رأي

النشوف اخرتا

مختلف المقاسات
سعد الدين ابراهيم
بينما كنت أتسكع مساءً في شارع كبير اعتلي الرصيف وامتطي بعض أفكاري.. باغتني قارئ عزيز بعد السلام بسؤالي:- طبعاً بتفكر في عمود بكرة.. قلت مجاملة: أيوة.. أمعن في طيبته الفضولية فسألني ح يكون عن شنو؟ قلت له على سبيل مزاح عدواني ربما.. سأكتب عن الأحذية حقيقة قلتها بالدارجة ولم أقل الأحذية.. فقال مثمناً الفكرة والله موضوع ح يكون شائق.. لم أكن أفكر بجدية ولما انصرف عني بلطفه المفعم بالإنسانية أخذت أفكر في أمر الأحذية وماذا أقول عنها.. هنالك مداخل تقليدية حذاء الطمبوري.. وحذاء سندريلا.. وحذاء بوش.. أنا لا أحب المداخل السهلة فلا مجال فيها للتفرد.. انصرفت عن الموضوع وربما نمت بخيرة الحذاء.. اليوم التالي وأنا في الحافلة تذكرت الموضوع وأخذت أتأمل أحذية الناس بعضها شديد البؤس.. بسيط ورخيص قد يكون أيضاً أنيقاً حسب قدم الشخص.. هذا كادح ينتعل شبشباً بلاستيكياً بيجي اللون.. قدمه متشققة في كعبه.. نظرت إلى وجهه رأيت بؤساً مشتركاً بينهما.. هذا يرتدي حذاء أسود اللون.. مغبر بعض الشيء.. يرتدي جورباً أخضر مع بنطال أزرق ألوان غير متناسقة نظرت إلى الوجه لا يخلو من غبرة.. تقاطيع مبهمة وخطوط حزينة.. تدل على أن الرجل صبور.. امرأة ترتدي شبشباً يتسق مع لون الثوب وحناء تقليدية مجرد لون أسود ليست عليها نقوش.. نظرت إلى وجهها مفعم بالأناقة الحزينة.. فيه شقاء عادي ربما هي أم حديثة تعاني من تربية الأبناء.. تصالحت معها.. فتاة ترتدي حذاء أسود.. هي طالبة فيما يبدو ترتدي بنطال واسع الأقدام لا تعرف ملامحه إلا إذا وقفت.. هي آنسة لأنها لو كانت متزوجة لكانت لبست شبشباً لتظهر الحناء.. شاب يرتدي حذاء رمادياً جميل الشكل هو على شكل شبشب فكعبه مفتوح نظرت إلى وجهه تسريحة شعره ووضعه للسماعة في أذنه جعلني أجد وجه شبه بينهما.. تنقلت بين الأحذية التي يرتديها كل الركاب معظمها أسود اللون لا يحمل أي تفاصيل.. تساءلت هل نعشق الحذاء الأسود فنرتديه بكثافة أم هو المتاح من البضائع؟.
رجل كبير في السن يرتدي الزي القومي مع عدم اقتناعي بقوميته.. جلباب أبيض.. عمامة ناصعة البياض.. ملفوفة بإتقان.. حليق الذقن شعيرات بيضاء تتخللها شعيرات سوداء أقل تكون شاربه المحفوف بعناية.. كان يجلس إلى النافذة لم أستطع تبين شكل حذائه.. كنت مولعاً بذلك.. تمنيت أن يهم بالنزول لكنه لم يفعل.. كنت أتاوق بشغف لألمح الحذاء.. تمنيت أن تكون محطتي بعد محطته لكن جاءت محطتي وأنا أهم بالنزول تعمدت المرور به.. نظرت إلى قدميه للأسف كان يدخلهما تحت الكنبة لا أدري لماذا.. سلمت عليه.. تحدثت معه عسى أن يخرج قدماه فأرى ما ينتعل.. قلت له: تشبه لي ود عم لينا كده.. لم يتفوه سوى بكلمة: أيوة.. أخرج أرجلك يا ثقيل لم يفعل هنا صاح السائق يا حاج ما تنزل ما وقفنا ليك ونزل الحاج مغبوناً لأنه لم يستطع معرفة حذاء الرجل.. ابتسمت إذ تذكرت مقولة أنثوية (على وزن ذكورية) لزميلة لنا كانت تقول: الفول زيت.. والمرأة عيون والرجل جزمة.. ليه كده؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية