"هبة محمود فريد" وزير الدولة بوزارة التنمية البشرية سابقاً لـ(المجهر)
(7) شهور مضت منذ أن غادرت ركب التمويل الأصغر- بنك السودان لتلتحق بوزارة تنمية الموارد البشرية، وتواصل عطاؤها ناشطة في مجال دعم الشرائح الفقيرة، ثم ما لبثت أن هبت عاصفة الإصلاحات الأخيرة، وتدخلت المشارط لإزالة الترهلات، فكانت “هبة محمود” ضمن الهيكلة التي تمخضت عن الحكومة الرشيقة، لكنها رفضت بصورة غامضة مبهمة الانخراط في الحكومة وأداء القسم، مخلفة سيلاً من التساؤلات عن الأسباب الحقيقة لتركها الأضواء والاكتفاء بخدمة الوطن من خلال العمل كمستشار عام ومتطوعة في مجال التمويل الأصغر.. (المجهر) تلتقيها لتقلب في دفاتر أفكارها عن هموم الفقراء وآفاق التمويل الأصغر.
{ لماذا رفضت “هبة” الانخراط في الحكومة.. وهل صحيح ما أثير عن خلافات حدثت في الوزارة السابقة؟
هذه ليست المرة الأولى التي أرفض فيها وزارة، فقد سبق أن رفضتها عام 2006م، وحالياً أمر بظروف خاصة منعتني من العمل بالدولة، ولكني سأواصل متطوعة في مجال التمويل الأصغر والاستشارات الفنية لاهتمامي بهذا القطاع، وأنفي أي خلافات مع وزارة تنمية الموارد البشرية، بل على العكس علاقتنا كانت علاقة تعاون.
{ ما رأيك في الحديث الذي أثير بوسائل الإعلام عن تبرئتك من الفساد؟
القضية ليست كما أثيرت في وسائل الإعلام، بل هو استحقاق نهاية الخدمة، تم التصديق له بواسطة لجنة ضمت وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي في العام 2009م ومجلس الوزراء، وختم لدي ديوان المراجع العام تبين المبلغ المستحق وامتنع عن الخوض في التفاصيل.
{ ما رأيكم في ما أثير أمس بصحفية (الوطن) عن التورط في صرف مبالغ من أموال الصندوق القومي لتشغيل الخريجين؟
– في وجهة نظري هو تقرير مؤسسات عدلية، والتقرير ما زال في إطار الدراسة والمناقشة، وأنا استغرب تسرب هذا التقرير للصحافة قبل الفصل فيه، وأحمل المؤسسة المسؤولية كاملة لحين البث في التقرير.
{ خمسة أعوام ونصف العام هي عمر إستراتيجية التمويل الأصغر وما زالت نسبة الفقر حسب آخر إحصائية (46%).. ما رأيك كناشطة في مجال التمويل؟
– التمويل إستراتيجية تستهدف الفقراء الناشطين اقتصاديا، وهي مشاريع مساهمة في الدخل الاجتماعي، وبالتالي أعدّها وجهين لعملة واحدة تتحقق معها الاستدامة الاقتصادية، وهم في وجهة نظري أهم من السداد، وعدد الناشطين اقتصادياً حسب آخر إحصائية قبل (7) أشهر (500) ألف عميل، تدرج معظمهم من التمويل الأصغر إلى مشاريع أكبر.
{ دور القطاع المصرفي في إنجاح تجربة التمويل الأصغر في السودان؟
ساهم مساهمة إيجابية، لا سيما البنك المركزي، الذي كان رائداً في صياغة إستراتيجية التمويل الأصغر، والمصارف بدأت صيغ التمويل بـ(6%) وتطور إلى (12%) ووُفِر تمويل كبير. كما أن هنالك مصارف لها نوافذ مخصصة لتقديم خدمات التمويل المباشر، منها (11) مؤسسة مالية.
{ المبلغ الكلي المرصود لمشروعات التمويل الأصغر بالسودان حوالي (3) تريليون جنيه.. ما هو المستخدم حالياً والمشاريع المنفذة منه؟
– أعتقد أن النسبة متفاوتة، وأتوقع نقصانها في الظروف الاقتصادية الراهنة. والنسبة حتى نهاية العام 2011م فاقت (15%) من (4,3%)، بجانب محفظة الأمان التي تقدر بـ(54%) من رأس المال الدائر عبر مؤسسات التمويل المختلفة مشاركة أو مضاربة، وكانت سياستنا قد اختصت بالتركيز البنوك التي استنفدت السقف المحدد لها. والملاحظ أن هنالك عرضاً عالياً وطلباً عالياً، وإذا لم نوفق بينهما لن نستطيع معالجة المشكلة.
{ مقاطعة.. كيف تتم الموافقة بين العرض والطلب؟
– حددنا الأولويات، وهي تشريعات مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى معالجة المشروعات وتحديد المساحة المتاحة لها بجانب الضمانات.
{ مقاطعة.. شكا البعض من شروط تعجيزية وصعبة لإيفاء الضمان؟
– لا أعتقد ذلك، إذ تم وضع دراسة لـ(13) نوعاً من الضمانات وهي تقليدية، كضمان الطرف الثالث، ضمان المجموعة، ضمان إقرار الذمة المشفوع باليمين، ضمان الإدارات الأهلية وضمان المنقولات، وهي عدم تمليك الشخص المشروع ما لم يوف السداد، وقد نُفذ ضمان المجموعات بوثيقة تم تنفيذها بتوقيع (11) شركة تأمين بالسودان، لتغطي التأمين على المحصول والقروض، وضمان التمويل، وطُبقت العام الماضي على (150) مزارعاً في (7) ولايات بالسودان.
{ شكا البعض من انعدام فرص التمويل الأصغر وقالوا إنه لا يذهب للشرائح الضعيفة بجانب المماطلة في الإجراءات؟
– هنالك فرق بين توفير القرض وبطء الإجراءات. هنالك فرص لم يتم استغلالها ورأس مال محفظة الأمان المقرر تدويرها (3) مرات في العام لم تُستغل سوى مرة في العام. وأعيب على بعض موظفي البنوك المماطلة، لكن هذا لا يعني أنها سياسة البنك.
وأيضاً هنالك مشكلة عدم وجود الرابط أو ضابط الائتمان بالبنك، وأُعدت دراسة لمحاولة ربط ضابط ائتمان ووجود موظف دائم بالبنك.
{ البعض يتهم موظفي البنوك بأخذ الرشاوى لتسهيل الإجراءات؟
– صحيح، ويحزنني هذا. وقد رصدنا شكاوى بهذا الشأن لكن نسبتها ضئيلة في العام 2011م، وأرى أن الموظف يمثل نفسه وليس البنك.
{ هل صحيح أن مشروع محفظة تمويل الخريجين إعلامي فقط؟
– ليس إعلامياً، وحالياً يوجد حوالي (46) مليوناً كرأس مال عن (150) مليوناً هي مساهمة البنوك، أي رأس المال موجود والموارد متاحة، لكني ألوم الخريجين، لأن المشاريع المقدمة هامشية ولا ترتقي إلى المستوى المطلوب، والخريج الذي يقدم دراسة جدوى جيدة سواء فرداً أو مجموعة يحصل على قرض وعلى ضمانتي.
{ كم بلغت نسبة التعثر في السودان بنهاية العام 2011م.. وهل صحيح أن مصير البعض هو السجن لعدم السداد؟
– نسبة التعثر ضئيلة، ولكنها في اعتقادي مؤشر مخيف. نسبة الاسترداد فاقت (84-86%) وبالتالي العجز الكلي للعام السابق كان (14%) إلى (16%)، وهذه نسبة يمكن معالجتها.
{ تحديات التمويل وآفاق ومستقبل التمويل بالسودان؟
– أعتقد أن عمل إستراتيجية للفترة القادمة هو أهم تحدٍ، لأن من السوء العمل دون مخطط، وآخر إستراتيجية انتهت العام الماضي، وكذلك محاولة إيجاد مساحة للخرط الاستثمارية بالولايات، وتقديم المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، وأخيراً إدماج مؤشرات التمويل الأصغر على مستوى المؤسسات والوزارات.