"الحسن" في متاهته!!
من غرائب الأخبار ما جاء على لسان “محمد الحسن الميرغني” المساعد الأول لرئيس الجمهورية، وهو يعلن جاهزية الحزب الاتحادي الديمقراطي لمعالجة مشكلات البلاد المتمثلة في الضغوط الخارجية وإقناع المعارضين والحركات المسلحة للوصول إلى توافق وسلام شامل بالبلاد.. جاء هذا الحديث الجميل الأنيق في حدود تصريحات “الحسن الميرغني” الغائب عن البلاد لشهور عديدة وهو دستوري لا يؤدي أية مهام بالقصر.. وقد جاملته القيادة كثيراً.. ولو كان “الحسن الميرغني” لا يرتبط بالسلالة الميرغنية لتم فصله من منصبه للغياب.. لكن “الميرغني” الغائب يمني نفسه بأدوار كبيرة بإقناع المعارضين والممانعين لدخول الحوار الوطني بالنزول للسلام!! لو امتلك “الميرغني” إرادة جمع صفه المبعثر لاستطاع إقناع (الروافض) أو (الدواعش) الذين رفضوا سياسات الحزب وشقوا عصا الطاعة فانهال عليهم فصلاً من الحزب وتجميداً للنشاط حتى انكشفت عورة الحزب السياسية، وإذا كان “الميرغني” عاجزاً عن توحيد صف حزبه فكيف له توحيد السودانيين؟! وقد دعا “الميرغني” في حديثه المنشور في هذه الصحيفة يوم (الاثنين) لإنجاح الشراكة بين الحزب الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الوطني.
حسناً، إذا كان “الميرغني” حريصاً على الشراكة فلماذا مغادرة البلاد منذ تسعة أشهر أو يزيد؟؟ والبقاء في الخارج يتحدث وقت شاء ويصمت كثيراً، والحرص على الشراكة سلوكاً ومنهجاً وعملاً دؤوباً مثل الذي يقوم به “أحمد سعد عمر” في مجلس الوزراء والتناغم والتجانس بينه والشريك الكبير، لكن أن (تهاجر) للقاهرة وتحرص على مصاريف المكتب وامتيازات السفر وتنأى بنفسك عن (غبار الخرطوم) وكتاحة الشمالية.. والكهرباء المقطوعة والحرب تطحن نصف السودان طحناً وأنت تنعم بالسلطة والأسفار والترحال والمدن المخملية، فهذا يقدح في ما تقوله.
وعاد السيد “الحسن الميرغني” ليقول إن الحزب الاتحادي الديمقراطي قادر على حل مشكلات البلاد، لكنه استحى من أن يقول (180) يوماً أو يذهب مذهب “عائشة البصيرة” نائب رئيس المجلس الوطني وهي تمدح “الميرغني” الكبير والصغير، لكنها الآن آثرت الانزواء بعيداً عن دائرة الضوء لقلة الفعل.. و”الحسن الميرغني” حينما هبط من علياء مقامه بحماس طاغ ورغبة في المنصب الرفيع ظن الناس وبعض الظن غفلة وحسن نية أن أسرة “الميرغني” تقدم للساحة السياسية وجهاً جديداً ربما لا يكون مثل السيد “جعفر” الذي لم يستطع التمييز بين جنوب النيل الأبيض وجنوب كردفان، واختفى بصورة مفاجئة من المسرح الداخلي، ولم يظهر إلى الآن ولا يعرف له مكان، هل هو في الداخل أم بالخارج؟؟ وشغل “الحسن الميرغني” الدنيا بمواقفه العنترية وتصريحاته التي تملأ الفضاء الإعلامي حتى عُيّن مساعداً أول للرئيس أعلى درجة من الدكتور “التجاني سيسي” وأعلى من السيد د. “جلال يوسف الدقير”، وفوق المهندس “إبراهيم محمود حامد” تقديراً للحزب الاتحادي الديمقراطي، لكن “الميرغني”- “الحسن”- (خذل) الذين شجعوه، وخذل الذين عينوه، وخذل الذين تفاءلوا بوجوده قبل خذلان حزبه الذي يعيش تحت عباءة البيت “الميرغني” مثل حزب الأمة.
نعم، كان للسيد “محمد عثمان الميرغني” تأثيره على الساحة في ثمانينات القرن الماضي.. وكانت القوى السياسية تتودد إليه.. ود. “جون قرنق” يسعى للاستفادة منه.. وكان “الميرغني” وثيق الصلة بمصر وحكام الخليج والمملكة العربية السعودية.. لكن الآن تغيرت أشياء، وتبدلت مراكز قوى، وما عادت مصر “السيسي” هي مصر “مبارك”، والحركة الشعبية ذهبت لحالها، ولا يقيم قادة قطاع الشمال وزناً للاتحادي الديمقراطي، ثم أن مولانا “الميرغني” نفسه أصبح لا أثر له على الداخل السوداني وورث الحزب لابنه “الحسن الميرغني” الذي فشل كسياسي وفشل كتنفيذي، لكنه يتحدث بصوته من حين لآخر لإثبات وجوده.