رأي

دعوة لاجتثاث اللغة الجارحة في الصحف الرياضية!!

بقلم – عادل عبده
الصحافة الرياضية تواجه الآن طوفاناً مخيفاً يتمثل في ازدياد وتيرة اللغة الجارحة والشتائم الحارقة التي صارت لوحة ثابتة تعكس المعارك الجوفاء في مجتمع الكرة، وقد نظلم الصحافة الرياضية إذا قلنا إن مساحة الأقلام المتفلتة أكبر من الأقلام الرزينة التي تستخدم اللفظ السليم والنقد البناء في سياق دورها المهني في مجال الرياضة، غير أن انعكاسات الأقلام التي تجنح للإسفاف والبذاءات تثير غباراً كثيفاً وضجيجاً واسعاً يغطي على الصورة الجميلة التي تخرج من ميكانيزم تلك الأقلام الرياضية الرفيعة.
في الصورة المقطعية نجد أن أصحاب العبارات السيئة في الصحافة الرياضية لا يحاربون من أجل قضية مركزية، ولا يقدمون حلولاً مواكبة لقضية المجتمع الرياضي في السودان، بل حروبهم عشوائية بلا هدف جوهري، وأسلوبهم مبني على الفظاظة والابتزاز والدعاية المغشوشة، وقد تمدد هؤلاء على نغمة الخوف من قلمهم المسموم وتجنب التعارك معهم في حين أن (علم النفس) يؤكد أن (الشتام) يطلق عباراته القبيحة التي تشكل عيوبه الحقيقية الموجودة في دواخله إلى من أكرم منهم، وهذا ما يسمى (بالإسقاطات).. والبذاءات تخرج من نفس جبانة لا تحتمل المنازلة، تحاول إظهار الصمود في الإطار الخارجي لكنها تصاب بالهستريا في المرايا الداخلية.
دعوتنا لاجتثاث الأقلام الجارحة في المجتمع الرياضي تنطلق من قناعات راسخة ورؤى عميقة تهدف إلى حمايته من بلايا ومصائب هؤلاء (الشتامين) الخارجين على أدبيات المجتمع السوداني، وتضع دعوتنا مهاماً كبيرة على الدولة ممثلة في وزارة الإعلام والمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، فضلاً عن اتحاد الصحفيين بالاضطلاع بمسؤوليتهم التاريخية في دعم هذه الصيغة الأخلاقية الوطنية حتى يتسنى تلافي الكوارث والانزلاق السحيق الذي قد يصيب المجتمع الرياضي خلال المستقبل، إذا لم يتم تطبيق الكوابح اللازمة والإجراءات العملية الصارمة بإيقاف تمدد تلك الأقلام البذيئة.
لم تفت علينا مخاطبة الأقلام المسؤولة التي تمثل الغالبية في الصحافة الرياضية بضرورة إسداء النصح ودلق الكلمات الطيبة على زملائهم أصحاب العبارات السيئة، من أجل الرجوع إلى جادة الطريق والتوجه إلى الخط السليم، لكن إدراكنا التام بأن مثل هذه النصائح ستقع على العتمور جعلنا نراهن على الحلول التي تصم الآذان.
في الأسبوع المنصرم كنت في ضيافة عائلة كريمة، حيث وقعت في يدي صحيفة رياضية عندما طالعت ما بداخلها هالني مستوى البذاءات المؤلمة والكلمات النابية ولغة (أم دفسو)، والتهديدات الفارغة التي وردت من قلمين صوب شخصية مرموقة في المجتمع، وقد كنت على قناعة بأن تفاوت المسافة بين النسور والضفادع لا يسمح للرجل المرموق بالرد على هؤلاء، وقد توجهت بالسؤال إلى صحفي رياضي كبير كان بجانبي مشهود له بالكفاءة المهنية والعفة الأخلاقية (عن هذا الذي طالعته) فأجابني بكل برود: (هذا غيض من فيض) واستطرد ضاحكاً وهو يقول: (هنالك أفلام مرعبة أكثر من ذلك).
وأنا بدوري أسأل المسؤولين في الدولة.. لماذا السكوت عن هذا السلوك المشين في الصحف الرياضية؟ ولماذا يُترك هؤلاء الفاشلون يعربدون في فضاءات الرياضة بلا مساءلة؟.. ولماذا تكون المحاسبة والتدقيق السريع على الصحفي السياسي بينما يفسح الطريق لهؤلاء لضرب المجتمع بالمعول في أخلاقه وتسامحه وعفته؟ أليست الرياضة معبراً جوهرياً وقوياً على طريق السياسة والاقتصاد والمجتمع؟!
المقولة الناصحة بتجنب الأقلام الجارحة في الوسط الرياضي هي مقولة كاذبة وخداعة مبنية على وهم كبير.. لابد من تعرية هؤلاء ونزع ورقة التوت من أجسادهم!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية