مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية "إبراهيم محمود" (2-2)
الذين استخدموا حديثي عن (الصابونة) ضدي أصحاب غرض
لن نقبل بتحسين العلاقة مع دولة الجنوب إذا استمرت في دعم المتمردين
عضوية المؤتمر الوطني تعاني مثل الآخرين.. والمبنى الجديد للحزب متوقف الآن
حوار – فاطمة مبارك
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة محلاً للتداول السياسي والتنافس والصراع من خلال التقاط أقوال وتصريحات المسؤولين والقيادات الحزبية وإدارة نقاشات أشبه بالندوات والمنتديات السياسية، وأحياناً تستخدم هذه المساحات لقتل شخصية ما سياسية كانت أو مسؤولة من خلال اقتباس عبارة من حديثها، وقبل ذلك تداولت هذه المواقع عبارة (الحقنة) و(الكوع) والآن كلمة (الصابونة) التي التقطت من كلمة مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود” مؤخراً في حديث وجهه لمواطني الجزيرة وعضوية المؤتمر الوطني تحديداً كما قال لنا في حوار معه. و”إبراهيم محمود” لم يكن من المسؤولين الذين تستفز عباراتهم المواطنين، لكن التداول الكثيف لكلمته (صابونة) جعلته ضمن السياسيين الذين عرفوا بالتصريحات المثيرة.. “إبراهيم” أكد في حواره معنا أن الكلمة جاءت في سياق طبيعي لم يقصد به توجيه إساءة لأحد، وعدّ الذين ضخموا هذه العبارة وذهبوا إلى تفسيرات لم يفكر فيها هم أصحاب غرض سياسي.
الجزء الثاني من الحوار معه إلى جانب حديث (الصابونة)، تضمن حديثاً عن الوضع المعيشي ومعاناة المواطنين على ضوء اشتعال السوق وغلاء الأسعار، هذا إلى جانب مضاعفة فاتورة المياه وارتفاع سعر الغاز في وقت لم تلوح فيه بشريات لانصلاح حال الاقتصاد رغم التحول الجديد في علاقات السودان الإقليمية بعد مشاركته في عاصفة الحزم مع السعودية ودول الخليج، بجانب ذلك كان هناك حديث حول مستقبل هذا الحلف الجديد والعلاقة مع دولة جنوب السودان على ضوء تأرجح العلاقة.. فإلى التفاصيل..
{ علاقتكم مع الجنوب أصبحت غير مفهومة.. بعد فتح الحدود تحدثتم عن وجود لأنشطة معارضين بالجنوب.. هل حدثت نكسة؟
_ نحن قرارنا أن يكون هناك تعاون وحسن جوار مع دولة جنوب السودان وعدم المساس بأمنه ولا أمننا، وبموجب ذلك حصل الاتفاق الأخير وفتحت الحدود وسنواصل النقاش معهم، لكن لن نقبل بتحسين العلاقة مع الجنوب والحركات المتمردة تظل تدعم من دولته.. المعلومات التي وصلت الأيام الفائتة أن الجنوب مستمر في دعم الحركات المتمردة ولابد أن تكون الأشياء واضحة جداً، أمن متبادل بيننا ومصالح واستقرار والتزام.
{ ماذا جنى السودان من دخوله الحلف الجديد الذي يضم السعودية ودول الخليج؟
_ السودان لم يدخل الحلف لجني شيء مباشر، لكن مصلحتنا الإستراتيجية تتطلب أن نكون جزءاً من هذا الحلف، وأعتقد أن القرار كان صحيحاً.
{ ما المصلحة الإستراتيجية التي دفعتكم للانضمام إليه؟
_ المنطقة تشهد انفلاتاً أمنياً كبيراً ونحن محتاجون أن نتحالف من أجل أمننا والاستقرار في المنطقة، والسعودية أيضاً دولة مهمة، ونحن نتعاون في مجال الأمن لتعزيز أمننا وفي مجال الاقتصاد لتعزيز اقتصادنا.
{ هل سيشارك السودان مع السعودية في حرب (داعش) بسوريا؟
_ هذا القرار يتخذ داخل المؤسسات، لكن نحن جزء من حلف يضم السعودية وتركيا الذي أعلن محاربة الإرهاب.
{ قيل إن الدعم الذي كان يقدم من السعودية للبنان تم توجيهه للجيش السوداني؟
_ لا يمكن أن يتم ذلك الشيء بهذه البساطة لأنهم “زعلوا” من لبنان يحولوا الدعم للسودان، لكن أؤكد أن علاقتنا مع السعودية إستراتيجية.
{ تحدثت صحيفة لبنانية عن أنكم كحكومة أعطيتم معلومات عن “حزب الله” للسعودية؟
_ هل السعودية محتاجة حتى نعطيها معلومات عن لبنان.. هي موجودة في لبنان قبلنا.
{ في أي سياق فهمتهم محاولة أمريكا لتوقيف تصدير الذهب السوداني ومحاولة بريطانيا لاستصدار قرار ضد حرب الحكومة مع المتمردين في “جبل مرة”؟
_ الغرب شغال ضدنا بطريقة إستراتيجية، وليس وحدنا، كل أفريقيا تشتكي.. نحن عندما حضرنا مؤتمر الحزب في تشاد ممثلة الحزب في غينيا الاستوائية تعتقد أن كل مشاكلهم في غرب أفريقيا سببها الاستخبارات الغربية، لكن نحن مستهدفون أكثر من غيرنا.
{ إلى أي مدى أنتم متحسبون للانفلاتات التي يمكن تحدث في دارفور حال شنت أمريكا حرباً على (داعش) في ليبيا؟
_ السودان شاعر تماماً أنه في محيط مشتعل، في الجنوب دولة جنوب السودان، وهناك اليمن والصومال وسوريا وليبيا وأفريقيا الوسطى.. هذه المناطق كلها تعاني من اضطرابات، لذلك لابد من الحذر حتى لا نكون جزءاً من هذا المحيط المشتعل.
{ ماذا فعلتم حتى تتفادوا ذلك؟
_ كل الترتيبات تمت، سواء كانت قوات مشتركة على حدودنا مع تشاد أو حدودنا مع ليبيا، خاصة بعد أن أصبحت لا توجد حكومة في ليبيا، والتحسب معمول لكل الحدود، لكن نتحسب أكثر للدول التي تعاني من اضطرابات.
{ سننتقل إلى معاش الناس.. المواطنون يقولون إن المؤتمر الوطني لا يحس بأوضاع الناس أسعار السوق في زيادة بجانب زيادة الغاز و”الموية” وربما القادم أسوأ؟
_ المؤتمر الوطني أكثر حزب متجذر في الشعب السوداني، إذا عايزة تعرفي حزب عندو إحساس بالشعب السوداني.
{ لكن على الأقل ناس المؤتمر الوطني قادرين يعيشوا؟
_ ما كلهم.
{ السؤال المطروح في الشارع العام.. لماذا يلجأ المؤتمر الوطني لخيار الضغط على المواطن دون الخيارات الأخرى؟
_ نحن حصلت لينا صدمة اقتصادية كبيرة و(يا دوب) بدأنا نتعافى بخروجنا من آثار الصدمة الداخلية (يعني أصبح ما عندنا مشكلة في ميزان المدفوعات الداخلية) لكن لا تزال عندنا مشكلة في الميزان الخارجي.
{ ما هي الحلول التي وضعتموها لحل هذه المشكلة؟
_ لابد أن نصدر أكثر مما كنا نصدره لو ما عملنا دا أي حل تاني ح يكون ما عندو قيمة.. وعموماً الصدمة التي حصلت للاقتصاد المؤتمر الوطني ما كان عندو طريقة يمنعها.
{ لكن هو حزب حاكم ينبغي أن يفكر في معالجات؟
_ كيف، إذا كان الجنوب ذهب ومعه البترول ومن ثم أغلقوا الأنابيب واحتلوا “هجليج”، وكل ذلك كان يتم في إطار مسعى الجهات المعادية للسودان لانهيار الاقتصاد السوداني، لذلك أول شيء واجهنا كيفية المحافظة على الاقتصاد حتى لا يصل مرحلة الانهيار تماماً.. أنا عايز الناس تعرف الظروف التي يعمل فيها المؤتمر الوطني، فالصدمة الاقتصادية كان لها أثر.
{ إلى متى سيعاني المواطن؟
_ صحيح الشعب السوداني (بيعاني) لكن المعاناة عندها مسببات.
{ الناس لما (يشوفوا) ضخامة مبنى المؤتمر الوطني بيقولوا الشعب السوداني ما أولوية بالنسبة لكم؟
_ المبنى ذاتو هسه واقف ما قدرنا أكملناه.
{ لماذا لم تتجه الحكومة إلى خفض الإنفاق وتقليل سفر المسؤولين؟
_ يعني إذا لم يسافر شخص هل سيحل المشكلة؟ وإذا كان العجز في الميزان الخارجي للمدفوعات (5) مليارات وافترضنا أن السفر الخارجي كلف (10) أو (20) مليون هل ستحل المشكلة؟؟ نحن مشكلتنا في اقتصادنا الحقيقي ولا تحل إلا بالإنتاج.
{ الإنتاج مسؤولية الحكومة؟
_ كيف؟ هل الحكومة بتزرع؟ هل عندها مزرعة؟!
{ أقصد أنها تحل مشاكل المشاريع الزراعية.. المياه وما شابه ذلك؟
_ الحكومة في هذه الظروف علت خزان الروصيرص بحوالي (400) مليون دولار، وحلت مشكلة الري في مشروع الجزيرة تماماً.. ألم يكن هذا مجهوداً لزيادة الإنتاج؟!
{ لكن بالمقابل المشاريع الزراعية شهدت تدهوراً كبيراً ما انعكس سلباً على معايش الناس؟
_ الحكومة اشترت القمح من المواطنين بضعف السعر العالمي وأنا عندما كنت وزيراً للزراعة وزعت (520) ملياراً أرباحاً للمزارعين في مشروع الجزيرة، والحكومة تشتري القطن من المزارع بحوالي (75) سنتاً وسعره (60) سنتاً، وعندما ارتفع سعر الذرة الحكومة اشترت كل المحصول، وهذا لا يحدث في تاريخ الدول والآن نحن نبني خزانين (سيتيت) و(نهر عطبرة) في إطار الحلول الجذرية، وشغالين في ترعة (الروصيرص).
{ لماذا لا تسعى الدولة في اتجاه وقف الحرب من خلال الاتفاق مع الحركات المتمردة حتى توجه المال نحو معيشة المواطن؟
_ نحن مشينا حاربنا دولة؟ ولّا نخلي المتمردين يصلوا الناس في مناطقهم.. مرة يهاجموا “أم روابة” ومرة يهاجموا “أبو زبد”.
{ تصلوا معهم لاتفاق؟
_ رفضوا يتفقوا، “ياسر عرمان” زول ثوري عايز يجي بالسلاح زي ما ناس “موسفيني” احتلوا البلد، أما إذا كانت هذه هي رغبة الشعب السوداني يكلمنا ويبقى دا رأي الشعب السوداني لكن أفتكر بلد ما فيها أمن أي حاجة تانية تكون ما عندها قيمة.
{ لكن الصرف على الأجهزة الأمنية كبير؟
_ أنا أي صرف يصرف على الأمن ما شايفو صرف، شنو يعني عسكري في الخنادق يأخذ (800) جنيه والذين يتحدثون عن المعاناة قاعدين في بيوتهم، أمشي اسألي النازحين الكانوا في “جبل مرة” قولي ليهم المتمردين كانوا بيعملوا ليكم شنو؟ نحن عايزين ننقذ الشعب السوداني من المآسي.
{ كذلك الحركات المتمردة ترى أن لها مطالب؟
_ هذه الحركات مصرة على حمل السلاح وأنا عايز الشعب السوداني يرفض أي زول يريد تحقيق أهدافه السياسية بالسلاح، وأي زول يأتي بنعرة قبلية لتحقيق أهداف سياسية.. الموجود الآن دعوة لحمل السلاح تحت دعوى غطاء العنصرية.
{ معروف أنك لست من الشخصيات التي تستفز مشاعر الشعب السوداني لكن حديثك الأخير عن أن السودانيين كانوا يتقاسمون (الصابونة) وجد تداولاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وعده بعضهم بمثابة إساءة للشعب.. في أي إطار فهمت هذه الردود؟
_ (ديل) ناس أصحاب غرض، أنا كنت أتحدث مع ناس الجزيرة وناس المؤتمر الوطني تحديداً، وقلت لهم نحن رغم ظروفنا شغالين في الاقتصاد السوداني ولا يوجد من ينكر أن أكبر إنجاز في الاقتصاد السوداني حققته هذه الحكومة، وهذا الكلام قاله حتى الإمام “الصادق المهدي”.
{ وين الإنجازات دي؟
_ أكبر مشروع اقتصادي في عهد الإنقاذ كان إنتاج واستخدام البترول، بجانب خزانات الري، والطفرة التي حدثت على صعيد الكهرباء والتعليم والاتصالات، اقتصادنا كان مأزوماً.
{ نعود لموضوع (الصابونة) ماذا كنت تقصد؟
_ أنا قلت لهم السكر والصابون كان الناس يقسمونه في الماضي، وأعتقد هناك ناس ما عايزين الكلام دا يقال للأجيال الموجودة الآن التي كان عمرها (10) أعوام عندما جاءت الإنقاذ.
{ لماذا لا يريدون ذكر ذلك حسب ما قلت؟
_ حتى لا تعرف هذه الأجيال حال الاقتصاد قبلنا كان كيف، وأعتقد هؤلاء الناس لا يريدون شخصاً يتحدث عن حال الاقتصاد زمان أو عن فترتهم التي كان فيها البنزين بالصف وكذلك (العيش).
{ هم فهموا أنك أسأت للشعب السوداني؟
_ ما في زول أساء للشعب السوداني.. هل الشعب السوداني حقهم براهم عشان يقولوا نحن مدافعين عنه؟ نحن قلنا ماذا فعلت الإنقاذ وسنقولها باستمرار، لن نتوقف.
{ وهؤلاء يرون أن الإنقاذ أخفقت على صعيد الاقتصاد؟
_ نحن لدينا إنجازات وعندنا إخفاقاتنا، ومشاكلنا المرتبطة بالحصار والصدمة الاقتصادية التي نحاول الخروج منها، لا ننكر ذلك.
{ لكن لا تتحدثون عن إخفاقاتكم بقدر الحديث عن الإنجازات؟
_ أنا في نفس اللقاء بالجزيرة قلت هناك شريحة متأثرة هم أصحاب المرتبات والدخل المحدود، وكان قرارنا منذ الميزانية الفائتة أن مرتب الشخص لازم يكفيه، وكان هذا بمثابة تكليف للجهات المسؤولة عن ذلك بأن يحددوا لنا خلال كم من الزمن (3) أو (5) سنوات سيكون المرتب مجزياً، كما أنه لابد من استغلال مواردنا.. والآن نحن نعمل في هذا المحور.. صحيح لا نقول للناس انتظروا (سيتيت) و(الرهد تو)، لكن هناك معالجات شغالين فيها.
{ بالمقابل ألم يستفزك ما كتب عنك في مواقع التواصل الاجتماعي؟
_ أبداً، المسألة بالنسبة لي واضحة، هذه حملة سياسية لمنع ناس المؤتمر الوطني من الحديث عن الإنجازات.. د. “مصطفى” يتحدث يقولوا نبّز الشعب السوداني، “إبراهيم” يتحدث يقولوا نبّز الشعب السوداني.
{ حملة مِن مَن؟
_ بعض المعارضين يريدون استدرار عطف الشعب السوداني، فيقولون ناس المؤتمر الوطني أساءوا لكم.. مين (النبّز) الشعب السوداني.. يعني لو قلت زمان السكر كان بالوقية هل معناها أسأت للشعب.
{ طيب إلى من كانت رسالتك؟
_ أنا (بنبّز) في الحكومة الكانت شغالة بميزانية (80) مليون جنيه بالشحدة. والآن نحن نتحدث عن ميزانية (10) مليارات دولار.. وما في زول بيغالط في التطور، وصحيح هناك معاناة لكن عندها أسبابها.. إذا بقت حصار أو انفصال جنوب السودان، نحن عندما تسلمنا السلطة النمو الاقتصادي كان بالسالب، من سنة 1996م أصبح موجباً.