القيادي بالاتحادي الديمقراطي الأصل "علي محمود حسنين" ينفث الهواء الساخن
* الاتحادي غير مشارك.. ومن هم في السلطة لا يمثلون إلا أنفسهم
* من ذهبوا إلى “لندن” لاستجداء رئيس غائب إنما يسبحون في الخيال!
وفد لندن يسعى للاستنصار بالأب على الابن.. ونحن لا نريد الدخول في خلافات أسرية!
حوار – محمد إبراهيم الحاج
بعد خلافه مع زعيم الحزب (الاتحادي الديمقراطي الأصل)، ووجود اسمه ضمن قائمة القادة الذين قادوا (مؤتمر أم دوم) الشهير الذي قضى بعزل “الميرغني” عن رئاسة الحزب، وتكوين مكتب قيادي مع قيادات مؤثرة في الحركة الاتحادية لها اسمها ووزنها وثقلها، مثل الشيخ “حسن أبو سبيب”، لا يترك الأستاذ “علي محمود حسنين”، سانحة دون أن يذكر بتاريخ الحزب (الاتحادي الديمقراطي) وبخطه النضالي الذي يرفض التحالف مع الأنظمة الشمولية، وتأكيده على عدم شرعية القيادة الحالية للحزب.
خلال الأيام السابقة غادر وفد اتحادي رفيع إلى العاصمة البريطانية (لندن) على رأسه “طه علي البشير”، لمقابلة رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني”، ومناقشته حول أمور الحزب، إلا أن قادة (مؤتمر أم دوم)، بدأوا ينتقدون تلك الزيارة بوصفها جاءت من أجل إزاحة نجل الميرغني “الحسن” عن مركز صناعة القرار بحزب الحركة الوطنية.
(المجهر) حاورت “علي محمود حسنين”، من مقر إقامته بـ”لندن”، حول تلك الزيارة ومواضيع أخرى يضج بها الجسد (الاتحادي).. فإلى مضابط الحوار.
* بداية كيف تنظر إلى الوفد الذي سافر إلى “لندن” لمقابلة مولانا “الميرغني”؟
– لا أتابعه ولا يهمني أمره، وأعتقد أن هؤلاء الناس يسبحون في الخيال، لأنه بدلاً من أن يعملوا على إصلاح حال الحزب يذهبون إلى “لندن” لاستجداء رئيس ظل بعيداً عن الساحة لمدة ثلاث سنوات لأسباب شخصية.
* ولكن وفد لندن قريب منكم في رفضه وجود “الحسن الميرغني”؟
– القريب منا هو الشخص الملتزم بدستور الحزب، والذي يعمل على إزالة هذا النظام الشمولي الذي ظل جاثماً على صدر الأمة لمدة 27 عاماً كاملة، وكل من يشاركه لا شأن لنا به.
* ولكن وفد لندن جله من الرافضين المشاركة في الحكومة؟
– هم غير موافقين على نجل الميرغني وعلى المشاركة، ولعل لهم أسباب ليس من بينها العمل على إسقاط النظام، قد يكون ابن الميرغني استأثر بالقرار، ولكن خلافهم معه ليس على المبدأ، ولماذا يكون ابن الميرغني مسؤولاً في الحزب؟ وهل لدينا نظام ملكي بأن يكون الأمير ابن الملك أميراً؟ وهذا الأمر ليس في (الاتحادي الديمقراطي)، وخلافنا مع كل هؤلاء هو في أن تكون إدارة الحزب بالديمقراطية، وبإرادة الجماهير والتي ترفض أي نظام شمولي والعمل على مقاومته بكل إرادة وتصميم، والذين يخرجون عن هذا الواجب يكونون تلقائياً قد خرجوا عن الحزب.
* ولماذا كانت انتفاضتكم ضد قيادة الحزب في هذا الوقت بالذات رغم أن عقوداً طويلة مرت على زعامة “الميرغني” للحزب؟
– نحن لم نثر هذا الأمر الآن.. وإنما منذ عام 2010م أصدرت عدة بيانات قلت فيها إن مشاركة الحزب في السلطة هو خروج على دستور الحزب، وإن من يفعلون ذلك لن يعودوا موجودين فيه، وظللت أكرر هذا الكلام في أكثر من 11 بياناً، وبالتالي فإن المشاركة في عام 2015م تسير على ذات منوال السقوط السابق في 2010م، وهذا الأمر ليس جديداً، وظللت أثيره ومنذ تلك اللحظة لم أتعامل مع قيادة الحزب التي ظلت تشارك في النظام منتحلة صفة الحزب (الاتحادي)، وهؤلاء لا يمثلون الحزب وسأظل أقول إن الحزب (الاتحادي الديمقراطي) غير مشارك. ومن يوجدوا في السلطة يمثلون أنفسهم فقط، لأن من ينتمي للحزب يلتزم بدستوره ويحترم قواعده.
* ولكنكم منذ (مؤتمر أم دوم) لم تقوموا بخطوات فعلية.. ولم يبن لكم أثر؟
– (مؤتمر أم دوم) أسس لقيادات جديدة، وعمل مكتب سياسي لا زال قائماً وهو مقسم إلى أمانات متعددة، والآن تجتمع بصورة دورية، ولهم ورشة سوف تعقد في الأيام المقبلة لإجازة لائحة تنظيم عمل الحزب، والآن وجهنا بتكوين المكتب السياسي الثاني والانطلاقة نحو إدارة الحزب ومتابعة قيام المؤتمر العام.
* من أين تستمدون شرعيتكم؟
– أولاً نحن نستمد شرعيتنا من دستور الحزب الذي يرفض النظام الشمولي، والذي يقول إن المؤسسات الحالية تمثل شرعيات غير موجودة في الحزب، وما تم في (أم دوم) ممثلاً من جميع ولايات السودان، ولم نختر شخصاً وإنما جاء هؤلاء بتفويض من ولاياتهم، وجاءوا يمثلون جماهير الحزب (الاتحادي) من كل ولايات السودان، ولو سألتني عن الذين جاءوا فلن أعرف أسماءهم، فهم أتوا من “كردفان” و”الشمالية” و”دارفور” وكل أنحاء البلاد، وأرسلوا مناديبهم من القطاعات المختلفة.
* هل لديكم سند جماهيري؟
– (مؤتمر أم دوم) جاء ممثلاً لكل ولايات السودان التي أرسلت مناديبها، وبعد ذلك عقدت كثير من المؤتمرات بدارفور وغير دارفور تمهيداً لمؤتمر العام.
* ولكن بالمقابل هناك قيادات مؤثرة ولديها ثقل جماهيري موجودة تشارك الحكومة الآن.. ولديها القدرة على الحشد أيضاً؟
– الموجودون في القصر الآن ضد تاريخ الحزب، وضد الرغبة الوطنية، وإذا كانت للإنقاذ شرعية فإن منسوبينا الموجودين معها الآن لديهم ذات الشرعية، المشاركون في السلطة ينتحلون اسم (الاتحادي الديمقراطي).. وأقول بملء فمي أن الحزب (الاتحادي الديمقراطي) لم يشارك في الحكومة حتى الآن.. ومن شارك فقد خرج من الحزب، لأن (الاتحادي) كان وسيظل محتفظاً بخطه النضالي بوجوده في صفوف المعارضة السودانية.
* ولكن الأجهزة الرسمية لم تعترف بوجودكم؟
– نحن لا نحتاج ولا نسعى إلى اعتراف مؤسسات الدولة، ونحن أساساً نستمد شرعيتنا من جماهير الحزب (الاتحادي) ولا نسعى لاعتراف من أحد.. اعترافنا بدستورنا وموقفنا وجماهيرنا، ولا نأخذ صك اعتراف من المؤتمر الوطني، أو من السلطة، ونحن لسنا مع السلطة ونرى أنها سلطة غير شرعية.
* بصراحة هل تعتقد أن جماهير الحزب تؤيد انقلابكم على “الميرغني” الرئيس الشرعي؟
– أي شرعية هذه؟…. دستور الحزب يقول إن الرئيس هو الذي انتخب في مؤتمر عام للحزب.. والذي يمارس عمله لم ينتخب في مؤتمر المرجعيات واستمر رئيساً بحكم رعايته للحزب، والمؤتمر لم ينتخبه، وإنما انتخب دون ذلك، وتجاوزنا هذه النقطة والمؤتمر أجاز دستوراً حدد أهداف الحزب في المادة (3) التي تنص أن على كل أعضاء الحزب مقاومة ومعارضة أي نظام شمولي، ومقاومته بكل تصميم حتى الدستور القادم، وعندما تأتي قيادة الحزب ولا تكتفي بعدم المعارضة، بل تصبح جزءاً من النظام الشمولي، من أين إذاً تستمد شرعية بقائها؟ وهذه أسئلة لا تحتاج إلى نص دستوري، وتكون بالتالي تلقائياً خرجت عن الحزب.
* متى قررتم قيام المؤتمر العام؟
– بمجرد اجتماع المكتب السياسي الثاني سوف يتحدد المؤتمر القادم، والذي سوف يقرر أيضاً خط السير السياسي للحزب.
* هل سوف تترشح لرئاسة الحزب؟
– أساساً لا أعتقد أن الحزب سوف يرشح الذين يناضلون عمراً طويلاً من الزمن وسوف نفتح الباب للشباب، ولكن المهم هو الانضباط التنظيمي، وسوف يقود هذا الحزب جيلاً جديداً.
* وجدتم معارضة شرسة من داخل الحزب؟
– نحن نجد معارضة شرسة.. وهؤلاء لا نعتبرهم حزباً في (الاتحادي الديمقراطي)، وهناك عناصر معينة من الذين يشاركون في السلطة.. وهذا الخلاف إن كان مبدئياً لقبلناه، ولكنه حول نسبة (الكعكة) من الذين سافروا إلى “لندن”.. والخلاف ليس حول المشاركة في السلطة، وإنما لإصرار الأب على ابنه، ويريدون أن يستنصروا بالأب على الابن.. ونحن لا نريد أن نعمق خلافاً بين أب وابنه.. ما يهمنا هو (الاتحادي الديمقراطي)، ولا نريد أن ندخل في خلافات أسرية.. وكل واحد (زعلان) من “الحسن الميرغني”، فإن خلافه معه يحل خارج العمل السياسي.
* إذن أنت ترفض توريث القيادة؟
– نرفض التوريث ونحن في الجبهة الوطنية العريضة أعددنا نظاماً للأحزاب، ومن ضمنها إلغاء فكرة الوراثة.. وقلنا حتى رئاسة الحزب ينبغي ألا تكون لأكثر من مدتين، والمدة لا تزيد عن أربع سنوات.
* هل لديك آراء في تكوين الأحزاب السياسية السودانية؟
– الجانب الطائفي أثر على تنظيم الأحزاب في السودان.. رئيس الطائفة يكون هو نفسه رئيس الحزب.. حتى الأحزاب اليسارية نفسها.. وبهذه الطريقة لا يمكن تداول القيادة.
* هل نعتبر أن ما تقوله يعتبر ثورة ضد الطائفية؟
– نحن أساساً لسنا ضد الطائفية، ولكننا نتحدث عن حزب سياسي حقيقي ينبغي أن لا يقوم على أساس ديني أو طائفي.. والنظام الديمقراطي لكي يتجذر يجب أن تكون الأحزاب ديمقراطية.. وإذا كان غير ذلك ما الذي يمنع قيام الانقلابات.. نريد أن نبني أحزاباً سياسية سودانية قائمة على الديمقراطية.. ولن يتم ذلك إذا قامت الأحزاب على الطائفة.. ونحن في الجبهة الوطنية العريضة عملنا قانوناً للأحزاب لنجتث الفساد حتى لا تسيطر الأحزاب التي تلطخت أياديها بالدماء.. ويجب أن تكون القيادات بعيدة عن الطائفية، ليكون أساس النواة قيام نهج ديمقراطي.
* وهل تعتقد أن غالبية أحزابنا تعاني من هذه المعضلة؟
– الأحزاب السياسية السودانية كانت عاجزة على الدوام عن الالتصاق بجماهيرها ومحاربة الأنظمة الشمولية.. فهناك رئيس من سنة 60 وكل القيادات لا يمنعها من الرئاسة إلا الموت.. و”عزرائيل” هو الوحيد الذي يخلص الأحزاب السودانية من قياداتها.. لذا لابد أن يكون هناك تداول للقيادات.. ويجب أن يكون لأي حزب نظام محدد للتداول.. لا يعني أن يترك الحزب الرئيس السابق تماماً.. فقد يكون مستشاراً للحزب وأعتقد أن جميع الأحزاب السودانية تعاني من هذه المصيبة.. عشان كدا الأحزاب السودانية غير متفاعلة مع قضايا جماهيرها.. وأين قيادات الأحزاب الآن التي تمثل جماهيرها؟
* هل تعني أنها تعيش منفصلة تماماً عن جماهيرها؟
– نعم.. وتعمل على مراعاة مصالحها الخاصة.. مثلاً الحزب (الاتحادي الديمقراطي) قاتل الأنظمة الشمولية ورفض الاستعمار.. كيف له أن يكون جزءاً من النظام القائم؟ وإذا كان الحزب ملتصقاً بجماهيره ويعبر عن نبض الشارع السوداني كان سيقاتل هذه الأنظمة.
* هل ما يحدث داخل الحزب (الاتحادي) يعتبر انشقاقاً؟
– الحزب ليس به انشقاق.. وهو حزب قائم على أساس وطني وديمقراطي.. وهذه مرحلة تسمى تمايز للصفوف.. وتمايز الصفوف مطلوب تماماً في الأنظمة الشمولية.
* أنتم ترون أنكم في المكان الصحيح وغيركم يرى أنه في المكان الصحيح؟
– نحن لا نقول صحيحاً أو غير صحيح.. نحن مع الخط الديمقراطي ومع الحريات. ومن يرى أن هذا الطرح خاطئاً فليقل أنه لا يريد الديمقراطية.. والسؤال هو أين نقف نحن الآن؟ هل مع الحريات وحقوق الإنسان والنهج الثوري الذي يعبر عن الإرادة الحقيقية لجماهير الحزب..؟ أنا لا أقول أنا مع الحق أو مع الباطل.. ومن كان يرى أن الديكتاتورية هي النهج الصحيح فيبين للشعب السوداني ذلك.. السؤال ليس عن (الصاح) أو الخطأ.
* هل تعتقد أنه من الممكن أن تتوحد الفصائل الاتحادية المتناحرة؟
– الفصائل المتعددة كلها رفعت راية الحرية ومحاربة الشمولية.. وخرجت من الأصل بهذا الإدعاء.. وإذا كانت الحركة الاتحادية تتجمع على الحرية وحق الجماهير في اختيار قياداتها فسوف يتوحدون.. أما غير ذلك فإنهم لن يتوحدوا.. أنا على ثقة أنهم سيتوحدون.. ومن يوحدهم ليس شخصاً وإنما الطرح السليم.. وما تم في (أم دوم) يمكن أن يكون أساساً لوحدة الاتحاديين.. أنا في هذه السن المتأخرة من عمري سوف أعمل على توحيد الاتحاديين وتوحيد السودانيين كلهم.
* هل أنت متفاءل؟
– نعم متفاءل لتوحيد الشعب السوداني كله، بالقيام بانتفاضة تقوم على أهداف الحرية، وأنا أرى بعيني تغييراً كبيراً سوف يحدث في الساحة الاتحادية والسودانية.