رأي

عابر سبيل

قيادات لا تعبر يا “حسن إسماعيل”
ابراهيم دقش
عرفت “حسن إسماعيل سيد أحمد” ككاتب عمود صحافي في جريدة (الخرطوم) إذ كنا متجاورين (عمودياً) مثلما كان حالي مع د. “مرتضى الغالي” في سابق عهد (الخرطوم)، حينما كانت الرقابة القبلية على أشدها، وكان مندوبها يدخل الصحيفة أول المساء ليسأل عما كتب (الدكتوران)، و”يخمش” العمودين من سدة (التوضيب) أو الإخراج الفني ليضعهما في جيبه ويخرج بهما دون أن يعرف محتواهما.. وذلك خطر الرأي المسبق في البشر.. وبالنسبة لي كان “حسن إسماعيل” (ثائراً) وليس ثورياً، وهناك فرق وكان (متمرداً) وليس مقاتلاً.. وكان (مناكفاً) وليس مقاطعاً.. فالمهم أنه عرف طريقه وخرج على الناس بقناعاته التي احترمناها، وبموجبها وصل إلى الوزارة الولائية في إطار حزب الأمة القيادة الجماعية بقيادة د. “الصادق الهادي المهدي”.
وشهدت “حسن إسماعيل” خطيباً في ليلة سياسية بمحلية (جبل الأولياء) وكانت محضورة، ولفت نظري فيما قاله أن الأحزاب التقليدية انكفأت على نفسها وعلى قياداتها ولم تفتح حتى (كوة) للشباب من أمثاله الذين ولجوها، ولأن التعميم ضار رأيت أن أتدخل، فتجربة صديقنا “حسن إسماعيل” في حزب الأمة القومي.. فيما الحزب الغريم له (الاتحادي الديمقراطي) تجاوز عقدة تقديم الشباب في وقت مبكر في الستينيات حين ظهر في صفوفه “عز الدين السيد”، “محمد جبارة العوض”، “موسى المبارك” و”مأمون سنادة”، وكانوا شباباً نضراً، وفرضوا وجودهم ورحب بهم الزعيم الخالد “إسماعيل الأزهري” وقال لي شخصياً عندما سألته مباشرة عن (اليسار) في حزبه فضحك وقال لي: (ليس في حزبنا يمين أو يسار، لكن فيه نصفك عاقل نصفك مجنون.. ومن أشرت إليهم هم نصفنا المجنون).. ومع ذلك دخلوا جميعاً الوزارة.
أيضاً أشار “حسن إسماعيل” إلى “تحضير” حزب المؤتمر الوطني لكوادره على مراحل خمس حتى الآن انتهت بجيل “حامد ممتاز” و”ياسر يوسف” و”قبيس أحمد المصطفى”، فيما نعى على نفسه أنه لو استمر في حزبه القديم لما وجد فرصة إطلالة على الجماهير إلا عند بلوغه السبعين.. وفي هذه أقول له إن الحزب الآخر بزعامة “الأزهري” كان مختلفاً، وكان يعد شبابه، وعندي الشواهد وبالأسماء.. لكن هذا لا يمنع أن (الظروف) قد تغيرت.
لقد عملت في ميعة الصبا مع المرحوم “حسن عوض الله”، ومع الراحل “يحيى الفضلي”، ومع “نصر الدين السيد”، ولم أكن أنتمي لحزبهم، ورغم أن لكل واحد منهم أسلوبه وطريقته فإنها تلتقي في شيء واحد.. الوطن ومصلحته العليا باعتبار أن كل الأشخاص (عابرون) فقط، وقد تعلمت منهم وأخذت من تجاربهم.. لكن يظهر أن في هذا الزمان الزعماء والقيادات لا تعبر إلا للقبور!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية