تحقيقات

الخصوصية وحرمتها في القانون: أين تبتدئ وأين تنتهي

متى يجوز لرجل تنفيذ القانون وتفتيش الموبايل، ومتى يشكل وجود صور إباحية في الموبايل أو اللابتوب جريمة ؟
 * نيابة المعلوماتية،  رغم حداثتها إلا أن لها دور في حماية الخصوصية
*السجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو الغرامة أو العقوبتين معاً لمن ينتهك خصوصية الغير
*مدير أمن المجتمع يبرر مداهمة أفراد إدارته للشقق وأماكن بيع الخمور
تحقيق – آمال حسن
ما هي حدود الخصوصية وحرمتها، في القانون والدستور ومواثيق حقوق الإنسان؟ أين تبدأ وأين تنتهي؟. متى يشكل وجود صور وأفلام إباحية في الموبايل أو اللابتوب مخالفة للقانون أو جريمة.. متى يجوز لرجل الأمن تفتيش الموبايل لمعرفة محتوياته من صور وأفلام ورسائل ..الخ…؟ هل يتعين الحصول على أمر من النيابة، وفي أي حالة ؟.. هل  يوجد في القانون ما يعطي رجل تنفيذ القانون الحق في تفتيش الموبايل. .. بدون  إذن من وكيل النيابة المختص بدون أن يكون ثمة  اشتباه في ارتكاب جريمة بالموبايل المعني … كيف يتم ضمان نزاهة الإجراء وعدم استغلاله، بما لا ينتهك الخصوصية؟
معنى ومفهوم انتهاك الخصوصية (Privacy Violation)
 في البدء، أشار، خبير في المجال، فضل حجب اسمه، إلى أن الخصوصية تعني السرية وكل ما يخشى الإنسان الاطلاع عليه أو الإحاطة به دون إذن.الخصوصية عكس ونقيض العمومية إتاحة الشيء ليكون عاماً وشائعاً. وينهانا ربنا سبحانه وتعالى ألا نتجسس ولا نتحسس ونبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن النميمة وأكل لحم الغير.على مستوى المدن والأمم المتحدة نصت في مواثيقها صراحة على عدم انتهاك الخصوصية، حيث نصت المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(لا يفرض أحد تدخل تعسفي في حياته الخاصة وأسرته وسكنه ومراسلاته أو الحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحماية القانونية من تلك التدخلات والحملات، ألا يتعرض الفرد في المجتمع إلى قيود أي كان نوعها لتحد من ممارسته لحقوقه التي يقرها القانون. وناقشت هذه الجزئية المادة (29) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصورة واسعة وواضحة).
*تطبيق نظام الحقوق
واستطرد الخبير، قائلاً: إن من القوانين التي نصت صراحة على ذلك كثيرة جداً، ولكننا نورد في هذا التحقيق أمثلة كبريطانيا وبولندا والسويد وغيرها، والصين التي تناولت هذا الموضوع (انتهاك الخصوصية) في قضايا كثيرة جداً ظهرت في بعض الأحكام القضائية انفرد لها عدد من القضاة مثال “في بي تبنيز” ودورها من المحكمة العليا يومياي.
ود.”أندرو بوثار فورد” من جامعة ثاوث أمبيون ورئيس لجنة الإصلاح القضائي ومن المحامين، المحامية والناشطة “لينا خون سالف” التي ناقشت وكتبت كتابات قيمة في انتهاك حقوق الإنسان بصفة عامة، والسجن والمرأة والخصوصية بصفة خاصة جداً.
 وهنا يثور تساؤل: هل يتم انتهاك الخصوصية بصورة عامة في المجتمع؟، والجواب البديهي عليه، من وجهة نظر الخبير، حسب قوله: إنه  لا شك أن انتهاك الخصوصية يحدث كثيراً في المجتمعات المختلفة، بل يصل الموضوع إلى درجة تترتب على هذا المسلك. انتهاك الخصوصية يأخذ أشكالاً وأفعالاً وأقوالاً ورسائل وغيرها، بل يعد من يقوم بهذه الظاهرة لدرجة الفضول.
الصحافة وانتهاك الخصوصية نموذجاً
 ويستطرد قائلاً: الصحافة باعتبارها سلطة رقابية قوية جداً ولها رسالة توجيهية تصحيحية تبصيرية يسير الصحفي في هذا الطريق النضالي بقلمه لصالح الإنسان، وعند ممارسته لمهنته يتجنب انتهاك الخصوصية، إلا إذا تعارضت الخصوصية مع الصالح العام للإنسان، على الصحفي أن يتناول بقدر من المهنية بحيث لا يتعدى خطوط الخصوصية ويحرص على عكس ما يتناول لخدمة قضية الإنسانية.
*العولمة وانتهاك الخصوصية
 ووفق الخبير: فقد أصبحت العولمة وإدراك كل جديد يومي ديدن كل إنسان ولا بد له أن يبح العالم الأسيري التقني وهنا تبدأ رحلة البحث عن المعلومة والتصادم مع ما هو متاح  ومسموح وما هو غير ذلك، فالمواقع بوصفها ذات خصوصية والبريد الإلكتروني له خصوصية وشرائح التلفونات وغيرها ينبغي ألا يتعامل معها الفرد بشكل يؤدي إلى تجاوز المسموح، وانتهاك خصوصية المالك بشتى الطرق حماية لانتهاك الخصوصية في السودان، حيث شرعت الدولة في إنشاء نيابة متخصصة للمعلوماتية رغم حداثتها إلا أن لها دور في حماية الخصوصية، كما أن النيابة العامة قبل ذلك كان لها دور لا تخطئه العين بالتعاون مع هيئة الاتصال وشركات الاتصالات، فلابد لكافة أفراد المجتمع الاهتداء إلى احترام حقوقه التي أقرها القانون وكفلتها عدة دساتير.

من ناحيته، يقول الدكتور “سامي عبد الحليم سعيد”، مستشار قانوني، في إجابته، على التساؤلات المطروحة بشأن الخصوصية وحرمتها:
في الواقع، لا يوجد في القانون ما يعطي رجلاً تنفيذ القانون الحق في تفتيش الموبايل. .. إلا بعد حصوله على إذن من وكيل النيابة المختص وبعد الاشتباه في ارتكاب جريمة بالموبايل المعني … وهذا يتم  وفق إجراءات تضمن نزاهة الإجراء وعدم استغلاله … وللخصوصية احترام خاص في المواثيق الدولية … وينعكس هذا في قوانين الإجراءات الجنائية السودانية، حيث لا يجوز انتهاك خصوصية الأشخاص بسبب تنفيذ القانون إلا بموجب أمر صادر من النيابة المختصة … ولا تقبل البينات والأدلة المتحصلة بواسطة الشرطة بدون إذن بالتفتيش، أو إذن بدخول المناطق الخاصة مثل المنازل والمكاتب.
متى يكون الاحتفاظ بصور أو أفلام فاضحة بالموبايل أو اللابتوب مخالفة للقانون؟
فقط حين تكون تلك الصور الخليعة قد تمت … أو استخدمت. .. بصورة تشكل جريمة … مثال … إذا كانت الصور مقتبسة من الشبكة العنكبوتية أو أفلام جنسية عامة فالاحتفاظ بها في اللابتوب لا يشكل جريمة … ولكن إذا كانت صور شخصية الضحية أو للشاكي … أو تم استخدامها بإرسالها لأشخاص   أو اتخذت المجني عليه أو الضحية دون رضاه. … فهي جريمة …وكذلك إذا قام بإرسالها لأشخاص … وبناءً على معلومات مثل هذه تم فتح بلاغ … وتم إصدار أمر تفتيش ووجدت الأفلام والصور التي يدعيها الشاكي …تكون جريمة …
القانون لا يعاقب الناس لأنهم يمشون عرايا في بيوتهم …وحين يأتي البوليس في بيتك ويجدك عريان ..فهذا لا يؤسس جريمة … هذا هو مفهوم الخصوصية … مع تطبيق المثل على الموبايل و اللابتوب والله أعلم … وهذا الحديث لا يشبه الواقع التطبيقي للقوانين في السودان.
منع انتهاك الخصوصية
وأما  مدير أمن المجتمع عقيد شرطة “محمد علي الحسن الكودابي”، فقد أوضح في حديثه  لـ(المجهر): القانون الجنائي السوداني لسنة (1991) منع انتهاك الخصوصية بتحريم انتهاك خصوصية أي شخص أو الاطلاع عليه داخل بيته دون إذنه، أو التصنت على رسائله أو أسراره ..وحدد لذلك عقوبات تتفاوت ما بين السجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو الغرامة أو العقوبتين معاً، ويأتي ذلك تماشياً مع الشريعة الإسلامية التي حرمت دخول البيوت دون استئذان وذلك في الآيات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) .من سورة النور.
وحول مداهمة شرطة أمن المجتمع لمنازل الآخرين قال “الكودابي” في حديثه لـ(المجهر)، إن شرطة أمن المجتمع هي إدارة شرطية تعمل على منع ارتكاب عدد من الجرائم ومن بينها تعاطي الخمور أو تصنيعها لذلك تعمل على مكافحة الجريمة قبل حدوثها، وعلى سبيل المثال يتم مداهمة أماكن تصنيع الخمور بموجب أمر تفتيش يتم إصداره من النيابة وفقاً لما هو وارد بقانون الإجراءات الجنائية، وهذا الأمر يتم إرفاقه مع أورنيك البلاغ عند تقديمهم للمحكمة وعند إجراء التفتيش يتم إتباع الضوابط المنصوص عليها في القانون، ولذا فإن الدخول بموجب أمر تفتيش صادر من النيابة بصورة صحيحة لا يعتبر فيه انتهاك لخصوصية هذا المنزل الذي تم تفتيشه.
وفيما يتعلق بتفتيش الهواتف من قبل الشرطة . قال “الكودابي” بالنسبة للهواتف هنالك أمر صادر من هذه الإدارة لجميع أقسامنا داخل ولاية الخرطوم، بعدم تفتيش أي هاتف لمتهم تم القبض عليه بواسطتنا إلا إذا كان الهاتف هو جزء من الجريمة.. أما إذا كان الهاتف لا علاقة له بالجريمة المرتكبة ففي هذه الحالة يتم إدراج الهاتف ضمن الأمانات ولا يفتش، وفي هذا الجانب نشير إلى أنه لا توجد لدينا بلاغات منفصلة لصور فاضحة داخل هاتف إلا إذا كان لصاحبها بلاغ آخر.
وبشأن مداهمة الشقق قال “الكودابي”، إن عمليات المداهمة تتم في كثير من الأحيان بواسطة شعبة المباحث، وذلك من خلال الرصد وجمع المعلومات وأيضاً يتم استخراج أمر تفتيش لها من النيابة قبل المداهمة، وفي أغلب الأحوال يتم استهداف الشقق التي لا توجد بها أسر والتي يتم استئجارها لهذا الغرض.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية