عابر سبيل
عندما يختلط “الميري” بالخاص !
ابراهيم دقش
افتقدت شيخاً فقيراً لأكثر من شهرين الآن، كان يطرق على باب منزلنا بأم درمان نهار كل (جمعة) وأعطيه عن طيب خاطر حفنة جنيهات كان يتقبلها حامداً وشاكراً وداعياً لي.. لا أعرف اسمه ول يعرف هو من أكون، لكنه في بعض المرات يتعاطى الشأن السياسي المحصور في “عقيدته” وفي انتمائه وولائه الطائفي، فيسألني أسئلة محّددة كنت أجيبه عليها بكل الصدق والمودة والموضوعية.. وغبت مرة عن الديار لأسبوعين جاءني كعادته وعاد “بخفي حنين” ولما عدت نفحته “المعلوم” ذكرني بأن له متأخرات.. وضحكت لأن الرجل اعتبر المسألة روتينية ومنتظمة تصل مرحلة الحق أو الاستحقاق، ولم ألمه أو أعنفه بل ابتسمت في وجهه وقلت له (معك حق) لأننا ننسى كثيراً، ولم يتمالك الرجل نفسه فأمسك برأسي تقبيلاً وهو يردد: [إت قايل أنا بمشي لأيّ زول؟] .. وصدقوني افتقدت ذلك الشيخ الطيب وأكاد أجزم أنه إما طريح الفراش أو قد فارق الدنيا، وفي الحالتين أنا الخاسر وليس هو.
ومناسبة هذا الكلام أن شخصاً عزيزاً علىّ، وهو في أرقى مراقي المسؤولية سمع بمرضي واستشفائي في “لندن” ثم مواصلتي للعلاج مجدداً، فرمى بسهمه من منطلق “شخصي”، ورغم أني أكبرت فيه حميته وقدرت له موقفه ذاك إلا أني “شاورت” أحد معاونيه – بحكم العلاقة – بأن ينصحني ويخلص لي النصح إن لو كان “صاحبي” قد تعامل معي من موقعه الرسمي، هل يزيد كسبي أم ينقص وإجابته دفعتني للقول: إذن هل أردّها له؟ ولا أدري كيف فهم الرجل “النص”. وأكاد أجزم أنه غضب كما لا أستبعد أن يكون قد قال: “هو طالبني شنو؟” فهو حقيقة غير ملزم وما فعله كان شهامة تلقائية واستناداً على علاقة خاصة .. ولكني قطعاً لم أفكر فيما ذهب إليه عقله بقدر ما كنت [أفاضل] بين “الميري” والخاص .. وهذه هي المشكلة لأن الخيط بينهما رفيع .. رفيع !!