القانونية و السياسية "عفاف تاور كافي" في حوار الوجه الآخر بعيداً عن السياسة .. (2 من 2)
* في 93 فصلت عن السلطة القضائية لأسباب لا أرغب في الإفصاح عنها الآن.. ربما أفصح عنها يوماً!
* دخلت المؤتمر الوطني من بوابة العمل الاجتماعي وهكذا بدأت علاقتي بناس الوطني!
* أنا محكوم عليّ بالإعدام منذ 5 سنوات.. وناس الحركة (سارحين وراي كدا زي الصيدة عشان ينفذوا الحكم)!
* من هو الإرهابي؟! هل هو الذي يقول أتمنى؟!! أم الذي يضع قائمة يحدد فيها أسماء ناس لقتلهم ثم يلحق القول بالعمل ويقتل منهم خمسة!!
حوار – سوسن يس
# كيف انتقلت “عفاف تاور” من مجال القانون والقضاء إلى السياسة والبرلمان؟
– في 1993م فصلت عن السلطة القضائية، لأسباب لا أرغب في الإفصاح عنها الآن، ربما أفصح عنها في يوم من الأيام.. حتى ذاك الوقت لم تكن لي أية علاقة بالسياسة.. وبعد فصلي من القضائية فتحت مكتب محاماة، وأثناء عملي بالمكتب جاءني يوماً أحد الأخوة وقال لي إنه مرسل من طرف مستشارية السلام والمستشارية في ذاك الوقت، كان مقررها أو أمينها العام لا أذكر أخونا محمد يوسف وهو نائب برلماني الآن، وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان 2010م.. اتفقنا على تأسيس (المنظمة العالمية لرعاية المرأة في مناطق النزاعات) للاهتمام بأخواتنا في تلك المناطق.. وسيرنا قافلة من 6 عربات كبيرة من مواد الإغاثة والمواد التموينية والطبية، تم تجهيزها بواسطة دكتور “مطرف صديق” مستشار الرئيس لشؤون السلام آنذاك.. ذهبنا بها إلى مناطق العمليات وبدأنا بمنطقة ايري وشات صفية وشات التمام وفاما، وكانت مناطق خطرة جداً ومزروعة بالألغام ومتاخمة لمناطق الحركة الشعبية.. وأذكر أنه عندما قلت للوالي “باب الله بريمة” إنني أريد أن أدخل هذه المناطق اعترض وقال لي: (إنت قايلة الحكاية لعب؟ القصة دي ما ساهلة)، ولكنني دخلتها ودخلها معي نائب الوالي “خيري القديل أرباب”، وهو كان رئيس الكتلة البرلمانية، والآن هو نائب رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان. ذهبنا أنا ونائب الوالي وذهبت معي مجموعة من المعلمات اللائي درسنني بالمدرسة، وكذلك كان معنا بالقافلة فريق طبي.. وناس الجيش ونائب الوالي خيري أوصلونا بالدبابات حتى منطقة معينة، ثم واصلنا الطريق حتى دخلنا تلك المناطق. وعملت فيلماً وثائقياً عن هذه المناطق لأن ما رأيته فيها لا يصدق.. الناس كأنهم يعيشون في العصر الحجري (عريانين).. وبعدما صورت الفيلم (غلبني أعرضوا ومحتفظة به حتى الآن).
تلك كانت بدايتي في العمل العام والعمل الاجتماعي معهم، وفجأة في سنة 2005م وبعد اتفاقية السلام، وعندما تم تكوين أول مجلس وطني بالتعيين، وجدت نفسي معينة في المجلس في قائمة المؤتمر الوطني، وهذه كانت بداية دخولي مجال السياسة، وكانت هي البوابة التي خرجت عبرها للعمل العام وللسياسة وللبرلمان.
# هناك عدد من أفراد أسرتك ينتمون للحركة الشعبية منهم ابن عمك محمد هرون كافي الذي كان قيادياً بالحركة الشعبية وغيره من أفراد أسرتك.. بصراحة ألم تشعري في أي فترة من الفترات بشكوك المؤتمر الوطني حول انتمائك أنت أيضاً للحركة؟
– أنا أريد أن أقول لك شيئاً، عندما انضممت للمؤتمر الوطني انضممت من بوابة العمل الاجتماعي.. وبعدما عملت المنظمة جاءني (ناس المستشارية نفسهم)، وقالوا لي هناك كورس – ورشة عمل في مركز التدريب النسوي ورشحوني للالتحاق بها، هذا المركز كانت تديره دكتورة “سمية أبو كشوة” و”ستنا أبو سن” و”مروة جكنون”، هذا الكورس الذي دخلته خلق لي علاقة معهن. بالنسبة للحركة الشعبية، ليس محمد هرون كافي فقط، وإنما عوض الكريم كوكو نفسه هو ابن خالتي شقيقة والدتي، وكان هو الرجل الثاني في الحركة الشعبية.
# ألم تشعري مرة بشكوك ناس الوطني حولك؟
– ما شعرت بشكوك،والله إذا كانت هناك شكوك بينهم وبين نفسهم وأجهزتهم (دي حاجة تانية).. لكن أنا ما شعرت بشكوك.
# أقاربك بالحركة ألم يحاولوا تجنيدك للحركة؟
– (لا ما بقدروا يجندوني للحركة).. أولاً ابن خالتي هذا ومنذ أن خرج لم نره وناس الحركة في النهاية غدروا به وقتلوه، غدروا به بعدما شعروا أنه سيختلف معهم بعدما رأى منفستو الحركة وقتلوه بطريقة بشعة جداً.. جردوه من ملابسه وأدخلوه في (شوال) ووضعوا معه صخرة وربطوا الشوال وألقوه في البحر.. هؤلاء يتعاملون مع قياداتهم بهذه الطريقة.. وعندما ذهب أخوه عز الدين كوكو ليبحث عنه قبضوه وحتى اليوم لا نعرف مكانه ولا نعرف هل قتلوه أيضاً أم لاً. وشقيقه الذي كان هو اليد اليمنى لعبد العزيز الحلو في ضربة 6/6 ومشرفاً عليها.. بعد الضربة ذهب إلى الجنوب وبعدما أقنعناه بالرجوع والعودة ورجع فعلاً وذهب إلى كادقلي واستقر فيها وعاش كمواطن عادي، ترصدوه وقتلوه، لذلك (أنا ما في زول في الحركة الشعبية بقدر يواجهني)، ولعلمك أنا ناس الحركة حاكمين عليّ بالإعدام.
# متى حكموا عليك بالإعدام؟ بعدما قلت إنك لو كنت رجلاً كنت ستنسفين عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ومالك عقار وتفجرين نفسك فيهم؟
– (لا.. أنا محكوم عليّ بالإعدام من بدري).. اسمي موجود في كشف يتكون من عشرة أشخاص حكموا عليهم بالإعدام.. والعشرة فعلاً قتلوا منهم خمسة،ثم أردفت ضاحكة (هم بتكلموا ساكت؟!) تبقيت أنا ومعي 4 آخرين.. هم الآن هاجموني بسبب الكلام الذي قلته.
# هل حقيقة أنت قلت إنك تتمنى لو تستطيعين تفجير الحلو وعرمان وعقار؟ لماذا قلت هذا الكلام؟
– الكلام الذي قلته الحمد لله قلته صورة وصوت في (وكالة سونا) في منبر إعلامي (وما مدسوس).. وقلته عندما وقعت الحكومة على خارطة الطريق.. خارطة الطريق هذه كانت ستوقف الحرب إذا تم التوقيع عليها، والحرب لا يعرف مأساتها إلا من ذاقها.. هم رفضوا التوقيع على خارطة الطريق ثم بدأوا الضرب.. والحكومة وحتى تفرض سيادتها كان لابد أن تضاربهم.. في المنبر قلت (الناس ديل رفضوا يوقعوا وبدأوا الضرب والآن ما في بيت في كادقلي أو في الدلنج ما فيهو (بكا)، وبعد شوية السودان دا كله حيبقى (بيوت بكا)، لأن هؤلاء الذين يقاتلون سودانيون في مقابل سودانيين.. فالمجتمع الدولي لماذا لا يضغطهم حتى يوقعوا، الاتحاد الأفريقي لماذا لا يضغطهم.. ياسر عرمان هذا ما عنده قريب في هذه المنطقة ولا من الدرجة العاشرة ما عندو.. وعبد العزيز الحلو أخذ أولاده إلى أمريكا ومالك عقار ليس له أقرباء في هذه المنطقة.. والله العظيم لو كنت رجلاً، وسياسة الدولة تسمح بالعمليات التفجيرية كنت أول زول حأفجر نفسي فيهم) .
طيب أنا هنا تمنيت.. تمنيت فقط.. حديثي هذا يدخل في باب التمني.. لكن أنتم حاكمون عليّ بالإعدام منذ خمس سنوات (بتباروني كدا زي الصيدة). والآن بعد هذا الكلام الذي قلته جددوا كلامهم وقالوا (عفاف دي ما المفروض تكون قاعدة لحدي الآن) . قالوا نحن أهدرنا دمها ويفترض أن تموت.. وأنا مقتنعة أنه الأعمار بيد الله.. فمن هو الإرهابي؟! هل هو الذي يقول أتمنى أم الذي يضع قائمة يكتب فيها أسماء أشخاص ليقتلهم.. ويقتل بالفعل عدداً منهم؟! ديل كاتبين أسماءنا في قائمة.. قائمة من عشرة أشخاص وعلى رأسنا كان بلندية رئيس المجلس التشريعي (سرحوا بيهو زي الصيدة حتى قتلوه).. والثاني كان جارنا اسمه كبي الغزالي نائب رئيس المجلس التشريعي بمحلية البرام.. قتلوا معهم عدداً من الأشخاص.
# هناك مجموعة من المحامين رفعوا دعوى قضائية ضدك في المحكمة الدولية على خلفية هذا التصريح الذي صرحت به في (منبر سونا).. “عفاف تاور” ألا تخشى أن يدرج اسمها في قائمة رعاة الإرهاب أو دعاة الإرهاب؟
– حبابها عشرة.. حبابها عشرة.. والآن هناك مجموعة جاءوا إلى البرلمان ليشتكوني في المجلس.. وأحضروا قائمة من الموقعين ونائبة رئيس البرلمان السيدة عائشة قالت لي أنا قلت لهم يجلسوا معك وقالوا ما عندهم مانع يجلسوا معك.. قلت لها (يجلسوا معي عشان يسووا شنو؟!).. وأقول لهم (أعلى ما في خيلكم أركبوه.. أمشوا أدعموا موقف إخوانكم الذين ذهبوا ليشتكوني في لاهاي)! وإذا كنتم تريدون أن تشتكوا هنا فالأجهزة العدلية موجودة.. جئتم إلى البرلمان لماذا؟! لتفعلوا ماذا؟!..
– طيب هم يقولون القول ويلحقونه بالفعل وهم أهدروا دمي.. وحتى الأسبوع الفائت هذا كانوا يتكلمون وقالوا “عفاف” هذه (يفترض أن يحشوها حش وما المفروض تكون قاعدة لحدي هسه).. هم وضعوا قائمة حددوا فيها أسماء ناس للقتل وقتلوا بالفعل خمسة منهم والبقية إلى الآن (بتابعوا فيهم). أين المجتمع الدولي وأين حقوق الإنسان؟! (وبعدين ازدهار دي منو هي؟! عشان رفدوها من الحكومة تعمل كدا؟! هو أي زول يرفدوه من الحكومة ببقى مغبون وينضم للحركة الشعبية؟! عايزين يشتكوني عشان هم أحن على أهلي مني؟! وللا عشان خائفين على ناس عرمان وعبد العزيز الحلو وعقار؟! طيب ديل ما هم الناس البقتلوا أهلي كل يوم.. وأنا أتحدث بالمستندات ما بتكلم ساي وعندي وثائق بجهز فيها).
# “عفاف تاور” امرأة قوية.. من أين استمدت هذه القوة؟ هل من البيئة التي نشأت وعاشت فيها؟ من والدها؟ من والدتها أم من أين؟
– (والله من كلو.. أنا أبوي الله يرحمه الله – رغم أني لم أعش معه كثيراً إلا أنه كان شخصية قوية جداً وشخصية مرحة وصوته كان عذباً جداُ في تلاوة القرآن).. أبي كان رجلاً (حنين جداً ولكنه قوي جداً).. – أمي هي التي ربتنا بمفردها لم يربينا معها رجل.. هي من ربت كل هؤلاء الرجال.. ولم تتزوج إلا بعدما أكملت تربيتنا وتزوجت بعد ضغوط شديدة عليها من أهلها. (وجابت عمنا وعمنا ما قصر معانا).. صحيح هو وجدنا كباراً ولكن لم يقصر معنا.. فأنا إستمديت القوة من والدي ومن والدتي، وأيضاً من المهنة التي وضعت نفسي فيها.