حوارات

رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان في إفادات جريئة لـ(المجهر) (2-2)

لا خيار غير الحوار رغم بعض السلبيات التي صاحبته
لجنة الاستفتاء أخطأت في فهم الإقليم.. عليها مراجعة “الدوحة”
(50%) من النازحين في المدن وبعضهم يرغب في البقاء بالمعسكرات وهذا موضوع طويل
لابد من التزام الحياد في استفتاء دارفور.. ولسنا أوصياء على الناس
رسم القيادي بحزب التحرير والعدالة القومي “محمد أحمد الشايب” صورة قاتمة لاستفتاء دارفور، وعده أحد أهم بنود اتفاقية “الدوحة”. وكشف عن خطأ في تفسير المادة (176) المتعلقة بالإقليم والولايات، وشدد على ضرورة تصويبها حتى لا يرفض طرفا الاستفتاء النتيجة، في إشارة منه إلى المؤتمر الوطني والسلطة الإقليمية لدارفور، واستبعد الانقسام الاثني للمواطنين حول مفهوم الاستفتاء، وأقر بوجود بنود لم تنفذ في اتفاقية “الدوحة”.
حوار- وليد النور
{ تباينت آراء نواب البرلمان حول استفتاء دارفور وبعضهم طالب بإلغائه؟
_ كثير من السودانيين مشفقين من إجراء الاستفتاء الذي قد يؤدي لانقسامات وسط مواطني دارفور في ظروف بدأت تتعافى فيها من آثار الحرب. الأمر الثاني يجب أن لا ننسى أن هؤلاء النواب غالبهم ينتمون للمؤتمر الوطني وهو شريك في اتفاقية “الدوحة” ويجب أن يكونوا حريصين على إيفاء حزبهم بالتزاماته أخلاقياً بقيام الاستفتاء في وقته المحدد لظروف نحن قدرناها.
{ وهل نفذت بنود الاستفتاء كافة؟
– يجب أن تنفذ حسب الجداول الزمنية، لكن حسب الظروف التي مضت وقبول الناس لها هنالك عدة بنود لم يتم تطبيقها، والاستفتاء يفترض أن يتم بعد عام من توقيع الاتفاقية، ونفذ الآن بعد مرور خمسة أعوام، وقد شارف على الانتهاء.
{ من المسؤول عن التقصير؟
_ الاتفاقية لم تحظ بشرح وافٍ وكل الجهود التي تمت في إطار توعية الناس انحصرت في المدن ولم تنزل لمستوى القرى والفرقان لأنها تمثل غالبية الناس، ولم ينجحوا من خلال وسائل الإعلام في توصيل بنود الاتفاقية ليستوعبها المواطن، ومن ضمنها مسألة الاستفتاء، وهي لم تأخذ قدراً كبيراً من النقاش والتوعية بالصورة التي تمكن الناس.. الآن يفترض أن لا نكون محتاجين لتوعية الناس.
{ لكن السلطة اكتفت بتقسيم مستويات الحكم واستقطاب الدعومات التي تأتي من المانحين؟
_ أبداً.. هذا الكلام غير صحيح.. ما زالت هنالك حالة شد وجذب سواء لإخواننا الرافضين أو لبعض الجهات السياسية، وهي أيضاً تنطلق من أجندة خاصة بها، لكن الجهد الذي تم بكل المقاييس أنا في تقديري لم يحدث في خلال (50) عاماً  التي مضت رغم شح الإمكانيات وعدم التزام الحكومة بتوفير المعينات، حتى المجتمع الدولي من خلال المانحين لم يف بالتزاماته بالصورة المثلى ما عدا دولة قطر التي نشكرها على دورها الكبير.
{ الانقسام الذي حدث وسط الموقعين على اتفاقية “الدوحة” ألا يؤثر ذلك على تنفيذ الاتفاقية؟
_ نفتكر أننا كلنا كأحزاب مؤيدين أو رافضين للاستفتاء يجب أن نعطي المواطن الدارفوري فرصة دون إملاءات أو مواقف من أي طرف من الأطراف، ونلتزم جانب الحياد وبعد ذلك هو حر لماذا لا نمنح الفرصة لصاحب الحق ونريد أن نصبح أوصياء على الناس؟ افتكر أننا يجب أن نتأدب بالأدب الديمقراطي ونعطي الفرصة لصاحب الحق.
{ رئيس السلطة الإقليمية قال ندعم خيار الإقليم؟
_ ندعم الإقليم، ولكن أي إقليم.. ما ورد في وثيقة “الدوحة” هو إقليم مكون من ولايات وليس بالصورة التي طرحت الآن، هنالك خطأ من لجنة الاستفتاء ويجب أن تراجع نص الاتفاقية.
{ أين الخطأ؟
_ الخطأ إقليم مكون من ولايات دارفور المادة (76) تقرأ إنشاء إقليم مكون من ولايات دارفور.
{ سواء أكانت خمس أو ثلاث ما الفرق؟
_ سواء خمس أو ثلاث معناها الإقليم سيكون بولاياته، لكن  الآن المطروح من لجنة الاستفتاء والمفوضية أنه إقليم مقابل  خمس ولايات، والمفترض أن يكون إقليماً بولايات مقابل ولايات بدون إقليم وهذا خطأ يجب أن يصحح. لأنه حال عدم  تصحيحه سيدخل الناس في إشكال تفسير هذه المادة.
{ لو لم يحدث اتفاق؟
_ إذا ما حصل اتفاق في هذه المسألة فواحد من أمرين، إما أن يؤجل الاستفتاء أو يجرى بالصورة غير الصحيحة، ويبقى واحد من الأطراف يقبل نتيجة وكل المؤيدين سيكون لهم رأي في هذه المسألة.. نفتكر أنه لابد من نقاش وحوار بين حزب العدالة القومي والمؤتمر الوطني لتصحيح المسار.
{ طيب في حالة عدم الإقبال على عملية الاستفتاء؟
_ هي مسألة تقديرية.. أنت عندما تستفتي تضع في بالك حجم السكان وحجم الناس الذين سجلوا أسماءهم في السجل الانتخابي وتقارن وتكون النسبة ما بين (30 – 40%) من السكان ويكون مرضياً دولياً.
{ عدم إجراء الاستفتاء من أصله هل يسبب مشكلة؟
_ هو كبند يجب أن ينفذ لأنه التزام دستوري. لكن هنالك أيضاً بنود أخرى لم تنفذ، وهذا لا يمنع أن يتحاور الشركاء إذا وصلوا إلى رؤية مشتركة بما فيها الاستفتاء في حال تأجيله أعتقد يكون أوفق.
{ نواب البرلمان السابق أجمعوا على إكمال طريق الإنقاذ الغربي وهددوا بمغادرة البرلمان والآن الطريق وصل الفاشر لكن ما زالت مشكلة دارفور الحقيقية الحرب.. أنتم كنواب ما هي رؤيتكم لحلها؟
 – واقع الحال الآن، أنا كنت من المتابعين للمحادثات، في “أبوجا” وكثير من اللقاءات التي جرت خارج نطاق “أبوجا” بعد تعثرها، وكنت حاضراً لمجريات “الدوحة”، وأنا أقول صادقاً تحدثنا مع إخواننا في العدل والمساواة والحركات الأخرى وهم بيقولوا إن أكثر من (70%) من بنود الاتفاقية تمثل رغباتهم ولا يوجد في الدنيا إجماع على شيء بنسبة (100%). أفتكر إذا الاتفاقية لبت (70%) من أشواق الناس فالأحرى أن  يتفقوا على وقف الحرب ويبدأ عمل سياسي من خلاله يتم السلام.. ولا داعي للحرب.
{ أنت تقول إن هناك بنود لم يتم تنفيذها.. ما هي؟
_ أبداً.. أبداً.. الظروف الحالية للذين لم يلتحقوا بالوثيقة لم يقولوا إن السبب هو البنود التي لم تنفذ، لكن يعتقدون أن  الوثيقة ناقصة ولابد أن تكمل، وعندما نسأل عن النقص نجده لا ينعكس على ناس دارفور مباشرة.. الخلاف في قمة السلطة، أنت لو التقيت قطاع الشمال ودارفور يتحدثون عن  السلطة.
{ ولكنهم أيضاً يطالبون بإطلاق سراح الأسرى والمحكومين سياسياً؟
_ المسألة إذا كانت إطلاق سراح الأسرى أو التمتع بحريات كاملة أنت المحارب أيضاً عليك مسؤوليات، وهنالك انتهاك لحقوق الإنسان، يكون السبب الطرفين، وهما جزء لا يتجزأ من الحرب من المفترض أن يكون لديهما الإحساس بالتساوي لتقديم التنازلات الصعبة لبعضهما البعض.
{ هنالك من يتهمكم بعد مشاركتكم في الجهاز التنفيذي أنكم أصبحتم جزءاً من المؤتمر الوطني؟
_ أبداً.. وما هو العيب إذا تحدثت باسم الشريك؟ لكن نحن لنا رؤيتنا ومواقفنا داخل البرلمان وخارجه نتفق مع الوطني ونختلف معه.. ونحن الآن مختلفون مع الوطني، هو يريد أن تحكم دارفور بولايات داخل إقليم ونحن نريد العكس.
{ ماذا تقدمون للنازحين في المعسكرات؟
_ أحترم النازحين وأقدر الظروف الصعبة التي يعيشون فيها، لكن آن الأوان لتحكيم صوت العقل وتناول الأمر بصورة عقلانية ولا أريد أن يكون النازحون رهينين لتجار السياسة بالداخل أو الخارج، وعودتهم لقراهم تحفظ كرامتهم وترد اعتبارهم ولا يسقط حق وراؤه مطالب.. هم لديهم حقوق والآن هنالك قرى بنيت ولا يوجد ما يمنع أن يرجع الناس الذين لم يقتنعوا.
{ إذا رجعت ولم أجد الأمن؟
_ نحن لا نقول لأحد ارجع دون توفير الخدمات والأمن وتهيئة البيئة السليمة ووسائل العيش.
{ لكن خلال عشر سنوات وأكثر لم يتحسن الوضع؟
_ (50%) من النازحين موجودون في المدن وبعضهم يرغب في البقاء فيها، ومسألة العودة مربوطة ببرنامج طويل.
{ الحوار الوطني وصل المراحل الختامية لكن بعض الناس يتوقع هذه التوصيات ستذهب أدراج الرياح؟
_ كسودانيين ليس لدين خيار سوى الحوار، وما حدث في الفترة السابقة في تقديري أن النقاش كان بصورة كبيرة صحيحاً، صاحبت المسألة بعض السلبيات لكن من خلال مشاركتنا والطرح الذي تم أفتكر أن الناس ناقشوا بصراحة كبيرة جداً قضايا السودان في إطار توافقي، وهنالك جوانب الناس مختلفون حولها وهذه أفتكر محمدة، لأن منذ استقلال السودان وحتى الآن السودانيون بمختلف أطيافهم مختلفين أو متفقين لم يجلسوا بصراحة للحوار.. وهذا الحور لا يعني شخصاً معيناً ولا يوجد شخص له الحق الإلهي أن يكون وصياً على الناس وإذا لم يحضروا الحوار لن يتم في غيابهم، ولكن حضورهم يكسبه قيمته لأن المسألة ليست مسألة زعامات وقيادات وناس تقرر نيابة عن الشعب، لأنه لم  يفوضهم سواء أكانوا حركات مسلحة أو أحزاباً. 
{ لكن الحركات المسلحة لديها مبررات؟
_ أتمنى اليوم الذي تتوفر فيه الحريات الكاملة حتى يخرج السودان من ظرف الاستقطاب السياسي والتقاطعات السياسية ويكون الجو أكثر ملاءمة، بعد ذلك نرى من الذي لديه جماهير، لأنه لا يوجد شخص الآن يستطيع أن يقول إن الشعب السوداني في يده أو يتحدث باسمه. نحن نتحدث عن أشواق الشعب، لكن لا نستطيع التحدث باسم الشعب.. والأهم الآن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتنفيذ ما تم الاتفاق حوله يستدعي إعادة النظر في أجهزة الدولة كافة ويحتاج لتعديلات واستحداث تشريعات جديدة، بحيث نستطيع استيعاب هذه المرحلة.. نحتاج لآليات تتعامل مع هذه المسألة بمسؤولية وشفافية، ويفترض بعد ذلك ما وصلنا إليه ينزل إلى الناس حتى يجد مساندتهم ومباركتهم ببسط هذه المسألة على مستوى القواعد، ليقتنع المواطن بأن هذه المسألة نتاج جهد مقدر يلبي رغباتهم.
{ هل توقفت توقيعات النواب بشأن الجلسة الطارئة؟
_ أعتقد يمكن طرح الموضوع في جلسة عادية في البرلمان، لكن بمجرد أن أصدرت هيئة قيادية المجلس قراراً كان بمثابة  قرار نهائي من البرلمان ولا يوجد معنى للتوقيعات، والناس يحتفظون بالتوقيعات لاستدعاء وزير المالية والطاقة في الجلسة العادية، لأن الظروف التي تستدعي ذلك قد انتهت والمجلس وضع شروطاً معينة فيما يتعلق بإجراءات الغاز.
{ هي شروط حفظ ماء الوجه أليس كذلك؟
_ لا.. لا.. ليس كذلك أنت إذا أعطيت العامل مبلغاً من المال يعادل زيادة السعر تكون حللت المشكلة.. وأنا أقول هذه البلد فيها ناس مقتدرين ويشترون بنفس السعر الذي يشتري به الشخص الفقير، يبقى نحن يجب أن نفرق بين هذه المسائل ويجب على الدولة التعامل مع هذا الأمر بفهم واسع والشخص الذي راتبه (600) جنيه بالكاد يوفر لقمة العيش ولا يستطيع توفير الإيجار، وهنالك آخرون مرتاحون وآخرون لا يجدون عملاً.
{ لكن المقتدرين يدفعون الزكاة والضرائب والجبايات؟
_ الزكاة لو أصلاً أنت لديك مال حال عليه الحول، هذا أمر ديني.
{ لكنه يدفع ضريبة؟
_ الضريبة لو قارناها مع الدول الأوروبية سنجد الفارق كبيراً، هنا الناس يتهربون من الضريبة والبعض يعمل من داخل سياراته، وهذا عمل خارج المظلة الضريبية ويأتي ليأخذ الغاز المدعوم والبنزين المدعوم.. نحن محتاجون لإعادة النظر في الدعم، يمكن أن يأتي بطرق مختلفة.. لابد من التفكير.. لماذا نحن لا نزيد إنتاج البلد، ويفتح الباب للناس لزيادة الإنتاجية.. أنا لو شاوروني عن عدد (100) ألف وظيفة بولاية الخرطوم سأحولها للإنتاج لأنه في هولندا مدينة تصدر زهور بـ(6) مليارات دولار سنوياً  تساوي ميزانيتنا.. السودان لديه مقومات الإنتاج من أرض ومناخ وأيدٍ عاملة، فقط ينقصه التخطيط والإرادة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية