بعد.. ومسافة
“محمد لطيف”.. اللهم إني صائم!
مصطفى أبو العزائم
سؤال طرحته على نفسي أكثر من مرة عندما وجدت أنه اتصل عليَّ عن طريق الهاتف خمس مرات، بعد منتصف الليل، ولم يسهل عليَّ الرد خلال تلك الاتصالات الخمسة المتلاحقة.. قلت في نفسي: (اللهم اجعله خيراً)، قبل أن أتصل على هاتف الأخ الكريم والصديق الحميم الصحفي والكاتب الكبير الأستاذ “محمد لطيف علي”.
كأنما كان ينتظر هاتفي إليه، لأنه رد قبل أن يكمل جرس الهاتف نداءه الأول، وبعد السلام وقليل الكلام، بادرني بأنني مطلوب للتحدث في خيمة الصحفيين التي درج على تنظيمها منذ سنوات خلال شهر رمضان المعظم، وقبل أن أسأله عن الموضوع، استطرد قائلاً إن الخيمة الرمضانية بصدد إجراء مواجهة بين جيلين من الصحفيين- قدامى وجدد- وإن كل جيل من الجيلين يمثله ثلاثة صحفيين، ولشيء في نفسه جعلني من جيل القدامى، إلى جانب الأستاذ “محجوب عروة” والأستاذة الجليلة “آمال عباس”، بينما اختار ثلاثة من جيل الصحفيين الشباب، وقال لي إن كل مجموعة منكم ستقول رأيها بصراحة في المجموعة الأخرى.
تأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك أن صديقنا اللطيف الأستاذ “محمد لطيف” لا يريد من تلك المواجهة إلا إشعال نار الفتنة بين جيلين من الصحفيين هما وفق حسابات الزمن الجيل الخامس والجيل السادس، إذا ما اعتبرنا أن أول جيل عمل بالصحافة أو كتب في الصحف من السودانيين هو جيل رائد الصحافة المغفور له بإذن الله الراحل المقيم “حسين شريف” المولود في العام 1886م والمتوفى في مساء (الثلاثاء) الخامس من يونيو عام 1928م، بعد أن عاش اثنين وأربعين عاماً قدم فيها عطاء غير محدود في مجالات العمل الوطني والصحفي، وقد مرت قبل أيام الذكرى الثانية والثمانين لرحيله عن دنيانا- رحمه الله رحمة واسعة.
بذلك الحساب يكون جيلنا هو الجيل الخامس إذا حسبنا للجيل عشرين عاماً تفصل بينه وبين الجيل الذي يليه، وتأكد لي من طريقة الأستاذ “محمد لطيف” في الحديث وضحكاته المبهمة، وعباراته التي يهمهم بها ويصعب فهمها، تأكد لي أنه يريد بداية ساخنة لخيمته الرمضانية التي ينظمها عن طريق مؤسسته الثقافية الرائدة “طيبة برس”، بداية نارية يتبادل فيها أعضاء الفريقين الاتهامات، ويقدم بعضهم الآراء السالبة في أداء بعض أعضاء الفريق الآخر، ومهنيته، وربما اتهم القدامى الجدد بالتسرع وعدم التدقيق والتحري قبل نشر الخبر، وقد يهتم أبناء الجيل الجديد من سبقوهم بـ(الأمية التقنية) وعدم مواكبتهم لمتطلبات المهنة العصرية، رغم أن صديقنا “محمد لطيف” يعلم أنني أخذت في تعليم الكمبيوتر واستخداماته في فنون العمل الصحفي منذ العام 1986 عندما ابتعثنا معاً ضمن مجموعة مكونة من ستة من الزملاء والزميلات إلى القاهرة للعمل في صحيفة “الأهرام” المصرية واسعة الانتشار، لكنه يريد إثارة فتنة كبيرة داخل قبيلة الصحفيين ولا أحسب أنه سينجح في ذلك رغم حملته الضخمة لأول نشاط لخيمة الصحفيين الرمضانية التي تنطلق عند العاشرة من مساء اليوم (الثلاثاء) بفندق “ريجنسي” في الخرطوم. ولا نملك إلا أن نقول له: (اللهم إني صائم).. وكل عام والجميع بخير.