تقارير

"أسماء الترابي" تتلفح بشال أبيها.. و"وصال المهدي" تواسي الباكيات

في سرادق عزاء النساء
المنشية ـ نهلة مجذوب ـ ميعاد مبارك ـ الشفاء أبو القاسم
لم يكن أمس يوماً عادياً في سرادق عزاء الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي والمفكر الإسلامي والعالم الشيخ الدكتور “حسن الترابي”. ففي خيمة النساء وفي فناء منزله الواسع، اكتظت جموع النساء والشابات من أطياف المجتمع السوداني كافة، ومن أهله ومعارفه. الحزن كان طاغياً على الوجوه، والدموع تتقاطر من أعين النساء وصدى البكاء يشق عنان العزاء.
كانت ابنته “أسماء” أشد ألماً وحزناً، لكنها بقيت متماسكة لحد ما، وداخل الخيمة كانت تتلقى التعازي الحارة في والدها، وكذا كانت والدتها “وصال المهدي”. ورغم ألم الفراق الجلل البائن عليها وعلى أبنائها وازدحام المعزيات الكثيف، وتشديد الدخول إلى غرفتها، إلا أنها كانت تستقبل وتواسي من يعزيها.
وتحدثت (المجهر) مع بعض النساء خاصة اللاتي كن قريبات من الشيخ أو ينتمين إلى الحركة الإسلامية، التي يعد هو مؤسسها الأول بالسودان.
{ “أسماء الترابي” تتلفح بشال أبيها.. و”وصال المهدي” تواسي الباكيات
تلفحت ابنة الراحل الصغيرة “أسماء” التي كانت كان تجلس في سرادق النساء بشال أبيها، متجلدة محتسبة رغم الدموع التي ما فتئت تغمر وجهها، ولسانها يلهج: (الله يرحمك يا شيخ “حسن”، قلبك عامر بالإيمان.. الله يشدك في الآخرة يا أبوي). بعد أن أبلغناها تعازينا وتعازي صحيفة (المجهر)، دلفنا إلى منزل الشيخ حيث قمنا بواجب العزاء مع ابنته الكبرى “سلمى” التي كانت تصبّر من حولها في جلد وصبر.. ولكن ما أن دخلنا على والدتهما زوجة الراحل السيدة “وصال المهدي”، حتى وجدنا سر جلدهما في جلدها وصبرها ومواساتها لمن حولها، رغم الرهق والحزن البادي عليها متقبلة العزاء من كل قاصٍ ودانٍ، وغرفتها مكتظة بالمعزيات من كل حدب وصوب، حتى أن بعض حفيداتها حاولن تنظيم الدخول خوفاً عليها، إلا أن دمع المعزيات لم يجدِ سوى صدر السيدة “وصال” ليحتويه.. أدينا واجب العزاء مع السيدة و”صال”، باسمنا واسم صحيفة (المجهر).
{ “تابيتا بطرس”: في الليلة الظلماء يفتقد البدر
القيادة والوزيرة “تابيتا بطرس” عزت أهل الفقيد والسودان ومحبيه كافة حول العالم، قائلة: (جئت لكي أشارك في مراسم وداع الوطني الغيور د. “الترابي”. كان مفكراً وعالماً إقليمياً وعالمياً. ناكف وجاهد من داخل الوطن ولم يستنجد بالأجنبي، ونادى بعزة المرأة ووقف بجانبها.. خالص التعازي لأسرته وللأستاذة “وصال” التي كانت متماسكة، أعزيكم جميعاً الفقد واحد، كان رجلاً جامعاً فلنتماسك ونقف مع أفكاره. وكان عضواً في عملية الحوار الوطني وداعماً له.. فقد السودان ابناً باراً، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر).
{ “نوال خضر” تعزي
وعزت عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي د. “نوال خضر نصر الأمين” الأمة الإسلامية جميعاً والشعب السوداني عموماً، والمؤتمر الشعبي خاصة وأسرته، وقالت: (للأسف الكلام صعب
 والحديث صعب والعزاء صعب. لكن لله ما أعطى ولله ما أخذ “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.. والموت هو سبيل الأولين والآخرين، والفقد كبير والفاجعة كبيرة)، مبينة أنهم مطمئنون، وبعون الله تعالى ما تعلمنه في مسيرتهن من الشيخ الراحل سيكون سنداً وعضداً لهن في المستقبل. وأضافت: (لا نحسب أننا محزونون بقدر ما نحن مفجوعون، نأمل أن ما تعلمناه من شيخ “حسن” يجعل جزعنا وهولنا خفيفاً)، موضحة أن ما تعلموه من الشيخ أن الهموم تتعدى الشخص، مبينة أن همومها في اللحظة تتعدى حزنها لتتمحور في ماذا يكون في السودان، والمسؤولية الكبيرة التي تركت لهم في الحزب، في وقت وصفته بالضيق والحرج.
وعن علاقتها بالراحل، أوضحت د. “نوال” أنها كامرأة تعلمت القيادة على يديه، واستمدت القوة منه وبعون الله وبسنده استطاعت أن تجتاز الكثير، مضيفة إنه كان داعماً للمرأة ومنارة لها، مؤكدة أن النساء سيكن على العهد باقيات.
{ تماسك رغم الحزن
وبدت أمينة النساء بالمؤتمر الشعبي “سهير أحمد صالح”، متماسكة قوية رغم دموعها المنهمرة، وكانت تخطب النساء تحثهن على السير بخطى وهدي الشيخ الراحل. وعن آخر وصاياه للنساء قالت إنه في أيامه الأخيرة كان دائماً يردد عبارة (لو ربنا مد في الأيام داير أشوف السودان موحد وأشوفكم متوحدين. وأشوف الأحزاب السياسية عقلت وأصبحت تشتغل شغل سياسي، وتبنت نظام ديمقراطي، وهكذا)، مبينة أنه كان يوصيهن كنساء بالوقوف على فقههن وحدهن، وأن يتفقهن في الدين باستفتاء أنفسهن، بجانب وصاياه لكثير منهن، واللاتي لديهن قدرات فكرية بالكتابة والاعتكاف لإظهار هذا الفكر،  إضافة لإرشاده لهن بأن الكتابة لا تكفي، ولابد من العمل.
وعن آخر الجلسات معه قالت: (كان حديثه عن التغيير، وأنه ليس بالكلام فقط بل أن يتمثل)، مبينة أنه داخل الحركة الإسلامية كان يقدم النساء إلى الأمام، ويجعلهن مقتحمات، سمح لهن بالسفر مع الوفود المسافرة.. وكذلك في اتخاذ القرار لا بد من وجودها، ومكانها في كل شيء لأنه من طبيعة الأشياء. ومجتمع المدينة الذي كان فيه النبي “صلى الله عليه وسلم” فيه الذكور والإناث جميعهم جنباً إلى جنب في الحرب والسلم وغيره.
{ “أميرة الفاضل”: هذا يوم حزن
“أميرة الفاضل”، مدير مركز (مدا) للدراسات الاجتماعية، قالت إن الأمة الإسلامية تفقد اليوم عالماً وفقيهاً من أبرز العلماء والفقهاء في العالم الإسلامي، الشيخ الدكتور “حسن الترابي”. وأضافت: (يصعب الحديث عنه بحجم العمل الذي قدمه للأمة الإسلامية وداخل السودان للحركة الإسلامية)، وقالت إنها في حزن شديد، مشيرة إلى أنه بالنسبة لهن هو من حرر المرأة السودانية المسلمة على أصول وقواعد إسلامية صحيحة، فضلاً عن تصحيحه صورة المرأة، ووضع المرأة في المكان اللائق بها، وفتح الباب لها واسعاً للمشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مشيرة إلى أن المسلمة أصبحت تخرج واثقة وأن كل ما تفعله جزء من رسالتها في الحياة الدنيا، وكل هذا الأمر مبني على رؤية الشيخ عندما كتب كتابه الأول (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع)، موضحة أنه أول لبنة في تحرير المرأة من القيود التي فرضها المجتمع، مشيرة إلى أن كل نساء الحركة الإسلامية بالسودان مدينات له، وأنه ساهم في خروجها للعمل وهي تراعي كل الضوابط الشرعية للخروج.
وعلي المستوى الشخصي، قالت إنها لولا الشيخ “الترابي” لما وصلت إلى ما وصلت إليه الآن مع النساء المسلمات داخل السودان.
{ “عائشة الغبشاوي” تدعو لأن يكون العزاء فيصلاً لجمع الإسلاميين
د. “عائشة الغبشاوي” تحدثت عن اليوم بأنه مشهود وعظيم تجمع فيه الشعب السوداني بأطياف مختلفة من كل أرجاء السودان، وحضروا لتشييع المفكر السياسي المجدد الدكتور “حسن الترابي”. وقالت الدكتورة “عائشة الغبشاوي” إنه فقد كبير لهذه الأمة، فقد كان مفخرة بعلمه وعقله واجتهاده، وأضافت: (ننعاه لقراء الجريدة الغراء المجهر السياسي).
أما “سامية حسن سيد أحمد”، فقد قالت إن الأمة الإسلامية، والمرأة الإسلامية خاصة فقدت رجلاً محرراً لها ومقتنعاً بحقوقها كافة التي منحها لها الإسلام، محرضاً لها لتقوم بكل ما يمكنها القيام به، وتبادر. وأضافت إن وفاته فقد، وقد نهلت النساء من مشارب علمه ومعينه الكثير.
الأمين العام السابقة للاتحاد النسائي والقيادية دكتورة “مزاهر محمد أحمد عثمان” ابتدرت حديثها قائلة: (شيخ “الترابي” هو بنفسه كان أمة قائمة بذاتها، تعلمنا منه الكثير، ليس نحن فقط في السودان بل كل العالم. وصلتني كثير من التعازي من الأخوات حول العالم من النيجر وموريتانيا ومن فلسطين وباكستان وماليزيا، من الأردن ومن كل مكان وضع فيه بصماته، تعازٍ تكلموا فيها عن كون شيخ “حسن” المعلم الأول). وأضافت: (تعلمنا منه الكثير منذ العام  64 وأكتوبر.. نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن ينزله منزل صدق مع الصديقين والشهداء).

{ د. “ثريا يوسف”: الشيخ رمز ومفكر
القيادية بالمؤتمر الشعبي والأستاذة بجامعة السودان، د. “ثريا يوسف إسماعيل”، أكدت أن الشيخ “الترابي” رمز من رموز الإسلام، ومن المفكرين والمجددين ومن الفقهاء الذين تحدثوا عن الدين وتعاليمه، وتحدثت عن إسهامه في تحريك المرأة نفسها، وأكملت قائلة: (كان مفهومه للتجديد ليس الابتداع في الدين كما يتهمه البعض، إنما هو إحياء الدين في نفس الإنسان امرأة أو رجلاً).
{ أبنة خاله: كان مرحاباً
التقينا داخل سرادق العزاء بابنة خاله “نفيسة عبد الله الترابي” التي بدأت تجزل في شرح جميل خصاله: (كان حبيب وأخو لينا. وكنا بنجيه في بيته وكان برحب بينا، وهو أخو حميم لا يفوت فرح أو ترح. ولو جينا في بيته بجي بقنب معانا ويتونس وما عنده تكبر ولا رفعة نفس).
{ حفيدته: كان حريصاً على الأسرة
أما حفيدته “إسلام محمد إبراهيم” فوصفته بالحرص على اجتماع شمل الأسرة، الكبيرة والصغيرة، على الأقل شهرياً، وأضافت: (كان بجمعنا في الأعياد، وكان يزور ود الترابي ويخطب فيهم، ويتحدث عن أمور الدنيا والآخرة.. وتُطرح المشاكل في مجلسه).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية