حوارات

القيادي المسيري "عبد الرسول النور" لـ (المجهر السياسي)

بدأت السقف الزمني المحدد للمفاوضات التي تجري في أديس تحت مظلة قرارات مجلس الأمن (2046) يقترب من نهاياته.. فما الذي ستتمخض عنه الثلاثة أشهر.. وهل ستنجح المفاوضات في إضاءة الطريق أمام الدولتين المتشاكستين للتوصل إلى حلول مرضية للطرفين؟
القيادي بقبيلة المسيرية “عبد الرسول النور” جلست إليه (المجهر) وطرحت عليه الأسئلة عاليه وغيرها.. فرأى إن المشهد قاتم.. وموقف الحكومة التفاوضي ضعيف.. وقال إن هذا الموقف الضعيف زاد من مطامع الحركة في (أبيي).. وأطمعها في مناطق شمالية أخرى..
ودعا “النور” الحكومة لتدارك المشهد القاتم بتقوية الجبهة الداخلية وزاد: (أدعو الحكومة إلى مفاوضات مباشرة وغير مشروطة مع حملة السلاح).
وفي ختام الحوار أكد د. عبد الرسول النور أن حل المشكلات بين الدولتين المتشاكستين لا يكون إلا عبر طريق وحيد.. تحدد معالم هذا الطريق رؤية قدمها كمبادرة لحل المشكلة في إطار (دولتان وشعب واحد)..

