الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي "كمال عمر" في إفادات حول الحوار الوطني والتخابر
مقدمة :
رمى الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “كمال عمر عبد السلام” حجراً في بركة ساكنة ،عندما تحدث في ندوة بالأكاديمية العسكرية ،نهاية الأسبوع الفائت ، متهماً بعض أحزاب المعارضة بالتخابر مع بعض الدوائر الاستخبارية، لتصفية الجيش ومؤسسات الدولة، الخبر قد يتناسب مع طبيعة الموقع العسكري وخيارات حزب المؤتمر الشعبي الأخيرة، التي نأت به عن أحزاب التحالف المعارض، وقربته للمؤتمر الوطني، لكن على الصعيد السياسي وجد ردود فعل كبيرة ، على خلفية أن المؤتمر الشعبي كان حليفاً لهذه الأحزاب المعارضة ، وخبيراً بما يدور في دهاليزها، وأنه على الرغم من هذا الحديث ،لم تنفعل أحزاب المعارضة الرئيسية بهذا الخبر، بل أبدت بعض قياداتها زهدها في الرد على ما أفرزه هذا الخبر في الساحة من تساؤلات ،وفضلت التزام الصمت ،واعتذرت لنا عن الرد، (المجهر) حاولت الجلوس مع الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي عضو آلية الحوار (7+7)، الاستاذ “كمال عمر” في حوار تناول أسباب إثارة هذه المعلومة، وما يقصده “كمال” تحديداً، كما أفرد مساحة للحوار الوطني على ضوء أنه يمثل عضو الآلية (7+7)، وعضو لجنة الحريات ، التي قيل إن بها إشكالات وتجاوزات تم تسريبها بواسطة أحد منسوبيها ،إلى مواقع التواصل الاجتماعي. فماذا قال؟
حوار/ فاطمة مبارك
*هناك إشكالات في لجنة الحريات نعمل على معالجتها والشعبي لم يقل رأيه فيها حتى الآن
*لدينا تنسيق مع أحزاب قد نتحالف معها حال فشل الحوار
*لا أقصد بالأحزاب المتخابرة الشيوعي، وسيأتي يوم كشفها
*تصفية الجيش خط أحمر بالنسبة للشعبي ،ولن نسمح بأن تصبح المستندات ، جزءاً من الحل السياسي
{ على أي أساس بنيت اتهامك لبعض أحزاب المعارضة بالتخابر؟
– هذا الاتهام ليس جديداً في مواجهة المعارضة.. المعارضة التي تقبل لنفسها الجلوس في “أديس” مع المندوب الأمريكي ، وتجلس في بلدان إقليمية وفي دول إقليمية مجاورة لنا ،وتتحدث عن الإسلام السياسي وتصفيته، وتتحدث مع دوائر استخباراتية في العالم العربي، معلومة لنا، نحن كنا في المعارضة ،ونعرف من يقوم بذلك، وهذا ظل الأزمة الموجودة الآن. عندما يكون هنالك حديث عن تصفية الخدمة المدنية ستكون هنالك معارضة تقودنا إلى مصير العراق.
{كيف؟
– العراق وصل إلى هذا عن طريق “بول بريمير” . أتت به المخابرات وجاء على رأس الدبابة الأمريكية، وأنهى مؤسسات العراق كلها . وأحضره “جلبي” وهو كان معارضاً لـ”صدام”، و المعارضون في الخارج جاءوا على رأس الدبابات الأمريكية وصفوا كل المؤسسات.
}ما علاقتنا بما حدث في العراق؟
– نحن واقعنا الآن سيئ. وهنالك قوى سياسية تتحدث عن تصفية القوات المسلحة ،وفصل الدين عن الدولة ،والخدمة المدنية، نحن أفضل نتحدث عن قومية القوات المسلحة.
{ متى كان هذا؟ عندما كنتم معهم في التحالف؟
– قبل أن نكون معهم في المعارضة، عندما كنا في الإنقاذ، هذا سلوك ونهج تم فيه تدمير كثير من مؤسسات الدولة بهذه الطريقة، وبعد أن دخلنا في المعارضة . هذا سلوك مستمر.
{ هل حصلت على الوثائق ،عندما كنتم في التحالف المعارض؟
– هذه الوثائق كتبتها المعارضة، مش تحصلت عليها، وهي ليست سرية، بل معروفة للناس، يعني إعادة هيكلة الدولة السودانية.
}وماذا تعني إعادة هيكلة الدولة السودانية المدنية؟
– تصفية مؤسسات الدولة في وثيقة الفجر الجديد، ماذا تعني كل الأوراق التي كتبتها المعارضة، كانت تسير في اتجاه تصفية مؤسسات الدولة.
{ الفجر الجديد ؟ المؤتمر الشعبي كان مشاركاً معهم؟
– الشعبي كان معهم واختلف معهم حول النقاط الأساسية، بما فيها تصفية مؤسسات الدولة، واختلفنا معهم في فصل الدين عن الدولة .. وعندما بدأ الكلام عن الإسلاميين وفوبيا الجبهة الإسلامية ،والخيار الإسلامي، وتأييد الانقلاب في دولة مجاورة، هذه كلها أسباب جعلتنا نختلف معهم.
{ أفهم أن الوثائق التي تحدثت عنها ليست سرية؟
– لا توجد وثائق سرية، هي مكشوفة في مواقف المعارضة . والآن هي موجودة.
{وين؟
– كون المعارضة تطالب بالحل تحت الفصل السابع، وتتحدث عن حوار يترأسه المجتمع الدولي ،ماذا يعني هذا؟.. هذا لا يحتاج لبينة مباشرة، حتى تكون عندي مستندات أقدمها.
{ الناس فهموا أن لديك مستندات؟
– أنا ليس لديّ وقت لتكون لديّ مستندات . وتصبح آراء يدق الناس فيها الطبول، ولكنها موجودة في مواقف المعارضة، ولا تحتاج لدليل.. لذلك أعود وأؤكد أن تصفية الجيش خط أحمر لدى الشعبي . ولا نقبل به أبداً، لأنه تصفية للدولة السودانية.
{ واضح من كلامك أنك تقصد الشيوعي؟
– لا أبداً، أنا لم أحدد حزباً بعينه، هذه أحزاب معلومة . وأنا في الوقت الراهن لا أحتاج للتحدث بأسماء.
{لماذا تتحفظ على الأسماء؟
– أنا لا أريد شخصنة الأمور.. و لا أقصد الحزب الشيوعي، أنا ما سميت.. هنالك أحزاب موجودة ومعلومة ، تعمل مع المجتمع الدولي والاستخبارات داخل هذه البلد.
{ أنت رجل قانون ، وهذا الاتهام قد يقود الأحزاب إلى فتح بلاغ؟
– أنا تحدثت عن وثائق تتحدث عن تصفية الدولة السودانية، وهذه معلومة. وأنا لم أقل مستندات صنعتها مخابرات . وإنما تحدثت عن أحزاب لديها تعامل مباشر مع مخابرات إقليمية وعالمية، نحن عارفنها . وسيأتي يوم نقوم بكشفها.
{ ألم يحن الأوان؟
– نعم لم يحن الأوان. وسيأتي يوم حساب نكشف كل الأحزاب المتخابرة في الفضاء الطلق.
{ عندما تقول وثيقة الفجر الجديد ،لا يوجد شيء ملموس يدل على التخابر؟
– يا “فاطمة” أنا رجل قانوني، أنا لم أتحدث عن أن وثيقة الفجر صنيعة المخابرات ، لكن أتحدث عن مستندات ،فيها كلام عن تصفية الدولة السودانية . وهذا موقف سياسي وحده، وأتحدث عن أن بعض الأحزاب المعارضة تتعامل مع جهات استخباراتية، ومستهدفة الحل السياسي في هذه البلد.. تعتقد أن الحل لا بد أن يكون بيد الاستخبارات.. لذلك حديثي عن الفجر الجديد . هذه مواقف سياسية لأحزاب نحن ضدها، ولن نسمح بأن تكون هذه المستندات جزءاً من الحل السياسي.
{ هل تعتقد أن فترة التحالفات كانت فترة ترصد؟
– لا، التحالفات هي علاقات سياسية، النظام كان سبباً أساسياً فيها، تطورت إلى مواقف ضد النظام . وأنا لست ضد التحالفات، الآن هذا الحوار قد لا ينجح . سنضطر نصيغ واقع تحالف جديد . ولدينا اتصالات بقوى مشابهة ، لديها مواقف وطنية مثلنا، هذا يمكن أن يكون جزءاً من تحالف في مرحلة القادمة، وأنا لا أضمن الحوار، قد لا أصل إلى النتائج التي أريدها. وقد أخرج من الحوار، نحن ليس لدينا صكاً في جيبنا بأنه ناجح. وهذا الحوار إذا لم يحقق أهدافنا الأساسية سنضطر نعمل تحالفاً جديداً.
{ حديثك يدل وكأن هنالك إحساساً بعدم نجاح الحوار؟
– أنا إذا قلت إن هذا الحوار ناجح مائة بالمائة، سأكون رسمت صورة زاهية.. أنا أعمل بكل جهد لنجاح الحوار ، وأؤمن به، لكن قد لا ينجح . وأنا لديّ حسابات أخرى، في حال عدم نجاحه.
{ ما هذه الأحزاب التي ربما تتحالفون معها ، حال عدم نجاح الحوار؟
– لدينا اتصالات بعدد كبير من الأحزاب. لا أريد ذكر اسمها، الآن موجودة في الساحة السياسية وهي أقرب لنا ، ليس في الخيار الإسلامي فقط، لكن في الخيار الوطني أيضاً.
{ أذكر لنا بعضها؟
– لا ..لا أستطيع ذكرها، بعضها داخل الحوار ،وبعضها خارجه . ولدينا تنسيق معها بأشكال مختلفة في علاقتنا السياسية معها . ويمكن أن تكون أساساً لتحالف قوي، ليس تحالفاً على الدين فقط، ولكن على تقديم قضايا الوطن . علاقتنا ممتدة معها.
{ هل كان التحالف المعارض يخفي بعض الأشياء عنكم، أثناء تحالفكم؟
– في ثورة (سبتمبر) غيِّبنا من الاجتماعات الأخيرة ،بشكل متعمد . وغيِّب المؤتمر الشعبي من تنسيقيات الثورة . وهو الحزب الأكبر من حيث الجماهير، وافتكر واحدة من سبب فشل ثورة (سبتمبر) ، هو تغييب الشعبي.
{ هذا قيل قبل ذلك، نريد أشياء لم تقل أثناء التحالف؟
– ليس لديّ شيئاً بعينه . تم تغييبنا عنه، ولكن غيبنا من الثورة ، وهي أكبر محك.. ولكن من الطريقة التي أبعد بها الشعبي، بتجميده في التحالف، لا أستبعد أن تكون هنالك جهات لديها تأثير في إبعاد الشعبي، لأن القرار اتخذ في غيابه.
{ لم تقدم لكم الدعوة؟
– الاجتماع المخصص لهذا الأمر غيبنا عنه تماماً . وكان لنا الحق في حضور الاجتماع.
{ لم تكونوا على علم بالاجتماع؟
– لم نعرف الاجتماع . وبلغنا به بعد تجميد نشاط حزبنا.
{ حديثكم عن أن بعض الأحزاب تتخابر، هل هو إستراتيجية الحزب، أم حديث “كمال عمر”؟
– أنا عندما أتحدث عن الواقع السياسي مسؤول عنه، وأنا لست فقط مجرد قيادي في المؤتمر الشعبي ، والمنبر الذي تحدثت فيه متعلق بالقوات المسلحة. وتحدثت عن مهددات الحوار وتصفية المؤسسة العسكرية، أنا لم أقل الكلام من فراغ، هنالك كلام أساسي عن تصفية القوات المسلحة، وهذا رد بأن القوات المسلحة بالنسبة لنا خط أحمر.. وحديث الحزب هو أن القوات المسلحة خط أحمر، ولا نقبل فصل الدين عن الدولة ،وتصفية المؤسسات المدنية ومؤسسات الدولة لن نقبل بتصفيتها، وهذا موقف المؤتمر الشعبي. يمكن أن نتحدث عن قومية المؤسسات المدنية ، ولكن ليس عن تصفيتها.. نحن رأينا الآن في الحوار، أن كل المليشيات التي تعمل تتبع للقوات المسلحة . وتصبح هي الجهة الوحيدة التي تحمل السلاح.
{ هنالك حديث عن تجاوزات في لجنة الحريات ،ما قولك؟
– الحزب لم يقل رأياً حتى الآن فيما يتعلق بما يجري في لجنة الحريات.. وهذا ليس معناه أنه يعجبنا . ولكن لأن هنالك مسائل دائرة الآن، في محاولة احتواء أي إشكاليات داخلية ، فيما يتعلق بلجنة الحريات أو اللجان الأخرى، لأننا قبلنا الحوار ، ونعرف أن من يقبل الحوار لا بد أن يتسع صدره لممارسات قد تكون فيها تجاوزات، هنا وهناك، وأنا في تقديري ، هذه التجاوزات ليس مكانها الإعلام ، ولكن تعالج داخلياً، نحن شغالين في عمل معالجات داخلية لإشكالات داخلية في الحوار، وأنا لا أريد التحدث الآن . ولكن في أي وقت لو أجبرنا على الحديث سنتحدث، وأتمنى ألا نجبر، وأنا باعتباري الأمين السياسي أعمل على تجاوز كل الخلافات في لجنة الحوار واللجان الأخرى، وغيرها ، إن وجدت.
{ هل هنالك أذن صاغية لهذه المسألة؟
– هنالك إرادة موجودة لتجاوز هذه الأزمة ، وبعض الأخطاء الإجرائية من المؤتمر الوطني والأحزاب الأخرى، ونحن لم نصل لطريق مسدود، وما دام هنالك مساعٍ جارية، وإرادة وجدية ، وحرص في المكونات الداخلية، ننتظر إلى أن يقود للحل.
{ في رأيك لجنة الحريات ، لماذا هي من أكثر اللجان مشاكل؟
– طبعاً أزمة البلد كلها أزمة حرية، ونحن في الشعبي، لو وجدنا حرية فقط ، لن نطالب بشيء.. والأزمة في الحرية والقوانين المقيدة للحريات ، وترسانة القوانين الحاكمة للبلد، وهذه مهمة ليست سهلة ، أن تخرج من ترسانة قوانين قابضة على كل شيء حتى تعمل حريات ،وتحول.. نحن في المؤتمر الشعبي لا نرفع شعارات، فقط، نحن أكثر حزب أوذي من الانتهاكات والحريات سجناً ،وصودرت صحيفتنا، وأغلقت دورنا، ولذلك نحن لا نرفع شعارات فقط، ولكننا نفصل القوانين، ونحدد ماذا نريد أن نلغي . وأنا كنت أتوقع أن تحدث إشكالية في لجنة الحريات، افتكر أننا في المؤتمر الشعبي لدينا القدرة، ونضع ثقتنا الأساسية في الرئيس، وهو المحور الأساسي في الحوار، والرئيس منذ بدء الحوار منحاز للحوار ،وقضاياه بشكل أساسي، والتزام الرئيس بالنسبة لنا في المؤتمر الشعبي، جعلنا نحتمل كثيراً من التجاوزات التي حدثت في الحوار.
{ معنى ذلك أنه سيتأخر في تسليم المخرجات ، بسبب لجنة الحريات؟
– نحن قطعنا مشواراً كبيراً، وهذه يمكن احتواؤها في أسبوع أو عشرة أيام، لا أكثر من ذلك.
{ المؤتمر يتحدث عن حكومة انتقالية وأنت تحدثت في تصريح (أمس) عن حكومة التوافق الوطني، فلماذا غيرتم رأيكم؟
– المؤتمر الشعبي ليست لديه أزمة مسميات، أزمتنا الأساسية في البرنامج . ما دام هنالك حديث عن شكل جديد في الحرية، وطريقة الحكم والتعامل مع وحدة البلد والسلام والاقتصاد والهوية، نحن الآن في الحوار نعمل في برنامج جديد . والطريقة القديمة التي يعمل بها المؤتمر الوطني لم تعد البرنامج الإصلاحي والأنسب، بدليل أن هنالك برنامجاً جديداً، حوار حول ست قضايا، والمؤتمر الوطني دخل فيها، فحتى لو تعددت الأسماء أو اختلفت، أعتقد أن الفكرة في البرنامج الجديد متفق عليها، هذا البرنامج يسمونه حكومة قومية انتقالية، وفاق وطني ، نحن في المؤتمر الشعبي لا يفرق معنا الاسم. وهذا الوضع تم الاتفاق عليه داخلنا.
{ هل تمت دعوتكم للقاء التشاوري الذي دعت له الآلية الأفريقية، في منتصف (مارس)؟
– حتى الآن الدعوة وجهت للحكومة فقط، والحكومة طرحت هذه القضية في (7+7)، ونحن في (7+7) متفقون على أنه ليس شأناً حكومياً، وإذا كان هنالك لقاء تشاوري حول الحوار، هذا شأن (7+7) ، وهي التي ستذهب وتناقش، أما إذا كان مسألة متعلقة بالتفاوض حول وقف الحرب وفتح الممرات والقضايا الأساسية، هذا شأن حكومي ، نحن في (7+7) لا علاقة لنا به.
{ حتى إذا لم تأتِ الدعوة، وكان الحديث عن الحوار؟
– إذا لم تأتِ الدعوة، فالحكومة ليست لديها الصفة للحديث عن قضايا الحوار، حينها سنطالب الاتحاد الأفريقي، بتعديل الدعوة.