رأي

فوق رأي

على هيئة ملاك
هناء إبراهيم
 
التشويش النفسي هو أن ترى الأشياء (غير ما هي عليه) بعيداً عن حقيقتها.
وأن ترى قاتل في محل رفع ملاك.
حين ترى صور الممرضة جميلة الشكل بريئة الملاح “كرستيان غيلبرت” لن تصدق أن هذه الفتاة هي التي اشتهرت بلقب ملك الموت.
لا تستطيع أن تتخيل ملامحها وجريمتها في سطر واحد.
قالوا في إفاداتهم عنها: (هي شابة مرحة شابة تبدو مهنتها بألف خير والحياة تبتسم لها غير أنها عديمة الصبر).
لم تكن تحتمل أنين مرضاها الذين يتسببون لها في قلة النوم، لذا كانت تحقنهم بمادة مخدرة تؤدي إلى توقف نبضات قلوبهم ومفارقتهم الحياة فوراً دون أن يشك أحد.
ثم تنام ولا كأنو قتلت روح.
اشتهر عنبرها بكثرة المتوفين فيه وكان هذا الأمر موضوع مزاح بينها وزميلاتها وهن لا يعلمن أنها تتسبب في وفاتهم.
أما السبب الذي سيصدمكم كما صدمني فهو أن “كرستيان” كانت أحياناً تقتل مرضاها ليكون لها عذر في استدعاء خطيبها الذي يعمل في ثلاجة الموتى حتى يأتي لنقلهم فـتراه.
اتفرجتوا؟!
مستوعبين الحاصل؟
كيف لقلب قاتل أن يمارس الحب مع نقل ضحاياه؟!
حاجة غريبة..
تكملة الحكاية:
 ذات ليلة وأثناء إشرافها على أحد العنابر تلقت اتصالاً من خطيبها حيث أخبرها أنه لا يستطيع ملاقاتها بعد انتهاء دوامها، لكنه فاضي الآن، فما كان منها إلا أن غرزت إبره سامة في ذراع المريض “كيت كاتينغ” المشرفة على حالته لتتمكن من قضاء مشوارها.
وكانت هذه ليلة الكشف عن جرائمها، حيث تبين أنها في بداية معرفتها به قتلت ثلاثة مرضى ليكون لها عذر في استدعائه لنقل الميت إلى الثلاجة، وأن في رصيدها (30) حالة وفاة حسب التقرير.
لا وشنو، مرحة وبتضحك عادي وتهظر والدنيا حلوة ولا كأنو ثمة قتل في الموضوع.
“كرستيان” التي حصل لها محاميها على حكم مخفف وأنقذها من الإعدام، كان حكمها السجن المؤبد لأربع مرات متتالية.
هذه القصة ساهمت في أن أستوعب قصة أخرى، فقبل فترة ونحن نتحدث عن غرائب الحياة والموت أخبرني جدي عن قصة مماثلة لشخص يعرفه اشتهر بالشراب والسُكر، قال لي إنه تعب جداً لحظة خروج الروح فسأله جدي: لا أظن أن هذا العذاب الذي أنت فيه الآن متعلق (بالسكر) وحسب، أعتقد أن الموضوع أكبر من الخمر.
فأخبره بصعوبة من يتحدث من عالم آخر: لو عرفت أنا عملت شنو، ح تعرف إن هذا العذاب قليل.
حكى له أنه حين كان ممرضاً بمستشفى أم درمان، زمان شديد (زمن الإنجليز على قول حبوبة جيرانا) ولأن إدارة المستشفى تعاقب الممرض إذا وجدت المريض توفي ولم يعدل الممرض رقدته ويغطيه، كان حين يأتي وقت ذهابه ليلاً إلى ما يعرف بي (الإنداية) ويجد أن ثمة مريضاً بحالة غير مستقرة، ومؤهل أو معرض لاحتمال الموت، يقوم بخفض لمبات الإضاءة عن طريق إنزال قيطانها إلى أسفل ثم يأخذ مخدة ويضعها على وجه المرشح للموت، فيفارق الحياة ثم يجعله في الوضع اللازم ويمشي يسكر سكرو.
لذا إذا (شعرنا شاب) من مثل هذه القصص ادعمونا بالصبغة..
أقول قولي هذا وأقف على حيل الحب للجميلين في هذا المجال الإنساني.
و…….
ملاك أتخيلك أول ونورك بالسماء وهاج

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية