رأي

بعد.. ومسافة

سودانيون في السينما المصرية
مصطفى أبو العزائم
لا أزعم أو أدعي أنني مُلم بكامل أو أكثر تاريخ السودانيين الذين عملوا أو ظهروا في السينما المصرية، إلا أن حلقة إذاعية ممتعة عن الفنان الراحل “سيد خليفة”– رحمه الله– أعدها وقدمها الباحث الأستاذ “عوض بابكر”، حفزت في داخلي خلايا الاستطلاع والمعرفة لأبدي بعض الاهتمام بالموضوع أعلاه، بعد أن استعرض الأستاذ “عوض بابكر” جانباً من التاريخ الفني للراحل “سيد خليفة”، وكيف أنه ظهر في السينما المصرية من خلال أدائه الرائع لأغنية (المامبو السوداني) في الفيلم المصري (تمر حنة)  الذي أخرجه الراحل “حسين فوزي” عام 1957م وهو يعدّ من أفلام ذلك الزمان الضخمة، قامت بدور البطولة فيه الممثلة والفنانة الاستعراضية “نعيمة عاكف” التي توفيت في شرخ شبابها إلى جانب الممثلين الكبار “رشدي أباظة” و”أحمد رمزي” و”كاريمان” و”استيفان روستي”.. وقد شاهدت الفيلم مؤخراً أكثر من مرة، حيث يتم عرض الكثير من الأفلام القديمة في قنوات الأفلام التي تهتم بالسينما الكلاسيكية.
قبل ذلك سمعت من السيد الوالد الأستاذ “محمود أبو العزائم”– رحمه الله– أن المخرج الكبير الراحل “أحمد عاطف” كان قد ظهر في أحد الأفلام المصرية، لكنني نسيت الآن اسم الفيلم، لأن الدور كان من القصر بحيث لم يبق منه في الذاكرة السينمائية شيئاً، وكان الراحل “أحمد عاطف”– وهذا هو اسمه الفني– جاراً لنا في “حي السوق” بأم درمان، وهو شقيق الدكتور الراحل “أنور مصطفى”.
حديث الأستاذ الباحث “عوض بابكر” جعل صور بعض السودانيين تقفز من الشاشة إلى الذاكرة، من أمثال الممثل الكبير “إبراهيم خان”، وهو سوداني من أصل إغريقي– إن لم تخني الذاكرة– عرفته مدينة أم درمان مثلما عرفت شقيقه الدكتور “إسحق  إشخانس”، وشقيقه الأصغر “جان إشخانس” الذي هاجر إلى بولندا واستقر بها منذ عقود.
قبل يومين عرضت قناة (ميلودي كلاسيك) فيلماً لنجم الكوميديا المصري “إسماعيل يس” حمل اسم (إسماعيل يس طرزان) تم إنتاجه عام 1958م وأخرجه الراحل “نيازي مصطفى” مع بداية (تترات) الفيلم الأولى شد انتباهي ظهور اسم الموسيقار السوداني الكبير “برعي محمد دفع الله” مع ظهور اسم الفنان الكبير “إبراهيم عوض”– رحمهما الله– ضمن طاقم العمل، حيث قدم الراحل “برعي” لحناً لأغنية ضمن أغاني الفيلم، لكن اللحن لم يكن مميزاً أو ملفتاً، ولم يكن للراحل “إبراهيم عوض” أي ظهور واضح، فالنجومية قطعاً كانت للممثلين المعروفين وقتها وهم: “إستيفان روستي” و”زينات صدقي” و”حسن فايق” و”عبد السلام النابلسي” والنجمة التي رحلت قبل أسابيع قليلة “فيروز” التي اشتهرت بالتمثيل والغناء وهي طفلة، لكن المشاهد المصري والعربي عموماً سجن تلك الموهبة في صورة الطفلة الصغيرة، لأن ما قامت بتمثيله من أفلام بعد استواء عودها لم تحقق فيه نجاحاً يذكر، وربما كان فيلم “إسماعيل يس طرزان” هو آخر عهدها بالسينما، لكن ظهور ممثل سوداني آخر كان ملفتاً في هذا الفيلم، وهو الممثل “خالد العجباني” الذي بدأ نشاطه الفني في مصر منتصف القرن الماضي، وقام بتمثيل أدوار ثانوية مساعدة، واشتهر بأدوار المارد الأفريقي والعبد القوي في كثير من الأفلام.
ممثلة سودانية أخرى اسمها “عواطف”- على ما أعتقد- كانت تمثل دور الخادمة في تلك السنوات لم التفت إلى أدائها إلى أن التقيت في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي بمهندسة سودانية تتحدث اللهجة المصرية وتقود التراكتور في مدينة (الزنك) بأعالي النيل وأجريت معها حواراً تلفزيونياً لبرنامج “من الخرطوم سلام” عرفت منها على هامش الحوار أنها ولدت بمصر وأن والدتها عملت بالسينما وقامت بأداء العديد من الأدوار.
سودانيون كثيرون درسوا السينما في مصر من أمثال المخرج “سعيد حامد” والمخرج “عبادي محجوب” وغيرهما، وآخرون قاموا بالتمثيل في السينما المصرية أو الأفلام المشتركة مثل “محمد السني دفع الله”، “فايزة عمسيب”، “صلاح بن البادية”، “الفاضل سعيد” و”عثمان حميدة” (تور الجر) وغيرهم، لكن المهتمين بشأن السينما السودانية لم يؤرخوا للمشاركات السودانية، وقد اشتهر في بلادنا الأستاذ “عبد الرحمن النجدي” قبل سنوات كأحد المهتمين بالنقد السينمائي، وكذلك اشتهرت الأستاذة “سعدية عبد الرحيم”.
كان لصديقنا العزيز الأستاذ “علي مهدي” اهتمامات بأمر السينما السودانية عندما كان هناك مؤسسة للسينما بالسودان.. ترى هل تعود؟؟ الله أعلم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية