بعد.. ومسافة
مصطفى أبو العزائم
قصتنا..!
لا نقصد بالعنوان أعلاه تلك الأغنية العذبة رائعة الكلمات متنوعة الصور والضاجة بالأحاسيس والمشاعر الصادقة، التي كتبها شاعرنا الكبير ملك المفردة الرومانسية الأستاذ “حسين بازرعة” وتغنى بها الفنان الكبير بلحن شجي لا يأتي إلا منه، الأستاذ “عثمان حسين” الذي تمر ذكرى وفاته الثامنة هذه الأيام.
(قصتنا) التي عنيناها بالعنوان أعلاه، هي قصة نجاح مؤسسة مالية سودانية عظيمة وضخمة هي بنك الخرطوم، وقد تأسس في العام 1913م، أو حقيقة، بدأ عمله في السودان قبل أكثر من مائة عام ،عندما رأت إدارة بنك (باركليز دي سي) البريطاني أن السوداني في حاجة إلى وجود بنك إنجليزي مع بنوك أخرى للعمل في مجال تقديم الخدمات البنكية المختلفة، إلى أن تم تأميم بنك (باركليز) مع عدد من البنوك الأجنبية بداية سبعينيات القرن الماضي، عندما كان التأميم هو عنوان الثورية والتغيير ومحاربة الوجود الأجنبي!
ما علينا.. قصة البنك مع الإدارات الحكومية رغم كفاءة الكوادر العاملة، ورغم المهنية العالية التي تعمل بها تلك الإدارات، إلا أن القيد الحكومي لم يجعل يد تلك الإدارات (مطلوقة) للعمل كما ينبغي لها أن تعمل، ولم يجعل الخيال المهني يحلق في فضاءات المال والأعمال وفق الرؤى الاستثمارية الحرة مثلما يحدث في عالم الاقتصاد الحر.. لذلك نجد أن البنك جمع أقدر الكفاءات وأميزها، لكنها كانت مقيدة بالنظم واللوائح الحكومية التي تجعل من وزارة المالية وبنك السودان، هما المرجعية الأولى والأخيرة في مجال خدمات البنوك الحكومية.
تجربة تحرير السوق، وخصخصة بعض مؤسسات ومرافق الدولة، أثبتت نجاحها في نماذج عديدة، من بينها المؤسسة العامة للبريد والبرق التي بخصخصتها حدثت القفزة الكبرى في عالم الاتصالات، والتي سبقنا بها الكثير من الدول من حولنا.. وكان بنك الخرطوم أحد تلك النماذج الناجحة، فثبتت أقدام البنك في عالم المال بعد أن كان يتعثر، واتسعت قاعدة عملائه وتضخمت الإيداعات وتضاعفت أضعافاً مضاعفة، ونجحت أساليب الإدارة الحديثة في أن تجعله أحد أكبر البنوك السودانية.
قصة بنك الخرطوم كانت ولا زالت حتى الأمس عنواناً للنجاح والتقدم وقدرة الإدارات على الإنجاز، فقد أعلنت إدارة البنك بالأمس ومن خلال حفل نهاري ضم ممثلين للبنك المركزي ولرجال المال والأعمال، وأهل الصحافة والإعلام، أعلنت عن حصول البنك على تصديق لافتتاح فرع له بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا كما قال الرئيس التنفيذي للبنك بالأمس، يشكل إضافة نوعية ومنفذاً خارجياً للاقتصاد السوداني، وتأكيداً على أن الفرع الخارجي سيعمل على تقديم باقة من الخدمات المصرفية الإسلامية للأفراد والشركات والمؤسسات، مع تقديم الخدمات لكل الجهات ذات الصلة والعلاقات التجارية مع السودان، إضافة إلى أن ذات الفرع سيصبح نافذة خارجية للاقتصاد السوداني بما يساعد حقيقة في تقديم الحلول لمشكلة التحويلات الخارجية.
نهنئ أنفسنا وبلادنا وكل القطاع المصرفي، ونهنئ بنك الخرطوم على هذا الإنجاز العظيم وهو الذي حصل من قبل على أعلى تقييم أداء بنكي عالمي للسنة الخامسة على التوالي، بما ساعد كثيراً على رفع اسم البنك من قائمة الحظر الأمريكي المفروض على بلادنا قبل خمس سنوات.
مبروك..