يزحفون على المنصة رافضين ترجل الدكتور “جلال” عن دفة القيادة، وقد كان هؤلاء يمثلون شريحة كبيرة وجزءاً أصيلاً من عضوية المؤتمر العام المرتقب للاتحادي الديمقراطي المسجل.. حيث جلس على المقاعد رؤساء الحزب الثمانية عشر في الأقاليم وكل أمناء الحزب هنالك والتنفيذيون.. علاوة على مشاركة أكثر من ألف عضو.
جاءت استقالة الدكتور “جلال” من أعماقه مشفوعة بالكثير من المبررات تلبس ثوب الحقيقة خالية من المناورات والاستعراض السينمائي انطلاقاً من قناعته الشخصية بكيمياء التغيير وإفساح المجال للدماء الحارة والاستجابة لمطلوبات العلاج والتعافي والرغبة الأسرية والحاجة للدفعة المعنوية.. ما زالت مركبات الاستقالة تسري في دماء الدكتور “جلال”.. فقد أصدر في اليومين الماضيين بياناً جديداً من دولة الإمارات العربية أكد فيه تمسكه بقرار التنحي وبذات القدر ما زال مصير الاستقالة يكتنفه  الغموض استناداً على منطق الدستور الحزبي الذي يرى بأن الحسم النهائي للاستقالة مكانه المؤتمر العام، وفي الصورة المقطعية يقول الدكتور “أحمد بلال”” الأمين العام المكلف بأن “جلال الدقير” عندما يعود سيكون الأمين العام لأنه منتخب من الجمعية العمومية (جريدة الوطن بتاريخ 14/7/216م).
ما لا يعلمه الكثيرون أن هنالك حرصاً مشتركاً بين القصر والدكتور “جلال” على بقاء العلاقة التحالفية وأن دكتور “جلال” قبيل مغادرته البلاد التقى بمسؤول سيادي كبير نقل إليه استقالته، غير أن المسؤول السيادي لم يوافق على الاستقالة وقال لـ”الدقير” إن جمهور حزبك لم يقبل هذه الخطوة، فضلاً عن ذلك فقد نفى عدد من قيادات المؤتمر الوطني للدكتور “جلال” إمكانية قيامهم بمؤازرة أي مجموعة في الاتحادي الديمقراطي تخرج عن الشرعية!!
دفتر التاريخ في سجل الساحة السودانية يؤكد أن “جلال الدقير” أول سياسي يطلق استقالته في العصر الحالي بهذا العنفوان والإصرار العجيب لتصبح الخطوة سابقة تستحق التأمل الشفيف.. وفي مشهد الاتحادي الديمقراطي يوجد الآن طرفان.. هما القواعد والقيادات و”جلال الدقير”.. وفي ثنايا المشهد المؤثر يتمسك “الدقير” باستقالته في حين أن القواعد والقيادات ترفض ذلك.. فمن الذي يقنع الآخر بما يريد؟.. وكيف يسدل الستار على هذا الموقف الرهيب عندما يأتي التوقيت المنتظر؟.. وفي الإطار يؤكد أنصار دكتور “جلال” أنه كان القدح المعلى في بناء الحزب والمحافظة على دوره الوطني والتاريخي فضلاً عن قدرته على جلب المال مثلما كان يفعل “الشريف حسين الهندي” وأيضاً قيامه بسد الثغرات ومعالجة الإشكاليات، ويزيد هؤلاء قائلين إن من خصائص “جلال الدقير” الأخرى أنه يرهق خصومه السياسيين الذين يهاجمونه بضراوة دون أن يلتفت إليهم على الإطلاق ويجعلهم مشغولين به على الدوام يرسلون له العبارات الجارحة والإشارات الحارقة حتى يصبح الواحد منهم فاقداً التوازن، شاحب الملامح من فرط الإرهاق العصبي والنفسي والبدني.
أمام دكتور “جلال” تحدٍ تاريخي مركب من الصور العاطفية والسياسية والأخلاقية وقدسية العشم حول استجابته لنداءات الدموع التي سالت في قاعة الصداقة يوم التنحي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية