أمين أمانة الصحة والتعليم بالمؤتمر الشعبي د. "أمين محمود" في حوار مع (المجهر)
عودة “علي الحاج” نهائية.. وسنمضي في تنفيذ “النظام الخالف” دون تعديل
كل ما اختاره الشيخ يصادف قناعاتنا.. وأفكاره وديعة في أعناقنا
إذا تراجع (الوطني) عن الحوار لن نخسر، لكن الوطن سيخسر والأمة ستصاب بالإحباط
حوار – يوسف بشير
في بواكير العام 1973م، كان الفتي الأسمر “أمين محمود”، يأمل في الانخراط بصفوف الحركة الإسلامية، وقد سمع عنها قبل ذلك، ووجد ضالته في ذات العام، بعد قبوله في مدرسة الفاشر الثانوية، ومنها شق طريقه بنجاح إلى جامعة الخرطوم، التي درس فيها الرياضيات والكيمياء، ،والتي تخرج منها في العام 1980، وكان أمل الخريجين آنذاك الهجرة، بيد أنه انصاع للتوجيهات التنظيمية الصادرة من الحركة بعدم الاغتراب، فتوجه إلى إقليم دارفور، وعمل أستاذاً. وبعد مجيء ثورة الإنقاذ عيّن محافظاً في عدد من المحليات ، من بينها “أم روابة”، و”باو”، كما صار عضواً في المجلس التشريعي لغرب دارفور. وعند المفاصلة الشهيرة انحاز الرجل لجناح المنشية، تاركاً السلطة. ومُنذ ذاك العهد ظل ملازماً للشيخ “الترابي” في الحزب، إلى أن انتُخب أميناً لأمانة الصحة والتعليم. التقته (المجهر) في سرادق العزاء في وفاة شيخ “حسن الترابي”، وكان لها معه هذا الحوار الخاطف..
{ كيف تنظرون لمستقبل الساحة السياسية بعد رحيل “الترابي”؟
_ الواقع السياسي يحتاج إلى تعاون القوى المختلفة ذات الأهداف المشتركة مع بعضها البعض، وهذه هي أزمة السودان، والشيخ كان دائم الجهد والتفكير في أن يتعاون الناس ويرتضوا العمل معنا، وهذه فكرته في جبهة الميثاق، والجبهة الإسلامية القومية، والنظام الخالف.
{ ما هو مصير “النظام الخالف” بعد رحيل مهندسه؟
_ كل أفكار الشيخ وديعة في أعناق الذين آمنوا بفكره ،والذين آزروه وبقوا معه وهم طائفة كبيرة، ولابد أن يعملوا على تنزيلها على أرض الواقع، وهذا هو التحدي الأعظم لنا.
{ هل ستمضون في تنفيذه دون تعديل؟
_ بالتأكيد، سنمضي فيه. وكل ما اختاره الشيخ يصادف قناعاتنا. وكان يناقش كل أمر ويطرحه ويعرضه على الناس ، ثم يصبح حقاً مشاعاً للكل، فمنهجه الشورى.
{ البعض يقول إن المؤتمر الشعبي يلتف حول رجل واحد وليس فكرة.. هل ستجدون من يسد مكانة؟
_ من الصعب أن نجد في الساحة الإسلامية مفكراً بقدراته، وهذا لا يعني أن ما كان يفكر فيه لن ينجز. هناك طريقة للإنجاز عبر التعاون وتجميع القدرات، ونحن الآن، إن استطعنا- وهذه غايتنا- سنحشد الطاقات الكثيرة، لنسد ما كان يعمل به الرجل الواحد.
{ ما مصير الحزب؟
_ سيكون موجوداً، فهو أمانة، وسنلتف حوله ، وسنكون أوفياء.
{ متى سينعقد مؤتمر شورى الحزب القادم لاختيار أمين عام جديد؟
_ حُدد مسبقاً أن يكون في (أبريل)، وما لم يحدث شيء يعوق عقده، فإن شاء الله سينعقد.
{ البعض يحصر خيارات الحزب في قياديين للتنافس على خلافته في القيادة، هما “السنوسي” و”علي الحاج”.. من برأيك الأقرب ليكون أميناً عاماً؟
_ هذا أمر سابق لأوانه، من يختاره مؤتمر الشورى هو قناعاتنا. وأول أمس ،عندما تمّ تكليف نائب الأمين السابق “إبراهيم السنوسي” ليكون أميناً عاماً مكلفاً، حسب نص النظام الأساسي، كان الأمر شبه اتفاق بين النواب الثلاثة، فتنازلوا طوعياً لـ”السنوسي” ،وذلك حتى لا يحدث انشقاق في القيادة داخل الحزب.
{ الشيخ كان يدعم الحوار الوطني.. فهل ستمضون في ذات النهج؟
_ نعم، الحزب سيمضي في هذا الطريق. وحتى الآن تمّ إنجاز الجزء الأول من الحوار، ولم يبق إلا تنفيذ مخرجاته.. وهذا يخص من هو في السلطة.
{ في الفترة الأخيرة ، شهدنا تقارباً بينكم والمؤتمر الوطني.. هل ستمضون في طريق توحيد الحركة الإسلامية ، بعد وفاة مؤسسها؟
_ هذه غاية، وتوحيد المسلمين كلهم غاية. ويجب أن يكون الاتفاق على مشروع إصلاحي، وإذا تمّ ذلك فنعم، فنحن مع الإصلاح، ومع وحدة المسلمين. والواقع السوداني الآن بأحزابه المتعددة، التي تناهز المائة، هذا ليس دليل معافاة، هو تعبير عن انشقاق داخل الوطن، فذلك لابد أن نعمل على توحيد كل أهل السودان، ونوطن أنفسنا لأمرين، أولهما: نعمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة، والآخر: على صفوتنا القبول، بأنه من الجائز أن يتولى القيادة من هو أقل قدرة، أيّ المفضول، والمفضول يمكن أن يترأس الفاضل، وهذا أدب يجب أن ينبعث في السودان، حتى لا نتطاحن حول كرسي واحد، لا يسع شخصين.
{ ألا تخشون تراجع المؤتمر الوطني عن الحوار؟
_ نحن دخلنا الحوار متوكلين على الله، وإذا تراجع عن الحوار، نحن كحزب لن نخسر شيئاً، لكن الوطن سيخسر.
{ كيف سيخسر؟
_ سيخسر بأن الأشواق التي وضعت للإصلاح، ستنكسر وستصاب الأمة بالإحباط.
{ هل يشكل رحيل “الترابي” نهاية للمشروع الحضاري؟
_ أبداً، لقد حمل الناس في أذهانهم فكرته، وهو مشروع ، والمشاريع لا تنتهي بموت رجل. ولا نقول شيخ “حسن” مات، فأفكاره باقية، وهو من المكثرين في الإنتاج الفكري، وميراثه يتعدى نطاق القطر.
{ أعني الجانب الثقافي والاجتماعي للمشروع ، خاصة، وأن لا أحد من منسوبيكم يستطيع تجديد فكر الشيخ وهو عندكم في أعلى القمة؟
_ أزمة العالم الإسلامي الآن، هي أزمة قدرة على التطبيق، وإذا لم نوجِد إرادة وقدرات لتطبيق الأفكار المنتجة، فإن مصيرها يكون مأزوماً.
{ هل سينتج الحزب رجلاً يضاهي الراحل فكراً؟
_ لم يكن هناك مفكر بمثل قامته، ولكن أقدار الله، قد تعطي الأمة مفكراً ، لو بعد حين ،في قامة الشيخ “الترابي”.
{ برأيك.. ما هي التقاطعات التي ستشهدها الساحة السياسية، حول الفكر الإسلامي والتجديد؟
_ أعظم هذه التحديات إدخال نزاعات طائفية في الأمة، وهذا يشكل تحدياً أساسياً، والتطرف الذي يظهر الآن. لذلك نحتاج إلى وعي إسلامي، ليلتف الناس حول القيم الأصيلة للدين الإسلامي.
{ إلى ماذا تعزو مكوث “الترابي” كثيراً في السجن؟
_ السجن نتيجة طبيعية لمن يناهض الاستبداد، وفكره مبني على تحرير الإنسان من طغيان الطغاة، وكان طبيعياً أن يصطدم مع هؤلاء، ويمضي أغلب وقته في السجن. وسنواته هناك لم تذهب هدراً، استطاع أن يخرج إنتاجاً فكرياً غزيراً وعميقاً.
{ هل زاملت الشيخ في السجن؟
_ نعم، دخلنا السجن في أحداث أم درمان، ولكن نحن قريبو الصلة به مُذ أن أصبحنا سياسيين في مواقع تنفيذية وتنظيمية.
{ برأيك.. هل سيستقر “علي الحاج” في السودان؟
_ إن شاء الله.
{ هل هي معلومة مؤكدة؟
_ نعم.