بعد.. ومسافة
(الجمعة) الجامعة.. ومتفرقات عامة
مصطفى أبو العزائم
(1) المؤتمر الثانوية
بعث إلى أخي وصديقي الأستاذ “مهدي كامل شوقي” برسالة إلكترونية معززة بأربع رسائل مصورة من مقالات سابقة للسيد الوالد الأستاذ “محمود أبو العزائم” رحمه الله، كتبها قبل عدة سنوات مدافعاً فيها عن مدرسة المؤتمر الثانوية بأم درمان قبيل وفاته بقليل، وداعياً في تلك المقالات إلى ضرورة بقاء هذه المؤسسة التربوية والتعليمية والوطنية العريقة، عندما برزت أصوات تنادي آنذاك باستثمار موقع مدرسة المؤتمر الثانوية وتبعتها خطوات فعلية في اتجاه الاستثمار، إبان تولي الدكتور “الفاتح عز الدين” مسؤوليات ومنصب معتمد محلية أم درمان. وقد حدثت تراجعات عن هذا الأمر لاحقاً مما أبقى المدرسة في موقعها، وهذا من روع خريجيها وكل من يحرص على أن تكون في مكانها الطبيعي لأنها تحمل تاريخاً وطنياً ناصعاً.
الدكتور “الفاتح عز الدين” معتمد محلية أم درمان وقتها أوضح موقفه، وقال إن اتفاقاً تم بينه وبين وزارة التربية الاتحادية التي تتبع لها المدرسة على استثمار المساحة التي تقوم عليها المدرسة، وهي مساحة واسعة تبلغ خمسة وأربعين ألف متر، يتم استثمارها في بناء فندق سياحي (خمس نجوم) وعشر عمارات سكنية بارتفاع (12) طابقاً، إلى جانب عدد مماثل أو أكثر من الفلل السكنية إضافة إلى منطقة تجارية حديثة، مع الإبقاء على مساحة خمسة آلاف متر مربع للمدرسة، تقام فيها ستة أنهر، وتكون من طابقين، وأن العائد المادي من الاستثمار في الفندق السياحي والأبراج السكنية والفيلات والسوق التجارية الحديثة، سيتم تقسيمه مناصفة بين الوزارات الاتحادية والمحلية، بما يحقق عائداً مالياً ضخماً مع تجميل مدخل مدينة أم درمان في ذات الوقت.
رسالة الأخ الكريم الأستاذ “مهدي كامل شوقي” تشير إلى أن نفراً كريماً من خريجي مدرسة المؤتمر الثانوية تدافعوا لإعادتها إلى سيرتها الأولى، ودعاني إلى أن أكون إلى جانب هذه المجموعة رغم أن صاحبكم من خريجي مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية، لكن للمدرستين ارتباطاً قوياً في النشأة بالحركة الوطنية، وهذا معلوم بالضرورة.. ورحبت بأن قريباً من تلك المجموعة لثلاثة أسباب الأول هو أن المدرستين أشبه بالتوأم من ناحية تاريخية، والثاني هو أنهما تولتا أمر أبناء مدينة أم درمان تربية وتعليماً، والثالث أن عدداً كبيراً من أبناء دفعات هاتين المدرستين كانوا دفعة واحدة، إما في المدارس الأولية أو في المرحلة الوسطى التي كانت المدارس وقتها محدودة وقليلة العدل، إضافة إلى أن الذين تداعوا للأمر هم نفر كريم من الزملاء والأصدقاء، وعلى رأسهم السادة “عبد الله عمر عبد السلام” و”مهدي كامل شوقي” وآخرون.
(2)
قصة شكوى ضد طبيب
زارني قبل أيام في مكتبي بالخرطوم، الدكتور “محمود عبد المجيد” استشاري جراحة الأوعية الدموية، وهذا تخصص نادر، هاجر أكثر الذين تخصصوا فيه، أو هم بصدد الهجرة، وسط مغريات مادية جاذبة، لا يملك مقاومتها إلا قلة قليلة. والدكتور “محمود” له ارتباطات عمل بالمستشفى السوداني الألماني في جبره جنوب الخرطوم، وقد قص علي تفاصيل ما نقلته إحدى الصحف عن شكوى مقدمة ضده إلى المجلس الطبي، من قبل أهل وأقارب إحدى المريضات (ف.ع.م) جاء فيها أن الدكتور “محمود” غادر المستشفى قبل إجراء عملية جراحية للمريضة بعد نقاش حاد جرى بينه وبين أحد الكوادر الطبية في المستشفى.. وقد طالب أهل المريضة بمحاسبة الدكتور “محمود” على ذلك الموقف.
يقول الدكتور “محمود” إنه يقيم قريباً من المستشفى وأنه قد جاء قبل وقت كافٍ لإجراء العملية وأن الترتيبات لم تكن قد اكتملت، وقد غادر إلى حيث يقيم قريباً، وطالب من طاقمه المساعد إخطاره حال اكتمال التجهيزات الخاصة بغرفة العمليات.
الدكتور “محمود” أعرب عن حزنه لأن أحد الذين بيدهم القلم استغل منبراً عاماً في عرض قضية شخصية دون الرجوع إليه واستنطاقه حولها، وقال بكل أسى إن ما يتعرض له الأطباء الآن من البعض، هو الذي يدفع بهم دفعاً نحو صالات المغادرة في مطار الخرطوم، وأنهم يواجهون ظلماً بيناً وعظيماً، هذا غير (التصنيف) السياسي، حيث يجد الطبيب من غير المنتمين للحزب الحاكم أو الأحزاب المتحالفة معه، في قائمة غير المرضي عنهم، خاصة إذا ما جاء تصنيفه في قوائم الضد السياسي، وأشار بحزن عميق تبدى واضحاً في نبرات صوته، إنه لم يفكر في الهجرة من قبل، بل وقاوم الفكرة سنين عددا رغم المغريات، لكن المضايقات في العمل، وما يتعرض له كثير من الأطباء جعلته يعيد النظر ويرجعه مرتين ليلحق بركب الذين غادروا إلى المهاجر العربية والمنافي الأوروبية.
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه، واجعلنا من المعتوقين من النار يا الله يا رب العالمين.. آمين.
.. و.. (جمعة) مباركة