{ القيادي “عبد الرسول النور”.. المفاوضات الجارية في أديس الآن، هل ستضع حداً للمشكلات العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان في تقديرك؟
– في تقديري أن المفاوضات الجارية هي (عمل علاقات عامة) ولن تكون لها أي نتيجة ملموسة على الواقع.. لماذا؟ لأن المفاوضات بين طرفين كانا شريكين في الحرب وشريكين في توقيع اتفاقية نيفاشا وشريكين في الحكم، وهما الطرفان اللذان اقتسما السلطة والثروة ولكل منها إستراتيجية أساسية، وهاتان الإستراتيجيتان متقاطعتان.. الحركة الشعبية تريد (إقامة السودان الجديد)..
{ مقاطعة: حتى بعد الانفصال لا زالت هذه هي استراتيجيها؟
– حتى بعد أن تحقق لها الانفصال، والحركة لم تغير اسمها إلى الحركة الشعبية لتحرير الجنوب.. اسمها ما زال هو الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهي موجودة تحكم دولة جنوب السودان وتريد أن تحرر السودان..
{ إذن أنت ترى أن الانفصال كان خطوة مرحلية في إستراتيجيتها؟
– الحركة تريد أن (تأخذ السودان)، peace by peace)) خطوة خطوة هذه هي إستراتيجيتها.. والآن بدأت القنابل التي زرعتها الحركة في المناطق الثلاث النيل الأزرق وجنوب كردفان وآبيي بدأت تنفجر وربما تنفجر قنابل أخريات في مناطق أخرى في دارفور وفي الشرق..
الحركة فصلت الجنوب الجغرافي.. وهي الآن الجنوب المحارب.. ما يعرفونه بالجنوب المحارب هو الذي شارك معهم في الحرب.. ثم بعد ذلك اتجه إلى الجنوب المشارك.. هذه هي إستراتيجية الحركة، وبالتالي أي مفاوضات لا تحقق لها هذه الإستراتيجية.. خاصة وأن المفاوضات الجارية الآن تجري تحت مظلة قرار مجلس الأمن (2046) وهو حدد فترة زمنية (3) أشهر إذا انقضت دون التوصل لاتفاق تصدر عقوبات.. إذن الحركة تلعب على عامل الزمن لأنها تعرف أنها الطفل المدلل للمجتمع ولن ينالها ضرر.
وبالنسبة للسودان هو لا زال يحتفظ بنفس الفريق المفاوض منذ نيفاشا، يفاوض بمفرده ويغيب كل الساحة السياسية والاجتماعية والوطنية، وبالتالي موقفه التفاوضي موقف ضعيف.. لأن الجبهة الداخلية جبهة منقسمة وضعيفة والحركة الشعبية ومفاوضوها يعرفون أنه متى ما كانت الجبهة الداخلية ضعيفة فإن هذا يمكنهم من الحصول على تنازلات من الطرف السوداني.
{ إذن احتفاظ السودان بذات الفريق المفاوض وضعف الجبهة الداخلية عاملان يصبان في صالح الحركة الشعبية؟
– نعم.
{ هل هو فريق ضعيف في تقديرك؟ الفريق المفاوض؟
– لا.. أبداً ليس فريقاً ضعيفاً ولكن المفاوضين من الطرفين يعرفون بعضهم البعض جيداً ولا يثقون في بعضهم بتاتاً.. ولهذا فالحوار بينهم عبارة عن (حوار طرشان).
يعني الوفدان المتفاوضان يعلمان تمام العلم أن كلاً منهما لا يريد أن يصل لاتفاق وإنما يحاول إرضاء المجتمع الدولي..
{ إذن أنت ترى أنه كان من الأفضل لسير المفاوضات تغيير الوفدين المتفاوضين؟
– أنا أرى ذلك.. و(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) كان من الأفضل أن تأتي الحركة الشعبية بتيم جديد يمثل أهل السودان جميعاً.. نحن نريد أن نميز بين النظام والوطن.. يمكن للوفد المفاوض أن يكون غالبيته من الحزب ليس هناك ما يمنع لكن على أن لا ينفرد بالتفاوض.
{ يبدو أن الحركة تلعب على عامل الزمن – كما ذكرت – والثلاثة أشهر مضى منها الكثير.. ما السيناريو الأخير الذي تتوقعه كنتيجة لهذه المفاوضات؟
– المشهد قاتم.. وفيه من المهددات الكثير، وأتمنى مخلصاً أن يتدارك أهل الحكم في السودان هذا ويسعوا لتقوية الجبهة الداخلية ليقف الناس في صف واحد حتى يتمكنوا من إفشال هذا السيناريو.
{ إذا نظرنا إلى قضية أبيي باعتبار أنها أكبر قنبلة زرعتها الحركة؟..
– مقاطعاً، لا أبداً، القنابل زادت، لماذا زادت؟ لخطأ أساسي وقع قبل الانفصال هو أنه تم فصل دولتين الحدود بينهما غير محددة.. لا يمكن أن تنفصل دولتان حدودهما غير معروفة.. حسب إعلان المبادئ الحدود بين الشمال والجنوب هي حدود 1 / 1 / 1956م وهكذا جاء في بروتوكول مشاكوس ولكن البروتوكولات التي جاءت بعد ذلك بروتوكولات المناطق الثلاثة أخلت بهذا الأساس الذي قامت عليه المفاوضات وأدخلت مناطق شمالية في الجنوب.. بروتوكول مشاكوس قال إنها شمالية ولكن حدث التفاوض عليه وجاءت هذه البروتوكولات الثلاث المعيبة أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وبعدما جرى استفتاء الجنوب بدون حدود معروفة كان المرجع الذي ينبغي أن يرجع إليه هو حدود 1 / 1 / 1956م. ولكن المفاوضات جاءت بـ…
{ (مقاطعة): جاءت بخريطة جديدة تحملها الحركة الشعبية..؟
– لا.. جاءت بـ (4) مناطق أدخلها الجنوبيون في حدود الجنوب ثم جاءت الخريطة الأخيرة بـ (10) مناطق أدخلتها في حدود الجنوب. وبالتالي منطقة أبيي دخلت وسط الأطماع.. وبعد أبيي أصبح الناس يتكلمون عن هجليج وعن بليلة وعن بحر العرب وعن سماحة و..
{ هل هذا كله بسبب سلسلة من التنازلات بدأ بتقديمها ولا زال يقدمها وفد الحكومة المفاوض؟
– أبيي إذا كانت في السابق لقمة سائغة للحركة فالآن (كَبُّوا عليها الملاح عشان يبلعوا بيها).. صبوا عليها إداماً.
{ إذن أنت لا تتوقع أن تحل المفاوضات الجارية المشكلة؟
– المفاوضات لن تحل أي مشكلة هذه نقطة. النقطة الثانية مهمة جداً وهي أن الحكومة الآن تتفاوض مع حكومة الجنوب.. وعليها أن تسعى بكل الوسائل على التفاهم مع المسلحين باعتبارهم سودانيين. وإذا الحكومة لم تصل معهم لحل فسوف يستقووا بالحركة الشعبية.. وإذا وصلت معهم لحل تكون قد سحبت من يد الحركة كروت ضغط مهمة جداً. أنا أقول لا بد من التفاوض معهم.. وإذا اتهامنا لهم أساساً كان هو أنهم عملاء للحركة فنحن تفاوضنا مع الحركة.. مع الأصل فليس هناك ما يمنع أن نتفاوض مع الوكيل.. ومهما كانت التهمة الموجهة للمسلحين فهي أقل من التهمة الموجهة للجنوب.
أنا أدعو لمفاوضات مباشرة مع حملة السلاح، والتجارب تقول إن الحكومة تتفاوض مع المسلحين وتصل معهم لحلول ولا تتفاوض مع غير المسلحين.
{ نحن سمعنا – قبل فترة – أن قبيلة المسيرية تقدمت بشكوى لمجلس الأمن بشأن قضية أبيي هل حدث هذا فعلاً؟
– مجلس الأمن نحن لا نشتكي له.. لماذا؟ لأنه لا ينظر في قضيتنا ولا ينصف.. ولكن الذي حدث أنه قبل فترة عندما جاء مجلس الأمن وانعقد هنا نحن كوفد من المسيرية قابلناهم بناءً على طلبهم.. قابلنا الوفد وأيضاً قابلنا الدينكا وطرحوا علينا أسئلة رددنا عليها في حينها.
{ أسئلة حول ماذا؟ حول المسألة القديمة حدود المنطقة؟
– لا لا لا، هذه المرة تحدثوا في أشياء مختلفة.. قالوا إذا أنشأنا لكم آبار مياه وخزانات و.. و.. وعملنا تنمية هل ستتنازلون عن أبيي؟
{ هذا بالنسبة لكم أنتم والدينكا معاً؟ هل طرحوا عليهم ذات السؤال؟
– لا.. نحن المسيرية فقط، أنا رددت نيابة عن وفد المسيرية وقلت لهم (نحن نريد منكم أن تقدموا لنا نموذجاً واحداً لشعب تنازل عن أرضه حتى نقتدي به.. إذا كان هناك أي شعب باع أرضه وتنازل عنها من أجل تنمية أو غيرها قولوا لنا الشعب الفلاني فعل ذلك.. لكن نحن لن (نكون البداية)..
{ وما المطالب التي طلبوها من الدينكا؟
– لا.. الدينكا طبعاً هم الذين يطلبون منهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية