تقارير

الخرطوم وأبو ظبي.. اختبار متانة العلاقات في وجه المواقف العابرة

بعد استبعاد السودان لمعلومات حول دعم إماراتي لمصر في (حلايب)
الخرطوم- عقيل أحمد ناعم
يبدو أن منطقة (حلايب) السودانية التي تحتلها مصر منذ العام 1995م لم تكتف بما تسببه من توتر مستمر في علاقات السودان ومصر يتفجّر بين فترة وأخرى، لكن مؤخراً بدأ تأثيرها يمتد بشيء من التشويش في علاقات السودان ببعض الدول العربية الأخرى، لكن سرعان ما يتم احتواؤه والحد من تمدده في جسد هذه العلاقات، وهو ما حدث بعد الاتفاق (السعودي المصري) على ترسيم حدودهما البحرية، التي بالضرورة تمتد إلى المياه البحرية لمنطقة (حلايب)، وبالأخص بعد ما نسب للسفير السعودي بالقاهرة باعتراف بلاده بمصرية (حلايب)، ليعلن السودان مؤخراً على لسان وزير الخارجية أنه طلب رسمياً الإطلاع بالتفصيل على الاتفاق السعودي المصري للتأكد من عدم المساس بالحقوق السودانية في (حلايب)، متبوعة بتأكيد الوزير على عدم تنازل السودان عن شبر واحد في (مثلث حلايب).
لم تنته تأثيرات (حلايب) في إثارة الغبار باتجاه علاقات السودان مع الدول العربية عند هذا الحد، فقد انتشر تقرير الأسبوع الحالي- لم يتم تأكيده- عن خطوة إماراتية شبيهة بالمساندة لمصر في موقفها من (حلايب)، حيث زعم التقرير أن شركة إماراتية مملوكة لحكومة أبو ظبي دعمت مصر بمحطات طاقة شمسية مخصصة لمناطق بالبحر الأحمر من بينها (حلايب وشلاتين وأبو رماد) المكونة لـ(مثلث حلايب) المحتل.. فماذا كان موقف الخارجية السودانية من هذه الخطوة؟ وما مدى تأثيرها على علاقة السودان بالإمارات، وعلى الموقف القانوني في النزاع بين السودان ومصر؟؟
{ السودان يتقصى ويستبعد
في تأكيد على حرص السودان على علاقته بالإمارات وحسن ظنه في (حصافتها الدبلوماسية)، استبعد الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية “علي الصادق” في تصريحات صحفية (تورط) الإمارات في تصرفات وصفها بـ”غير الدبلوماسية” وقال: (الخارجية الإماراتية تتمتع بعلاقات متوازنة وحصيفة مع كل دول العالم، ونستبعد أن تتورط دولة بمثل هذه العلاقات في مثل هذه التصرفات غير الدبلوماسية). لكن بالمقابل ولأهمية المعلومات التي حملها التقرير، أكدت وسائل إعلام سودانية أن وزارة الخارجية شرعت فعلياً في التقصي حول ما حمله التقرير من معلومات حول تسليم الشركة الإماراتية مشاريع طاقة للعمل في (مثلث حلايب).
{ مخاض تحسين العلاقات
علاقة السودان بالإمارات، ومنذ تأسيس الدولة الإماراتية على يد الراحل الشيخ “زائد بن سلطان آل نهيان”، انبنت على احترام متبادل وتعاون كبير على المستويات كافة خاصة المستوى الاقتصادي، إلا أن هذه العلاقات وبفعل تشابك القضايا العربية وتعقيداتها أصابها شيء من التوتر والفتور والتوجس بفعل العلاقات السابقة للخرطوم مع طهران، وامتدادات العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها الإمارات مؤخراً كجماعة إرهابية، إلا أنه فيما يبدو قد تم طي، أو على الأقل، تجاوز هذه الصفحة من العلاقة بقرار السودان قطع علاقته مع إيران ومشاركته في الحلف العربي الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، بجانب الزيارة الشهيرة للرئيس “البشير” للإمارات في 2015م التي كما رشح حينها أنهت حالة التوجس الإماراتي وأسست لعلاقات جديدة. وقد شهدت الفترة الماضية توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين في المجال الاقتصادي والاستثماري من بينها مذكرة تفاهم حول ( تشجيع وحماية الاستثمارات الإماراتية في السودان).
{ حصانة العلاقة وعدم تأثير الموقف على نزاع (حلايب)
لا يبدو أن السودان يمكن أن يفرط في علاقاته مع الإمارات التي عادت مؤخراً إلى طبيعتها، في ظل انفتاحه على المحور العربي بعد إغلاقه ملف العلاقة مع إيران، خاصة وأن ملف (حلايب) مرتبط بشكوى قديمة تقدم بها السودان لمجلس الأمن، ما يعني أن أي موقف من دولة ثالثة مؤيد لموقف أيٍ من الدولتين المتنازعتين لن يؤثر على الموقف القانوني الدولي من تبعية (حلايب) في ظل ثقة السودان في الوثائق التي تثبت أحقيته في المثلث المحتل. هذا ما أكده الدبلوماسي والخبير بمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا “محمد حسن الركابي”  بقوله إن هذه الخطوة المنسوبة للإمارات- وإن صحت- غير مؤثرة على علاقات السودان والإمارات، وشارك “الركابي” وزارة الخارجية في استبعاد صحة الواقعة، لكنه مضى في تصريحه لـ(المجهر) في طريق التنبيه إلى أن النزاع الحدودي بين الدول ينتهي عادةً إلى التحكيم الدولي، وقال: (كون دولة تساند دولة أخرى في نزاع حدودي مع إحدى الدول فإنها لن تضيف جديداً إلى ملف النزاع ولو أيدت الإمارات مصر في موضوع حلايب فهذا لن يضيف جديداً). بالمقابل أبدى ثقته في عدم تأثير الواقعة على علاقة الخرطوم وأبو ظبي، وقال: (قناعتي أن هذه الحادثة لن تؤثر على علاقة السودان بالإمارات)، لكنه لم يستبعد أن يحدث بعض الفتور في العلاقة في حال صحت المعلومات عن دعم الإمارات لمصر بمشاريع الطاقة المزعومة. وبنى “الركابي” استبعاده لوقوف الإمارات إلى جانب مصر على أن للإمارات نزاعاً قديماً مع إيران على بعض الجزر في الخليج العربي، مؤكداً أن السودان اتخذ في هذا النزاع موقفاً محايداً وعقلانياً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية