بعد.. ومسافة
العيد والكعك المسموم..!
مصطفى أبو العزائم
العيد هو العيد، والفرح فيه فرض، وعليك أن تنثره على من حولك، وهو يوم تعم فيه النعم والمسرات وتلبى فيه الحاجات، وهو فرصة لرأب الصدع بين المتخاصمين ولتقارب المتباعدين، وقد قال الله تعالى في سورة “الأنفال”: (اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) صدق الله العظيم.
كل عام والجميع بخير، ولكن علينا أن نتساءل بكل صراحة ووضوح إن كنا نصنع الفرح العام، أم أننا من الذين يبذرون بذور الحزن في دروب الحياة، ونقطع الطريق على كل زهرة فرح وليدة، بل ندوس عليها، وهل نحن من الذين يقدمون الكعك المسموم في مثل هذه المناسبات السعيدة؟ لا نريد الإجابة مباشرة، لكننا نتركها للتقديرات الخاصة والشخصية، خاصة وأن أيام عيدنا المبارك حفلت بالكثير المثير الخطر.
أولاً- حوادث مرورية قاتلة تحصد الأرواح وتصادر الأفراح من نفوس أسر كثيرة، حوادث مرورية رغم التجهيزات والاستعدادات والرقابة والتفويج، ومع ذلك تتكرر المأساة في كل مناسبة وعطلة مجيدة طويلة.
ثانياً- معركة مكشوفة واتهامات متبادلة بين معسكرات داخل منظومة السلطة، بسبب تصريحات أو قل اعترافات خطيرة للشيخ الدكتور “حسن عبد الله الترابي”– رحمه الله– عن دور قيادات كبيرة في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق “محمد حسني مبارك” اتهامات يتم تبادلها بين أنصار الشيخ وبين مؤيدي تلاميذه، وغسيل منشور على حبال الأسافير، وتعليقات وتجريم متبادل، رغم أن الكثير مما قاله الشيخ الراحل “حسن الترابي” لم يكن جديداً، بل قاله من قبل، تحديداً منذ نحو ست سنوات في قناة “العربية”، ومع ذلك يتعامل معه الآن من منطلق (الصدمة المفتعلة) لتصفية حسابات شخصية أو خاصة أو تنظيمية أو لموجدة وضيق، ليفتحوا بذلك أبواب الفتنة والمواجهة من خلال التعبئة السالبة المفضية للعنف، وتكون النتيجة إفساد علاقات بلادنا من جديد بمصر وإثيوبيا والعالم بعد أن تم رأب الصدع من قبل، وحدثت تفاهمات ولقاءات ومصالحات بعد سلسلة من التحريات والتحقيقات الطويلة حول ذلك الادعاء الخاص بضلوع السودان في تلك العملية الفاشلة.
وتكون الخطوة التالية إفشال مشروع الحوار الوطني، وسد منافذ الأمل أمام المواطن المسكين، فلا يحلم بالغد المشرق ولا يتوقع الأمن ولا السلام المرجو.
ثالثاً- أن تستيقظ فجراً، وتعيّد على أهل بيتك ثم تتجه نحو ساحات الصلاة، وتعود إلى منزلك، وتتوجه بعد ذلك إلى أقرب مخبز لشراء خبز يوم العيد، فتفاجأ بأن زيادة طرأت على أسعار الخبز تجاوزت الثلاثين في المائة وأن سعر ست رغيفات خبز اشتريتها بالأمس بجنيهين اثنين فقط، قد أصبح بين غمضة عين وانتباهتها ثلاثة جنيهات، وعلى ذلك قس.
رابعاً- تمدد عمليات الإرهاب وتزايدها لإفساد فرحة المسلمين في كل العالم باستهداف ثاني الحرمين الشريفين في المدينة المنورة، واستهداف عدد من المساجد والأماكن في المملكة العربية السعودية الشقيقة، هو أمر محزن لا يصدر إلا من نفس خبيثة لا ترجو الخير للأمة ولا للدين، وكنا نتوقع أن تخرج الجموع في كل أنحاء الدنيا لاستنكار هذه الجرائم وإدانتها مع مساندة المملكة العربية السعودية في موقفها الخاص بمحاربة الإرهاب، بل ندعو من هذا المنبر أن تنتظم بلادنا وكل بلاد المسلمين تظاهرات المساندة والدعم للمملكة العربية السعودية بمشاركة كل الشرائح والفعاليات والفئات عقب صلاة الجمعة القادمة، وتخصيص خطب الجمعة لذلك الأمر والدعاء بأن ينعم الله علينا بالأمن والاستقرار.
خامساً- الكعكة المسمومة الأكبر أهدتها لنا إسرائيل من يد رئيس وزرائها عندما زار إثيوبيا مؤخراً وفي يده مفتاح لكل عواصم القارة السمراء التي ستوافق دون شك على أن تمنح لإسرائيل عضوية في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب.
لا حول ولا قوة إلا بالله..