رأي

مجرد سؤال ؟؟؟

ظاهرة التسرب في التعليم !!!!
رقية أبو شوك

ظاهرة تسرب الطلاب في المدارس بالسودان والتي كشفتها دراسة أعدت حديثاً شراكة بين وزارة التربية والتعليم الاتحادية والاتحاد الأوربي تعتبر ظاهرة خطيرة على المجتمع السوداني والذي تدعو رئاسته بأهمية التعليم والقضاء على الأمية … الآن وحسب الدراسة أن هنالك (44%) من طلاب المدارس الثانوية خارج المدارس بمعنى أنهم تركوا المدارس والتعليم  فيما تم إغلاق مدرسة كاملة بولاية كسلا، وهي الولاية  التي احتفلت قبل أيام بالطالبة النجيبة “رحاب أحمد عمر يعقوب”  التي نالت الدرجة الأولى في امتحانات مرحلة الأساس بكسلا بالرغم من انتمائها لأسرة فقيرة، حيث لا كهرباء تعينها على مراجعة الدروس الأمر الذي يؤكد أن الفقر ليس هو السبب وراء عدم مواصلة الدراسة، وذلك بالرغم من أنه هو الأخر قد يتسبب في عدم مواصلة الراغبين في مواصلة التحصيل الأكاديمي.
الدراسة أشارت إلى أن الفقر ليس هو السبب الوحيد للتسرب وإلا لما نالت طالبة كسلا على أخريات أتاحت لهم ظروف العيش الرغد أن يقبعن في بيت وأسرة لا تعرف الفقر … أيضاً من بين الأسباب التي ذكرت في الدراسة الخلل الأمني ووفاة الوالد … نعم الخلل الأمني قد يتسبب بطريقة أو أخرى في التسرب، باعتبار أن الانفلات ألامني قد يعوق الدراسة وقد تذهب للدراسة والخوف يسيطر عليك من كل الاتجاهات بأنك ستموت جراء أي انفلاتات. وعندما تسيطر عليك هذه الفكرة قد يكون من السهولة بمكان مفارقة التعليم للأبد والإيواء في مكان آمن لا علاقة له بالخلل الأمني كالأسرة مثلاً وكذلك فإن الموت الوالد قذ يزعزع الأسرة باعتباره المسئول عن الإنفاق، وبالتالي ربما يترك الأبناء الدراسة ليساهموا في تربية الأشقاء والأم.
أيضاً العقاب البدني والجلد قد يكون سبباً مباشراً في ترك المدرسة والخوف من التوبيخ من قبل الأساتذة أمام الزملاء، الأمر الذي يخلق بداخلك (عقدة) للأبد تجعلك تكره المدرسة والأساتذة الذين بها بل إن البعض حتى وإن استمر فإنه قد يكره مثلاً أستاذ مادة الرياضيات أو الانجليزي أو حتى اللغة العربية لأن أساتذة هذه المواد كانوا يعاقبونه (بالجلد)، وهنالك قصص وأمثال واقعية في هذا الإطار… وأذكر طرفة هنا و(العهدة على الراوي) بأن أحد طالبات قد زارتهم بالمنزل أستاذة مادة ما قد جاءت زائرة لهم لتقديم واجب العزاء،  وعندما تعرفت الطالبة المعنية بأن الزائر هي الأستاذة التي كانت تدرسها مادة اللغة العربية في المرحلة الابتدائية وليس الأساس، الآن ما كان منها إلا أن تتراجع من مقابلتها …. قالت: (فجأة تذكرت الضرب بالمسطرة على الكف بالخلف) .. وهذا يعتبر من أصعب وأقسى أنواع العقاب لأن المسطرة تمسك بحافتها ثم يبدأ الضرب بقوة .. أضف إلى ذلك التوبيخ عن طريق  (الكف) الذي ربما يتسبب في العمى أو ألم حاد في الإذن يصعب علاجه.
أيضا طريقة التدريس التي ذكرتها الدراسة هي الأخرى قد تتسبب في التسرب …فطريقة التدريس لابد أن تكون جاذبة وكذا تهيئة الفصول مع الأنشطة التي تكتشف المواهب.
الآن اختفت بنسبة كبيرة جداً الأنشطة المدرسية وحصة الرياضة التي تعني بأهمية (كرة تراض بلعبها الأجسام)  واختفت الجمعيات الأدبية التي عن طريقها تظهر المواهب ويحدد الطلاب إلى أين ذاهبون في نهاية المطاف … فقد تخرج الفنان والشاعر والأديب والصحافي والمعلم والطبيب والمهندس.
فالتعليم إذا أردنا له أن يتربع ويتربع أبناؤنا على فصوله لابد أن نحل كل الإشكاليات التي تعرقل المسيرة ونشر ثقافة التعليم في أوساط الذين ليس لديهم الرغبة في الاستمرار أو حتى محاولة الدخول للمدارس، وحل أيضاً مشاكل الرحل فهنالك من يرغب بالتعليم من أبناء الرحل ولكن طبيعة التجوال تقف دون تحقيق المنال.
فنحن كنا نرنو (لتعليم الكتروني ومدارس بدون ورق) بل جهاز الحاسوب يكون البديل للورقي فهنالك من سبقنا في هذا المجال، ولكننا الآن نعاني التسرب وبنسبة مخيفة جداً ربما تزداد إذا لم يتم تداركها.
وأخيراً تحية خاصة لأولى شهادة الأساس بكسلا الطالبة “رحاب أحمد عمر يعقوب”، رغم ظروفها الأسرية مما يدعونا لنقول إن الفقر ليس سبباً أساسياً في عدم مواصلة التعليم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية