رأي

النشوف اخرتا

الحفلات والحافلات
سعد الدين ابراهيم
ذهبت إلى حفل زواج حفيدتي الإعلامية الجميلة “نبراس عبدالهادي”، التهاني لها ولزوجها فارس البسابير المغوار.. حضرت وصوت المغني يلوح عبر مكبر الصوت، فسألت من الفنان.. قالوا: “منتصر هلالية”.. ففرحت هي فرصة لاستمع إلى تجربة فنان شاب أثنى عليه النقاد الشباب ثناءً عاطراً.. ودّوخ الناس بعزمه التغني ببعض أغنيات الراحل المقيم “مصطفى سيد أحمد”، حيث وجدت فكرته قبولاً هنا ورفضاً أكبر هناك.. حاولت أن أحدد هوية الصوت.. ونوع الغناء.. موسيقى صاخبة وكلمات غير واضحة بالنسبة لي.. اقتربت أكثر وقفت ضمن الواقفين.. عن يساري وجدت الفنان الجميل “محمد حسن حاج الخضر”.. وعن يميني الإعلامي اللطيف “ياسر أبو شمال”.. فسألتهما هل يقول الفنان كلمة (الجلابية) اندهشوا! أوضح لي “محمد حسن” أنها أغنية للحافلات أو البصات.. وأضاف يا أستاذ هذا غناء الحفلات له خصوصية.. أكد ذلك “أبو شمال” أنه غناء الحفلات، إذن هنالك غناء خاص بالحفلات فقط.. وله تفاصيله الخاصة لا يهتم بالمضمون.. بل المحبب تلك المضامين البسيطة.. إذن هنالك غناء خاص اسمه غناء الحفلات يتسم بالبساطة والموسيقى الصاخبة وهدفه أن يرقص الناس على إيقاعه.. هي حقيقة أكدها لي ما قرأته في تصريح الفنان “عاصم البنا” مبرراً عدم التفاته للحفلات الجماهيرية وإحياء حفلات على غرار رفاقه، فقال إن أغنياته أغنيات حفلات.. وليست أغنيات سماع جماهيري أو كما قال.. عموماً أعتقد أن رواد الحفلات هم جماهير أيضاً ما الذي جعلهم يهتمون بهذه الأغاني أن لم يكونوا قد سمعوها إذن، فالمغنى هو الذي خلق جماهير حفلات.
آخر حفل عرس حضرته قبل هذا كان يحيه الفنان الكبير “أبوعركي البخيت”.. غنى ذات أغنياته التي يغنيها في الحفلات الجماهيرية ورقص الناس وبشروا.. لم يضطر إلى خلق أغنيات بسيطة الكلمات ضاجة بالموسيقى.. ولم يقل أحد أن “عركي” ليس فنان حفلات.. طبعاً “منتصر هلالية” لم يتجرأ ويغنى لـ”مصطفى سيد أحمد”.. ولكن هب أنه غنى أما كان رواد الحفل سيستمتعون ويطربون.. هذه ظاهرة انتبهت إليها اسمها (غُنا الحفلات) هشة البناء فطيرة الكلمات بلا أي مضمون.. كيف؟ وينبغي أن ينهض الفنان بذوق الناس في مثل هذه الحفلات.. لا أن يهبط إلى الاستماع بالأرجل.. غالباً لا يتضح صوت الفنان ومخارج حروف الأغنية لا يعرفه إلا الذين يحفظونها أما مثلي فاحتاج إلى مترجم.. لا أنكر كان الحفل لطيفاً ورقص الناس وابتهجوا… لكنهم خرجوا وقد نسوا ما كان من صخب.. هذه ازدواجية وجديدة.. كبار الفنانين كلهم كانوا يغنون في حفلات الأفراح منذ أن كان اسم الحفلة (اللعبة) وبعضهم ما زال يغني “شرحبيل أحمد” مثلاً مرغوب في الحفلات، لكنه يغني أغنياته  ويطرب لها الناس وبالمناسبة لم يغن “منتصر هلالية” أغنية تخصه ربما واحدة أو اثنتين ضمن عشرات الأغنيات التي لا تخصه.. هذه ظاهرة تستحق البحث عن الفصام الكبير أغاني الحفلات وأغاني الجماهير لماذا يهبطون بالذوق في الحفلات حتى لو كان الجمهور عايز كده!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية