تقارير

صراع التكتلات في الاتحاد الأفريقي : "بينغ" و"زوما"… من يكسب الرهان؟!

يعتبر انتخاب رئيس لمفوضية الاتحاد الأفريقي من أكثر الموضوعات الشائكة المطروحة على جدول أعمال القمة الأفريقية الـ(19) المنعقدة بالعاصمة الأثيوبية, أديس أبابا,  اليوم وغداً، وذلك بعد أن أخفقت القمة السابقة في يناير الماضي في انتخاب رئيس للمفوضية؛ بسبب المنافسة المتقاربة في جولات التصويت الأربع بين مرشح الجابون لشغل المنصب لفترة ثانية “جان بينغ”، والذي ويحمل  درجة دكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون وبين مرشحة جنوب أفريقيا الزوجة السابقة لرئيس جنوب أفريقيا ووزيرة الداخلية الحالية “نكوسازانا داليميني زوما.”
وبشأن موقف السودان من دعم أحد المرشحين, أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية, السفير “العبيد مروّح”, لـ(المجهر) أمس أنه ليس من مصلحة السودان تحديد موقفة من أي المرشحين, منوهاً إلى أن عملية الاقتراع تتم بصورة سرية.
من جانبها، اتهمت رابطة تنمية دول إفريقيا الجنوبية (ساداك)، والتي تدعم مرشحة جنوب افريقيا “بينغ”، أول أمس (الجمعة)، باستغلال موارد الاتحاد الأفريقي في سباقة للجلوس مرة أخرى على منصبه. وقد صرّح وزير خارجية بوتسوانا “فاندو سكيليماني” – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية – في بيان، أن (سادك) أصابها القلق جراء استخدام بينغ لموقع الاتحاد الأفريقي في الرد على وسائل الإعلام الجنوب افريقية، والتي تكهنت أن الرئيس الحالي على وشك الانسحاب من السباق, منوهاً إلى أن الحملات لسباق الوظيفة التنفيذية ينبغي أن تموّل من الموارد الشخصية. وأضاف “سكيليماني” أن استخدام “بينغ” لقنوات الاتحاد الأفريقي الرسمي لنشر تصريحاته، يجعل منها بيانات رسمية للاتحاد الأفريقي, مطالباً إياه بالاعتذار.
من جانبه نفى “بينغ” ( ولد في 24 نوفمبر 1942 في أقليم اوغوي، وينحدر من أب صيني تاجر جاء للجابون في الثلاثينيات وتزوج من ابنة زعيم قبلي محلي)،  نفى تقريراً نشرته صحيفة صنداي تايمز يشير إلى انسحابه من السباق وإفساح الطريق لـ”زوما” دون معارضة, واصفاً التقرير بأنه (مغالطة وافتراء صريح).
وانتخب “بينغ” رئيساً لمفوضية الاتحاد الافريقي في قمة  أديس أبابا في الأول من  فبراير 2008م. وكان المرشح الأوفر حظاً، وحظي بدعم بلدان وسط وغرب، وشرق أفريقيا. وقد عارضت دول  الجنوب الأفريقي “جان بينغ”، ولكنه حقق انتصاراً على مرشح سيراليون “عثمان عبد الله كونتيه” ومرشح زامبيا “إنونغي مبيكوسيتا يوانيكا” بحصوله على (31) من أصل 46 صوتاً.
وأضاف “بينغ”, الذي يصف نفسه أنه ورث التدبير والصدق من والده, في بيان أصدره بأديس أبابا أنه يحظى بدعم بلاده الجابون، ومعظم الدول الأفريقية، ولا صحة – مطلقاً – لما وصفة بـ(الأخبار الزائفة)، التي تروجها بعض وسائل الإعلام، مشيراً إلى أنه شعر بغضب شديد إزاء مثل هذه (المغالطات والتلفيق الصريح التي تروجها بعض وسائل الإعلام في جنوب أفريقيا(. وأكد عزمه مواصلة هذا السباق حتى النهاية، معبراً عن أمله في كسب المزيد من ثقة زعماء القارة لاختياره خلال اجتماع القمة الأفريقي.
وتؤيد الكتلة الفرنكوفونية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) ومجموعة شرق أفريقيا ترشح  “بينغ”.
وقد استقبل وزير الخارجية المصري “محمد كامل عمرو”، يوم  الأربعاء الماضي، وفداً من منظمة (سادك)، يضم وزيري الأمن الداخلي والعدل بجنوب أفريقيا، يهدف للدفع لترشيح السيدة “زوما”، والتي ولدت في 27 يناير 1949 ومارست السياسة كناشطة في مناهضة الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وتقلدت “زوما” منصب وزير الصحة من العام 1994 إلى 1999، في عهد الرئيس “نيلسون مانديلا”، ثم وزيرة للشؤون الخارجية في الفترة من 1999 إلى 2009 تحت رئاسة “ثابو مبيكي”. وقد انتقلت إلى منصب وزير الشؤون الداخلية في عهد الرئيس الحالي  “جاكوب زوما” في مايو 2009.
وولدت “زوما” في إقليم ناتال، وحصلت على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة زولولاند وفي وقت لاحق بدأت دراستها الطبية في جامعة ناتال.
 وصرح المتحدث باسم الخارجية المصرية “عمرو رشدي” أن الوفد عرض مؤهلات المرشحة الجنوب أفريقية وخبرتها في العمل الأفريقي، كما أكد دعم دول السادك للترشيح, مؤكداً أن مصر ستدرس الطلب بعناية على ضوء الأهمية الكبيرة للمنصب والدور المحوري الذي يقوم به رئيس المفوضية في دعم التعاون والعمل المشترك بين دول القارة، الأمر الذي تولية مصر أهمية بالغة.
وقد أكدت “زوما” أن تغيير قيادة الاتحاد الأفريقي يمكن أن يخلق فرصة لجعل الاتحاد أكثر كفاءة وفعالية, متعهدة أنها سوف تقدم خدماتها قدر ما تستطيع. وقالت “زوما” في مؤتمر رجال الأعمال في مدينة “ساندتون” يوم الجمعة أنه لن يكون من الصعب توحيد الاتحاد على الرغم من الخلافات بين الدول  الناطقة باللغة الإنكليزية والناطقة بالفرنسية، و(يمكن تنفيذ البرامج التي تم الاتفاق عليها من قبل الجميع، لذلك لن تكون حاجة للتشاور مع الدول  الناطقة بالإنكليزية والفرنكوفونية, وسيتم اتخاذ القرارات  بشكل جماعي وتنفيذ ذلك دون خوف أو محاباة).
وشدّدت الرئاسة في جنوب أفريقيا، في بيان لها، أمس، أن المرشحة “زوما” تملك المهارات المطلوبة والكفاءة اللازمة لقيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي، مشيرة إلى أنه ينبغي الإفساح لمرشحة (سادك) لقيادة المفوضية. وذّكر البيان الاتحاد الأفريقي أنه اعتمد سياسة بشأن المساواة بين الجنسين, منوهاً أن المرأة لم يسبق لها أن احتلت هذا المنصب.
وقد اجتمع وزراء من دول (سادك)  في عاصمة جنوب افريقيا بريتوريا بداية الشهر الحالي من أجل الخطوات التي يجب اتخاذها للدفع بـ”زوما” لرئاسة مفوضية الاتحاد. وقال  وزير العلاقات الدولية لجنوب إفريقيا “مايتي” في مفتتح  الاجتماع إن مجموعة (سادك) تختار بالإجماع امرأة لقيادة الاتحاد الأفريقي, مؤكداً أنهم يسعون وراء هدف واحد، وهو توحيد القارة الأفريقية، وتقديم حلول افريقية للمشاكل الأفريقية.
وتجادل جنوب أفريقيا أن الرؤساء الثلاثة في مفوضية الاتحاد الأفريقي، هم من البلدان الناطقة بالفرنسية, وبالتالي، تطالب بإعطاء الفرصة للدول الناطقة بالانكليزية لقيادة المفوضية، وتحتاج جنوب أفريقيا إلى دعم الدول الافريقية الفرنكوفونية بصورة كبيرة للفوز في الانتخابات لأنها تشكل 25 من 54 دولة عضواً. ولكن البلدان الفرنكوفونية، وبخاصة مجموعة “إكواس”  والتي تدعم بقوة ترشيح “جان بينغ” من منطقة أفريقيا الوسطى, والتي من بينهما نيجيريا، والتي تعتبر من أقوى المؤيدين لـ”بينغ”. وكذلك تتخوف نيجيريا من رغبة جنوب افريقيا في تعزيز قوتها ونفوذها في القارة من خلال موقعها في مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وهناك إدعاءات من قبل أنصار “بينغ”, بما في ذلك كينيا ونيجيريا, تشير أن جنوب افريقيا بترشيحها “زوما” تكون قد انتهكت “قاعدة غير مكتوبة”، والتي تنص على أن أيّ من الدول الكبرى الخمس الأعضاء (من حيث مساهمتها في ميزانية الاتحاد الافريقي وهي الجزائر، مصر، ليبيا، نيجيريا وجنوب أفريقيا) لاينبغي لها خوض إنتخابات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. وتجادل جنوب أفريقيا أنها لم تكن عضواً في المنظمة عندما وضعت هذه (القواعد غير المكتوبة”).
وتعارض بعض الدول أهداف السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا. وتقول إنها كانت غير واضحة وغير متناسقة، وتعارض في بعض الأحيان وجهات نظر الدول الأفريقية الأخرى، خاصة في عهد الرئيس “جاكوب زوما”. كما يرى البعض أن جنوب افريقيا تتصرف كقوة قارية، وهذا من شأنه أن يهدد استمرار وجود المفوضية التي يديرها القادة المنتخبون من الدول الصغيرة من أجل غرس الشعور بالانتماء للقارة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية