رأي

عز الكلام

بهدلة مريضة!!
أم وضاح
 
تمر عليّ مواقف وأحداث تجعلني أؤمن أكثر بالمقولة التي سمعتها من أحدهم وهو يظن أنه يسخر ويتندر، لكن الواقع أنه بحديثه ينزف حزناً وننزف نحن ألماً، والمقولة فحواها أن أحدهم قال للآخر بلدنا دي ما ح تمشي لقدام لأنه بعضاً من فيها يجعلونها تمشي نحو الخلف، فضحك السامع وقال ليه بلدنا ما حتمشي لقدام، لأن بعضهم يجعلها نازلة في حفرة وحا أقول ليكم كيف أنها تنحدر نحو الهاوية، وقد اتصلت عليّ شابة تخبرني فيها بهلع وجزع أن والدتها قد انكسرت يدها إثر انزلاقها على الأرض، وأن الطبيب الذي فحصها في واحدة من الولايات محل إقامتها، قد أخبرها أنه لا بد من إجراء عملية عاجلة وتركيب مسطرة وهو ما لا يتوفر في مستشفيات هذه الولاية، فما كان مني ودون تردد إلا وأن حملت هاتفي واتصلت على مدير مستشفى حاج الصافي لأحدثه إن كان بالإمكان أن تجري هذه السيدة العملية في المستشفى باعتباره مستشفى حكومياً، وجاءت المريضة (شايلة يدها قصبة) وأخبروها داخل المستشفى أن العملية (بستة آلاف جنيه) حتة واحدة، ولأنني أعرف ظروف هذه الأسرة والتي تشبه ظروفنا جميعاً، لأنه ما ممكن يكون الواحد خاتي ليه ستة آلاف (مجنبة) في جيبه عشان لو انكسر فجأة يدفعها من غير أن تؤثر على ميزانيته، ورجعت لاتصل به وأخبره عن هذا الرقم المليوني، فطلب مني أن تحضر المريضة صباح السبت وإن شاء الله خير، وجاءت المريضة ولم تجده بمكتبه، لأنه اتضح أن (السبت) بالنسبة له إجازة، وظللت أهاتفه ولم يرد على هاتفي، فأدركت أن الرجل رغم صلاحياته كمدير للمستشفى (ما ناوي يعمل حاجة)، فما كان مني إلا أن اتصلت بالبروف “مأمون حميدة”، وعليكم الله عند “مأمون حميدة” ده دعوني أرفع القبعة للرجل الذي لم يخلط في حياته أبداً ما نكتبه من كتابات ناقدة وساخنة بواجبه، وسبق أن اتصلت عليه قبل عام ونيف ويومها كنت من الذين انتقدوه بشدة ولو كان شخصاً غيره من الذين يخلطون المواقف لما حتى رد عليّ، اتصلت عليه بشأن مريضة (بالكانسر) تحتاج للجرعات بالمجان فطلب إحضار ملفها على الفور وقام باللازم، المهم أنني بعد أن (طنشنا) مدير مستشفى “حاج الصافي” اتصلت على بروف “حميدة” وأخبرته بكامل التفاصيل ودون تكلف طالبني باسم المريضة ثم هاتفني بعد دقائق أن المستشفى سيجري العملية بالمجان، بل إن المسطرة سيدفع ثمنها، وطبعاً لم تسعني الفرحة وزففت الخبر للمريضة لتكون صباح اليوم الثاني وعند الثامنة صباحاً أمام مكتب المدير، وذهبت إليها ولم نجد أحداً، مكتب المدير الطبي مقفول والمدير غير موجود واتصلت عليه ورد عليّ آخر وقال لي المدير في العمليات، فقلت له يا أخي معاي المريضة التي حدثه عنها السيد الوزير وهي الآن في أشد حالات الألم ولا تقوى حتى على الجلوس، فقال لي من أناب عنه بالهاتف ح يرجع ليك، وح يرجع ليك دي مر عليها يومان، إذ أن المريضة جلست في المستشفى (مجدوعة) حتى الثالثة عصراً ولم يتكرم سيادته بالسؤال عنها، خليك من أنها جاية تبع منو واللا موصى عليها منو، خلينا في أنها سودانية من عامة الغبش قدرها أن تتجرجر بمستشفيات الحكومة، قدرها أنها من البسطاء والمساكين وليست من أصحاب المقام الرفيع الذين بكل بساطة يدفعون الملايين دون أن تؤثر على ميزانياتهم ولا تدخل في بند الإيجار أو الطعام، أو الكساء، قدرها أنها تدفع التأمين الصحي مخصوماً على راتبها وعندما تحتاجه تجد أنه لا يتسع ماعونه للعمليات الطارئة أو الأدوية المنقذة للحياة، قدر المسكينة أنها ستدفع (فاتورة) تعنت المدير الذي كان مفروضاً أن نضرب لسعادته أربعة خمسة أيام حتى يتعطف عليها بالتخفيض أو إلغاء الرسوم، عليكم الله في حفرة أعمق من كده!
{ كلمة عزيزة
لا زلت أخي معتمد بحري معجبة بقرار إلغاء رسم الدرداقات القرار الإنساني الكبير الذي لا يقدم عليه إلا مسؤول يشعر حقيقة بأدق التفاصيل التي تخص شخوصاً أصبحوا في قائمة الهامش رغماً عنهم، لكن لا بد لي أن ألفت نظركم لواجهة بحري، وأقصد الفسحة خلف الجامع الكبير وخلف عمارات “إبراهيم طلب” التي أصبحت كوشة كبيرة ومرتعاً للمتسولين، فهل توليها كامل عنايتك ليتحول البؤس والقبح إلى جمال.
{ كلمة أعز
قطعاً سأعود لموضوع المريضة والمستشفى بشيء من التفصيل، وأدعو لها معي أن تكتمل عافيتها بالشفاء بعد أن ذهبت لإجراء العملية بمستشفى آخر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية