القضايا السودانية المصرية هل يمكن أن تحلها لجنة قنصلية؟
الاعتداءات على السودانيين.. قتلى سيناء وممتلكات المعدنين
تقرير: نزار سيد أحمد
في خطوة ربما تكون جاءت متأخرة كثيراً بحساب العلاقات التي تربط السودان وجمهورية مصر العربية، وقعت الدولتان يوم (الأحد) على إنشاء اللجنة القنصلية السودانية المصرية التي تعنى بحلحلة مشكلات المواطنين في البلدين بالدرجة التي تمكنهم من ممارسة كافة أنشطتهم دون أي عراقيل، فضلاً عن تمكينهم من الإقامة في أي من البلدين وتسهيل كافة الإجراءات من خلال التواصل بين اللجنة القنصلية في الدولتين، ويأتي إنشاء اللجنة القنصلية بعد موجة مشاحنات وقعت بين البلدين بسبب تعرض عدد من السودانيين إلى حملة اعتداءات منظمة شنتها الأجهزة الرسمية في مصر، بجانب اعتقال أعداد كبيرة من المعدنين السودانيين والاستيلاء على ممتلكاتهم، هذا بجانب مقتل (22) متسللاً سودانياً من قبل القوات المصرية كانوا في طريقهم إلى إسرائيل، يضاف إلى كل هذا اعتقال السلطات السودانية لعدد من الصيادين المصريين الذين دخلوا المياه الدولية السودانية، كل تلك التراكمات دفعت قيادة الدولتين إلى الاستعجال في إنشاء هذه اللجنة القنصلية لتفادي أي مشكلات يمكن أن تنجم مستقبلاً.
أن تأتي متأخراً
على ضوء زيارة رئيس الجمهورية إلى جمهورية مصر مؤخراً وعقده اجتماع قمة مع الرئيس “السيسي”، كانت التوجيهات إلى وزارتي الخارجية في البلدين بإنشاء اللجنة القنصلية، التي تتشكل من عدد من المؤسسات في البلدين، تشمل الجيش، الشرطة، القضاء وغيرها من المؤسسات ذات الصلة التي تعنى مباشرة بشؤون المواطنين في الدولتين، وقد التأم الجانبان السوداني والمصري في جلسات مباحثات مطولة بوزارة الخارجية توجت بالتوقيع على إنشاء اللجنة القنصلية، حيث وقع عن السودان وكيل وزارة الخارجية السفير “عبد الغني النعيم”، وعن الجانب المصري نائب وزير الخارجية السفير “حمدي سند لوزا”.
قضايا ساخنة
وقال السفير “عبد الغني النعيم” إن مباحثات الجانبين تطرقت لمعظم القضايا المهمة وبخاصة موضوع ممتلكات المعدنين السودانيين، فضلاً عن مقتل الـ(22) سودانياً، بجانب الاعتداءات التي تعرض لها عدد من السودانيين من الأجهزة الرسمية المصرية، معلناً عن استرجاع ممتلكات المعدنين السودانيين لدى السلطات المصرية خلال أسبوعين. مشيراً إلى أنهم طالبوا الجانب المصري بتعويض أسر الـ(22) شخصاً الذين قتلتهم السلطات المصرية أثناء تسللهم إلى دولة إسرائيل، مبيناً أن هناك اختلافاً في وجهات النظر حول هذا الموضوع سيما وأن مصر تعتقد أن المتسللين كانوا في منطقة تنشط فيها الجماعات الإرهابية، وحول الاعتداءات الأخيرة التي وقع ضحيتها عدد من السودانيين بمصر، نوه النعيم إلى أن قضية تعرض السودانيين إلى اعتداءات من الأجهزة المصرية وجدت حظها من المناقشات، مشيراً إلى أنهم قدموا كافة المعلومات التي تثبت تعرض عدد من السودانيين إلى الحكومة المصرية التي وعدت بدورها بمعالجة القضية من جذورها بما في ذلك إرجاع أي ممتلكات.
خطوة تعقبها خطوات
واعتبر السفير “عبد الغني النعيم” أن أي مشكلات تنشأ في المستقبل ستجد طريقها للحل بعد تكوين هذه الآلية التي ستكون في حالة تواصل مستمر لتذليل كافة العقبات التي تواجه مواطني البلدين، ومضى ليقول إن هذه الآلية قرر لها أن تجتمع كل عام، فضلاً عن الاتفاق بأن تجتمع سفارة كل بلد بوزارة الخارجية كل أسبوعين، وذلك لمتابعة وحل أية إشكالات تواجه المواطنين، مؤكداً أن تلك الخطوة من شأنها أن تؤسس لتعاون يشمل المعابر والتواصل وإتاحة حركة التجارة والاستثمار بجانب المجالات الأخرى المختلفة.
حق التملك
واحدة من القضايا التي أثارها الجانب المصري أثناء المباحثات، هي مطالبة الحكومة المصرية للسودان بمنح مواطني دولتها حق تملك الأرض والمنازل بالسودان، وأشار السفير “عبد الغني النعيم” أن المصريين طالبوا بمعاملتهم بالمثل سيما وأنهم يمنحون السودانيين المقيمين في مصر حق تملك الأرض والمنازل، وأوضح “النعيم” أن هذا الأمر غير متاح للمصريين في السودان، مبيناً أن أي مواطن مصري بالسودان في حالة أنه أراد أن يمتلك منزلاً لا يتم له ذلك إلا بموافقة مجلس الوزراء الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية منح تصديق بالموافقة من عدمها.
مشاكل طبيعية
نائب وزير الخارجية المصري السفير “حمدي لوزا” قال إنهم تطرقوا بكل شفافية وصراحة لعدد من المشكلات التي تواجه المواطنين في البلدين، وذلك ببحث جذور هذه المشاكل وكيفية حلها وعدم تكرارها في المستقبل”، ومضى المسؤول المصري ليقول “إنه من الطبيعي في ظل وجود أعداد كبيرة من المواطنين السودانيين والمصريين في كلا البلدين أن تحدث بعض المشكلات التي يتعرض لها البعض هنا وهناك”، وزاد قائلاً: “لذلك ناقشنا في هذا الاجتماع والذي يعد الأول، العديد من القضايا القنصلية التي تهم مواطني البلدين”، وبشأن موضوع ممتلكات المعدنين التي استولت عليها الأجهزة المصرية، رد نائب وزير الخارجية المصري، وقال: إنهم ناقشوا قضايا مهمة وهي ضرورة احترام المواطنين السودانيين والمصريين في كلا البلدين، وقوانين الدولة الأخرى الموجودين فيها، وأضاف قائلاً (ناقشنا هذا الموضوع بالفعل وفي ضوء الاتفاق الذي تم بين الرئيسين، وعدنا بأننا قريباً جداً سنمد الجانب السوداني بمعلومات محددة بشأن إعادة ممتلكات المعدنين السودانيين).
مقتل سودانيين في سيناء
أجاب نائب وزير الخارجية المصري “حمدي لوزا” عن موضوع مقتل الـ(22) سودانياً بسيناء على الحدود المصرية الإسرائيلية فقال: “كانت هذه القضية مثار حديث مع الحكومة السودانية”، ومضى ليقول (تطرقنا إلى هذا الموضوع من ناحية أهمية الحصول على تفاصيل أكبر على ملابسات هذا الحادث وظروفه واستكمال التحقيقات التي بدأت بالفعل والاستماع إلى شهادة الشهود والتعرف على رؤية الجرحى في هذه العملية تمهيداً للنظر فيما يمكن عمله لتلافي تكرار هذه الأحداث مرة أخرى)، وقال المسؤول المصري إن هناك اختلافاً في وجهات النظر بينهم والحكومة السودانية التي ترى أهمية تعويض أسر الضحايا، بينما يعتقد الجانب المصري أن مقتل السودانيين كان على الحدود مع إسرائيل في منطقة تعتبر ضمن المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية.
حرص متبادل
وصف نائب وزير الخارجية المصري التوقيع على اللجنة القنصلية باليوم التاريخي في المجالات القنصلية والشعبية والرسمية للدولتين، مؤكداً أن الاتفاق يهدف إلى صياغة إطار للتعاون والتواصل والحوار وتبادل الخبرات بين مسؤولي الدولتين خدمة لمصالح الشعبين، وتسهيل اتصال أبناء وادي النيل في كافة المجالات من خلال عقد مجموعة من الاجتماعات واللقاءات الدورية بغية تحقيق هذه الأهداف ومتابعة وضعها موضع التنفيذ. نافياً في الوقت ذاته وجود أي خلافات بين الجانبين المصري والسوداني أثناء اجتماعات اللجنة وقال”تبادلنا في وجهات النظر وتطابقها وتم الاتفاق بحسن نية وشفافية على استمرار التفاهم تأكيداً على أن كل جانب حريص على شعب الدولة الأخرى، ونحن حريصون على كل مواطن سوداني في مصر كما نحن حريصون على كل مواطن مصري”، وأشار السفير “حمدي” إلى أنه تم تحديد شهر (أكتوبر) المقبل لعقد الاجتماع الثاني للجنة القنصلية السودانية المصرية المشتركة، لافتاً إلى أنه وفقاً لما نصت عليه مذكرة التفاهم يمكن عقد الاجتماع بأسرع وقت ممكن إذا اقتضت الضرورة لذلك.