حوارات

وزير الاستثمار بالولاية الشمالية "جعفر عبد المجيد" لـ(المجهر)

نعم هناك بلاغات سرقة آثار.. والمنحة القطرية للمساعدة وليس السيطرة
اسأل هيئة الآثار الاتحادية عن آثارنا المهربة خارج البلاد..!!
السياح الآن يبحثون عن السياحة النظيفة.. ولا يوجد شكوى من تقييد حريتهم
حوار- محمد إبراهيم الحاج
تمثل الولاية الشمالية بحكم موقعها الجغرافي المميز ومواردها البكر وعناصر جذبها السياحي المتمثلة في وجود النيل والآثار التاريخية الأقدم في العالم، بالإضافة إلى تمتعها بالأمن والأمان في كل أرجائها وإنسانها البسيط المسالم الذي اشتهر بالكرم والبسالة، تمثل عناصر مجتمعة يمكن أن تنقل المنطقة إلى مصاف المناطق السياحية والاقتصادية ليس في المحيط الإقليمي فحسب، لكن في العالم أجمع.
 ورغم ذلك فإن ثمة تفاصيل تهزم كثير من الأفكار النبيلة والكبيرة تتمثل في عدم استغلال تلك الموارد بالطريقة المثلى التي يمكن أن تقفز بتلك الولاية التي تمثل بوابة السودان تجاه محيطه العربي والشرق أوسطي، ولكن خلال الفترة الأخيرة بدا أن المسؤولين التفتوا إلى أهمية الولاية في عدد من الأشياء يمكن أن تجعل منها رافداً مهماً للاقتصاد والسياحة.. (المجهر) التقت بوزير السياحة بالولاية الشمالية “جعفر عبد المجيد” وناقشت معه كثيراً من هموم السياحة والثقافة بتلك الولاية.. فإلى مضابط الحوار.

{ ما هو أبرز ما خرج به الملتقى الاستثماري الذي أقيم مؤخراً في الولاية الشمالية؟
_ أولاً الملتقى خرج بعدد من التوصيات.. منها تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص والوطني والوزارات الحكومية ذات الصلة بالاستثمار وتقديم ضمانات للمستثمرين وتسهيل إجراءاتها، وتفعيل المكاتب الحكومية. وبالمقابل وجه رئيس الجمهورية إلى الاهتمام بالطاقة البديلة- الطاقة الشمسية- القطاع الخاص، والمستثمرين أنفسهم بأن ينشئوا مشروعات بالطاقة الشمسية، باعتبار أن وحدات الطاقة الشمسية نفسها يحضرها المستثمر، وتسهيل الإجراءات وإزالة العوائق بين الجهات ذات الصلة، والعمل بالنظم والقواعد والمعايير الدولية في المسؤولية الاجتماعية وهي تقديم خدمة للمواطن المحلي من خلال القانون وهي حوالي (3%) من أرباح المشروع، بالإضافة إلى خلق بيئة حول المشاريع الاستثمارية داعمة للاستثمار وهي صاحبة الاستفادة الحقيقية من المشروع، وبأن تقدم خدمات صحة وتعليم ومياه للمستثمرين، وتحدث عن تسهيل إجراءات دخول التقاوي والمدخلات الزراعية وفق ضوابط. ووجه الرئيس أيضاً بالتفكير في السكة الحديد والتركيز على المنتجات ذات العائد، والصادر، والتركيز عليها، وركز المؤتمر على الاستفادة من ميزة الولاية الشمالية والاستفادة من الصناعة التحويلية.
{ الولاية الشمالية لديها مقومات لمشاريع كبيرة.. لماذا لم تستفد الولاية من كل هذه المزايا والحكومة وقفت عاجزة في اتجاه تقوية السياحة والاقتصاد؟
 _ بالطبع أرد عن ما أنا مسؤول منه، بدأت الوزارة الآن بتخطيط سليم بوضع الرؤى ووضع الخطط والبرامج وإدخال الشركاء في هذا البرنامج، من سبقونا في هذا المجال بذلوا جهداً كبيراً جداً، في السابق لم تكن هناك طرق وكهرباء وهذه أهم المقومات، ولكن الآن بعد وجود تلك الخدمات اللوجستية والاتصالات متوفرة الآن تمثل عاملاً أساسياً لبداية استثمارات في القطاع الزراعي وقطاع الخدمات، وأعتقد أن قطار التنمية الآن سينطلق مع القطاع الخاص والتنمية والمستثمرين والشركاء، والحكومة نفسها الآن اهتمامها كبير جداً بداية من رئاسة الجمهورية وحكومات الولايات.
{ ما هو حجم الاستثمارات الأجنبية الموجودة داخل الولاية الشمالية؟
_ لدينا شراكة في مصنع تعليب كريمة بـ(14) مليون دولار (60%) منها للمستثمر و(40%) لحكومة، وعندنا مشروع أمطار لمستثمر  إماراتي في حدود (150) مليون دولار، وعندنا مشروع قطري ومشروع “ألبان الصافي” و”المراعي” و”تبوك”، ومشروع “يستبشرون” الزراعي.. كل هذه مشاريع للدول العربية الصديقة خاصة المملكة العربية السعودية وقطر، بالإضافة إلى المنحة القطرية لصيانة الآثار.
{ كم تبلغ هذه المنحة القطرية؟
_ حوالي (135) مليون دولار لولايتي نهر النيل والشمالية؟
{ هناك أحاديث أن البعثة القطرية هي محاولة من دولة قطر للسيطرة على التراث السوداني؟
_ قطر ممولة وهناك بعثات علمية مثل جامعة بنسلفانيا وبعض الجامعات الفرنسية وجامعة الخرطوم والنيلين وجامعة دنقلا وعدد من الجامعات، وهي التي تنقب وتبحث في الآثار وتحفظها في موقعها وتملك المعلومات العلمية للوزارات المختصة وللحكومة، وبالتالي هي فقط ممولة ونحن نشكرهم جداً في الاستفادة من تراثنا من خلال هذه المنحة.
{ لكن البعض يعتقد أن هذا التمويل كان بسبب خلافها السياسي مع مصر؟
_ هذا شأن آخر، وأعتقد أننا سنستفيد استفادة كبيرة جداً من خلال المتاحف والتسوير والإنارة والتأمين والحفظ والمتاحف من خلال هذه المنحة.
{ هل تسلمتم المنحة؟
 _ الآن بدأ إنشاء متحف البركل بتكلفة حوالي (5) ملايين دولار، تم بناؤها وبناء المعامل، والسكن للبعثات والعاملين بها موجود على بعد (3) كيلو من مدينة كريمة، وبدأت الحفريات بصورة فعلية في مقبرة “الكرو” و”دنقلا العجوز” و”سيسا” و”كرمة” أصلاً تعمل و”دير الغزالي” و”صلب”.
{ هل هناك سرقات للآثار في الولاية الشمالية؟
_ الآثار في أي مكان في الدنيا من الموارد التي يمكن أن يُسطى عليها، ويمكن أن تُسرق وتُنهب، وده ممكن يكون في أي مكان في الدنيا في ظل أنها غير محفوظة وغير محفورة وغير موجودة في أماكن حفظ بصورة عليمة، وقد يكون هناك بعض السرقات والسطو على هذه المكتسبات وهذه الآثار.
{ لم تجب عن السؤال.. هل توجد سرقة للآثار؟
_  ليس لديّ دليل قاطع بوجود هذه السرقات، لكن لدينا شرطة الآثار من فترة لأخرى تجد بعض الناس في بعض الحفريات يحاولون سرقة في بعض الأماكن.
{ ألم يتم تدوين بلاغات سرقة للآثار؟
_ هناك بلاغات للسرقات.. لكن المسألة طويلة شوية.. ليس كل أثر له قيمة.. تتم في البداية مراجعته بالهيئة القومية للآثار وعلماء جامعات وبعثات موجودة، وهناك مسلة أثرية تم اكتشافها مؤخراً لا تزال قيد البحث عند العلماء لإيجاد البطاقة الأثرية لها.. ولا أنفي نهائياً عدم وجود سرقات.
{ برأيك.. ما هو الشيء الذي ينقص الولاية الشمالية لتصبح منطقة سياحية من الدرجة الأولى؟
_ نحن بحاجة إلى مزيد من اهتمام الدولة للإنفاق على هذا القطاع إما مباشرة من ميزانية الدولة أو المنح أو القروض بصورة عاجلة، وأن نحفظ هذه الآثار في مواقع جيدة، ويجب كذلك إدخال القطاع الخاص لإدخال الخدمات السياحية والإيوائية والمنازل والمنتجعات وهذه الخدمة يمكن أن تقدم، لأن أية سياحة قائمة على مثلث معروف ضلع فيه الحكومة والقوانين وضلع فيه المؤسسات التي تقدم الخدمة والضلع الثالث هو السائح، ونحن في حاجة إلى إنشاء بنى تحتية ونحن حتى الآن بدأنا في إنشاء بعض هذه المرافق، فتوجد “مروي لاند” و”البيت النوبي” و”صهيب”، وهناك بعض الفنادق الآن، وآخرها صدقنا لمستثمرة موجودة معنا الآن، صدقنا لها فندقاً، وقبل فترة صدقنا فندقاً ومنتجعاً، وخلال فترة مهرجان البركل صدقنا ثلاثة فنادق ومنتجعاً، وهذا من المحفزات التي تجعل الناس يمضون في هذا الاتجاه لدعم السياحة التي تحتاج إلى دعم الحكومة المركزية بصورة واضحة جداً على الأقل في الميزانيات أو القرض والمنح، وهذه المسألة مشجعة جداً ونحتاج إلى أن نؤهل أيضاً وكالات السياحة وتدريب الموظف والكادر الذي يعمل في مجال السياحة، وإلى علاقات أكبر مع علاقات أكبر لشركات ووكالات تهتم بالسياحة في أفريقيا وأوروبا والدول العربية.
{ هل من الممكن للسياحة أن (تشيل نفسها) وتكون مصدراً من مصادر الدخل القومي؟
_ بالتأكيد، وهي مصدر سريع جداً إذا أنفق على السياحة إنفاقاً بسيطاً ممكن (تشيل نفسها)، وقد تصبح واحدة من موارد الدولة.
{ لكن ألا تعتقد أن السياحة أيضاً تحتاج إلى تغيير عدد من القوانين المرتبطة بها.. مثل قانون النظام العام؟
_ لا أقول تغيير القوانين.. هناك عدد كبير جداً من السياح راضٍ بهذا الوضع فقط نحتاج إلى أن نقدم لهم خدمة نظيفة.. ويحتاجون إلى خدمات حقيقية نقدمها لهم.. والآن السائح يبحث عن السياحة النظيفة، وفي عدد من المواقع بدأوا يتحدثون عن السياحة النظيفة ومقوماتها موجودة عندنا.
{ إذن لا ترى أن ثمة داعياً لتغيير بعض القوانين؟
_ ما الذي يحتاجه السائح الآن؟ كل ما يطلبه موجود.
{ يحتاج إلى مزيد من الحرية؟
_ الحرية الشخصية متاحة له تماماً.. وما حصل جانا سائح اشتكى من تكبيل حريته حتى الآن.. والسياح يأتون إلينا من كل فجاج الأرض ولم يطالبوا بهذا الأمر.
{ هل تعتقد أن الطرق مؤهلة تماماً؟
_ نأمل أن نستفيد من الطاقة الشمسية في إنارة كل الطرق.
{ كثير من الآثار السودانية ضاعت بسبب الإهمال والتساهل أو عدم معرفة القيمة الحقيقية لتلك الآثار مثل “الدفوفة” التي تهدد آثارها مياه (تنز) من المشاريع؟
_ معظم الآثار الموجودة في “الدقيل” أو المقابر الشرقية أو في موقع “الدفوفة” تم استخراجها وموجودة في متحف يحوي كل الآثار، ونحن نتحدث عن المقابر القديمة التي يمكن أن يؤثر (النز) عليها، فقد تمت المناشدة من قبل الأخوة في هيئة الآثار الاتحادية وهيئة “اليونسكو”، وجاءت بعثات ورأوا تلك الواقع وأعتقد أنهم مهتمون بها جداً، ونأمل في المزيد من الاهتمام من الجهات العالمية حتى نستفيد من هذه المواقع وأن لا نعرضها (لنز) مياه أو التعرية، ونحن نحتاج إلى أن نحافظ على هذه الآثار، وأناشد عبر صحيفتكم أن تحافظ كل الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث على هذه الآثار.
{ هل تعتقد أن الحكومة تتعامل بجدية مع مسألة السياحة؟
_ هسع إنت ما حاسي إنو أنا جاد.
{ أتحدث عن الحكومة المركزية بشكل عام؟
_ الحكومة جادة جداً، وتعوزنا الآن الإمكانات على الأقل في أن نحافظ على مكتسباتنا ومواردنا وآثارنا وتراثنا الموجود ونحافظ عليه، ونفكر في أكثر من كده، مثلاً المواقع الموجودة في “كرتي” كيف نستطيع أن نعمل بها بانوراما لتاريخ المنطقة وعظمتها ومنطقة “الدفار” التاريخية المعرفة، وكيف نحافظ فيها على تراث المنطقة وعندنا أشياء عديدة تخلق لنا بيئة سياحية محبوبة للسائح، ومزارات تستغل بتقديم خدمة بسيطة بتسويرها ومنتجعات.. فقط السائح يحتاج إلى أشياء بسيطة في منطقة إيوائه، وأشيد بالجهات ذات الصلة بمنح التأشيرة ولدينا عدد من السياح الآن جاءوا إلينا بـ”الكاونتر فيزا” وهذه نقلة جديدة كان يعاني منها السياح.
{ لدينا عدداً من الآثار المهربة في الدول الأوروبية.. هل لديكم النية في المطالبة بإعادتها؟
_ اسأل منها هيئة الآثار الاتحادية.
{ أنتم جهة حكومية مسؤولة عن الآثار؟
_ انا جهة حكومية مسؤوليتي الولاية الشمالية فقط.
{ وهذه الآثار مهربة من الولاية الشمالية؟
_ إن كانت مهربة من الشمالية إلى دولة أخرى أصبحت مسؤولة عنها الوزارات السيادية.
{ لكنها خرجت منكم؟
_ (خرجت مننا نعم)، لكن الوزارات السيادية هي المسؤولة عن هذا الجانب.. نحن بآلياتنا ووسائلنا الموجودة نبذل أقصى جهدنا في ذلك.
{ ما هي آخر الاكتشافات الأثرية بالولاية الشمالية؟
_ آخر الاكتشافات كانت في منطقة الخندق.. وهناك عدد من الاكتشافات تُعلن عبر هيئة الآثار الاتحادية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية