"إستيفن لوال" يشرح لـ(المجهر) مآلات الأوضاع في "جنوب السودان"
قبل زيارة الوزيرين “دينق ألور” و”كوال ميانق”
تقرير: عماد الحلاوي
الأوضاع بدولة “جنوب السودان” بعد اتفاقية (سلفا – مشار )لا تشير إلى وجود سلام ومصالحة اجتماعية، فالوضع الأمني في حالة انهيار كامل كما لا تزال الانتهاكات مستمرة دون رقيب أو حسيب، ويتمسك السياسيون المستقلون بأهمية محاسبة القتلة داخلياً… مع العلم أن الأحزاب السياسية الجنوبية لم تجد حظها من السلطة التنفيذية والتشريعية في التشكيلة الجديدة.. هكذا بدأ الأمين العام للهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان – الخبير في مجال حقوق الإنسان، “إستيفن لوال نقور”.. في تشريح الوضع وتحليل لارهاصات الزيارة المرتقبة لوزيرالخارجية الجنوبي “دينق ألور” في السادس من الشهر الجاري بجانب زيارة وزير الدفاع “كوال ميانق” للخرطوم.
ملفات عالقة ورسائل رئاسية
يقول “إستيفن” في حديثه لـ(المجهر) إن الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع بدولة “جنوب السودان” “كوال ميانق جوك” والوفد المرافق له لـ”الخرطوم”، تتعلق بتطورات الأوضاع وتفعيل اتفاقيات التعاون المشترك، وتفعيل أطر الاتفاقات لتعزيز أوجه التعاون في المجالات كافة، كما أنها تأتي في إطار مد جسور التواصل والتشاور المستمر باتجاه تطوير العلاقات بين البلدين، متمنياً استقرار الأوضاع في دولة “جنوب السودان”.
و”كوال” يحمل رسالة لرئيس الجمهورية “عمر البشير” من رئيس دولة “جنوب السودان” “سلفا كير ميارديت” تتعلق بتطوير العلاقات المشتركة، لافتاً إلى أن العلاقات بين البلدين أخوية واجتماعية ولم تتأثر بالانفصال، آملاً أن تتعزز العلاقات لمصلحة شعبي البلدين.
رسوم عبور النفط !
في شأن رسوم عبور النفط يقول “إستيفن” إن “الخرطوم” و”جوبا” اتفقتا عقب انفصال “جنوب السودان” على أن تكون رسوم عبور النفط الصيني عبر الأراضي السودانية، بمبلغ”11″ دولاراً، ونفط “بترودار” بمبلغ تسعة دولارات وعشرة سنتات.
ولكن تردي أسعار النفط وخلافات “الحركة الشعبية” التي أدت إلى وقف الضخ جعل “جوبا” تعجز عن الإيفاء بمطالبة “السودان” بحقوقه.
حقوق “السودان” لا جدال حولها في “جنوب السودان”، كما يحمد لـ”السودان” مبادرته بأن تكون هناك تفاهمات حول تحديد سعر جديد لمرور النفط، وهذا الاتجاه إيجابي ويثبت حسن النوايا.
إن اتفاقية التسوية التي تمت في “أديس” برعاية “الإيقاد” بين “سلفا كير” و”مشار”، هي تمهيد لاتفاقية سلام شاملة في جنوب السودان، ولكنها لبت طموحات المواطن الجنوبي في وقف إطلاق النار فقط!
كما أنها أعادت مجموعة “الحركة الشعبية” المتمردة للحكومة مرة أخرى، ليأكد لي فلسفة “الحركة الشعبية” (إذا اختلفوا يقتلون(الشعب)، وإذا ائتلفوا ينهبون (الشعب))، فلا بد من إرادة حقيقية لتحقيق السلام وإعادة ترميم ما دمرته الحرب.
زيارة وزير الخارجية الجنوبي المرتقبة
رغم أن البعض يرون أن عودة ” ألور” إلى الواجهة بعد أن تم تعيينه وزيراً للخارجية الجنوبية ستعيد تساؤلات الماضي والحاضر والمستقبل بين “جوبا” و”الخرطوم”، خاصة أن الرجل يصنف في دوائر “المؤتمر الوطني” ضمن من ظلوا يرفعون راية إسقاط النظام قبل وبعد الانفصال، لكن “إستيفن لوال” يرى عكس ما يثار من مخاوف، يقول في حديثه لـ(المجهر) إن تعيين “ألور” يأتي عقب إعلان الرئيس “سلفا كير ميارديت” الحكومة الجديدة التي عمرها نحو ثلاثين شهرًا بموجب اتفاق سلام “أديس” لإنهاء حرب أهلية مرت بها الجنوب منذ ديسمبر-2013.
وعلى غير المتوقع (ألور) سيحاول إعادة العلاقات بين “السودان” و”جنوب السودان”، حيث أن هناك تشويشاً في العلاقات بين البلدين على إثر خلافات “الحركة الشعبية”، وأعلى أولوياته ستكون في تصحيح الصورة وتمتين علاقاته مع دول الجوار.
الانشقاقات جديدة في “جوبا”
ويؤكد “إستيفن” أن الانشقاقات التي حدثت في المعارضة السياسية والمسلحة في “جنوب السودان” كانت متوقعة، وستتزايد إذا لم تتجه الحكومة وتبادر لحل يحقق السلام، وإذا كان الخيار لمحاربة هذه المجموعات هو الحرب فسيكون النزاع أكبر من السابق… وعلى “سلفا” التفاوض لقيام سلام حقيقي، فنذر الحرب ما زالت تدق طبولها.
المجموعات الحاملة للسلاح والرافضة لدكتاتورية كل من “سلفا كير” و”مشار” واتفاقيتهم التي شردت الملايين من مواطني الجنوب أو تشكك في وطنيتهم، مطالبهم شبه منطقية ويجب أن توضع في عين الاعتبار، وإذا أرادت “جوبا” الوصول لسلام فعليها بالحوار مع حاملي السلاح والاعتراف بهم.
جدل زيادة عدد الولايات
هناك قرار أصدره الرئيس “سلفا كير” بالرقم (36) يقضي بزيادة عدد الولايات من (10) إلى (28) ولاية. هذا القرار يتماشى مع ما تم من اتفاق مع “مشار”، يشير “إستيفن” إلى أن اتفاقية “أديس” وقعت على أساس «10» ولايات وليست «28» ولاية وفقاً لمرسوم الرئيس “سلفا كير” في أكتوبر الماضي.
القرار اتخذ في الفترة السابقة للفترة الانتقالية التي نص عليها في الاتفاقية بثلاثة أشهر، ولم يعدل الدستور حينها ولم تجمد بما يعنى أن هناك حقاً للرئيس أن يعلن عن مشروع أي قانون بنصوص الدستور، وهذا ما تم وفق قرار زيادة عدد الولايات، فالرئيس لم ينتظر دمج ما في الاتفاقية في الدستور.
ويرى أن هذا القرار يواجه الآن الكثير من التحديات أبرزها رفض أبناء الجنوب له ، باعتباره قسم الجنوب على أساس إثني. أما المعارضة فإنها ترى أن تنفيذ قرار زيادة الولايات يعنى لهم إعلان الحرب.
وهذا يعنى أن على الحكومة أن تعلن قراراتها مدعومة بموافقة الشعب..
ويرى “إستيفن” أن الرئيس “سلفا” استخدم نصوص الدستور بعيدا عن النزاعات القبلية، والمتمثلة في حق رئيس الدولة في التشريعات والمصادقة عليها.
ويذكر “إستيفن” أن المحاكمات نصت عليها الاتفاقية وكان يجب أن تنفذ عقب تشكيل الحكومة.. والمحاكمات الهجين التي نصت عليها الاتفاقية يصعب عملها… فالمحاكمات خارج الوطن لن تجد القبول من مجتمع قبلي، ويرى أن الحل يكمن في محاكم السلاطين حيث تقوم تلك المحاكم على آلية أهلية مما يجعلها الأنجح.
داء القبيلة في الجنوب
هناك من يرى أن الصراع الدائر في دولة “جنوب السودان” باطنه قبلي وظاهره سياسي لدى البعض في المعارضة، لكن الأحداث الدائرة سياسية بحتة. بداية الأزمة كانت داخل “الحركة الشعبية”، وتطور الأمر إلى استغلال القبيلة في الأزمة.. ولدينا الآن أفكاراً موجودة في بلاد السودان تتمركز في الإثنية والإثنية المضادة… الذين يقومون بتثبيت هذه الأفكار الخبيثة هم السياسيون، لأن السياسة هي التي خلقت الأزمة في الجنوب.